عودنا ماريو السمكري على مشاهدته دائماً بارعاً في الركض والقفز في ألعاب الفيديو، لكن بارابا الرابا أقلق ماريو حول سنه وحيال مكانته في منازل الناس. وعقد الناشطون في مجال ألعاب الفيديو التي تُعرض على شاشات أجهزة الكومبيوتر اجتماعاً عاماً في أطلنطا بداية الشهر على هامش المعرض الخاص بالترفيه الالكتروني المسمى معرض "الكترونيك انترتينمنت اكسبو" الذي تجرى فيه المعركة السنوية بين عمالقة الناشطين في مجال الألعاب الالكترونية وبين ألعابهم. وتعني المعركة العام الجاري، في المقام الأول، مواجهة بين شركة نينتندو، صانعة نينتندو 64، وماريو السمكري، وبين شركة سوني، صانعة بلاي ستيشن وبارابا الرابا. ويتساءل البعض عن الظروف التي أدت إلى نشوء هذه المواجهة، فحتى ثلاثة أعوام خلت لم تطرح سوني في تاريخها لعبة فيديو في الأسواق، لكن في خريف 1995 طرحت شركة سوني كومبيوتر جهاز بلاي ستيشن في الأسواق. وكان يُظن أنه من الحمق ان تدخل شركة كبيرة مثل سوني، تنشط في مجال الالكترونيات الاستهلاكية والترفيه، ومخترعة ال "ووكمان" والمشاركة في إرساء المقاييس الخاصة بأقراص الموسيقى المدمجة، رحاب نشاط دوري يتأثر بتقلبات الأوضاع الاقتصادية مثل ألعاب الفيديو. ففي سوق هذه الألعاب زبائن لا يسهل التعامل معهم تراوح أعمارهم بين عشر سنوات وأربعة عشر عاماً، فضلاً عن أن هذه السوق خاضعة لهيمنة شركتين متنافستين على نحو حاد جداً هما "نينتندو" و"سيغا". لكن سوني رمت بنفسها من دون مقدمات في مجال ألعاب الفيديو وسجلت نجاحاً مرموقاً، إذ باعت حتى الآن أكثر من عشرة ملايين محطة بلاي ستيشن ألعاب بليستيشن، أي محطة لكل عشر أسر في الولاياتالمتحدة. والمقدر ان مبيعات بليستيشن عززت ارباح شركة سوني كورب الأم بما راوح بين 510 و680 مليون دولار في العام الضريبي الذي انتهى بنهاية آذار مارس الماضي. وتقول مجموعة "ان بي دي" الناشطة في مجال أبحاث السوق، ان سوني تسيطر على 59 في المئة من السوق الأميركية، بينما لا تتجاوز حصة نينتندو 32 في المئة، وحصة سيغا تسعة في المئة. وتشير أرقام المبيعات في خلال الربع الأول من العام الجديد إلى أن سوني تزيد حصتها في السوق وتعززها. زخم قوي ويقول لاري ماركوس، المحلل لدى "بي تي الكس براون": "تنعم سوني بزخم قوي في هذه السوق ولا توجد جهة بوسعها انزال سوني عن عرشها حالياً". وكانت سوق ألعاب الفيديو، قبل إطلالة سوني عليها، موزعة بين سوبر نينتندو انترتينمنت سيستم وبين سيغا جنيسيس واستخدمت الشركتان معالجات بستة عشر بت وهي شرائح توفر الرسوم التخطيطية والصوت والمعلومات الأخرى المطلوبة في 16 بتاً. لكن فيما تتراجع قيمة القوة الكومبيوترية، وفيما يزداد سأم اللاعبين بهذه الألعاب على هذه الأنظمة، حان الوقت لبروز أجهزة بوسعها معالجة المعلومات على نحو أسرع بغية عرض حركة على الشاشة أكثر جذباً للاهتمام والانتباه وأكثر إثارة مما يعرض حالياً. واغتنم الفرصة منافسون جدد ودخلوا الحقل وكان بينهم سوني. وعلى رغم ان الشركة ممثلة بفرعها في أميركا كانت عديمة الخبرة نسبياً في مجال الألعاب، كان للشركة تاريخ ناجح حافل في مجال الالكترونيات الاستهلاكية مثل الأفلام السينمائية والمنتجات الموسيقية، بالاضافة إلى خبرتها في مجال التعاون مع الفنانين المبتكرين. وكانت سوني تعرف أيضاً ان صناعة الألعاب لا تعاني فقط من محدودية التكنولوجيا الخاصة بالستة عشر بتاً، بل من ضعف آخر ألا وهو ان الألعاب تخزن في خراطيش مما سهل عملية تشغيل الألعاب أو ممارستها، لكن الخراطيش غالية الثمن ولا يمكن صنعها بسرعة، وبناء عليه تبنت سوني "صيغة" القرص المدمج قرص الليزر الذي يسمح لمزيد من المطورين بأن يبتكروا ألعاباً مع تخفيف عبء الكلفة أو الثمن على كاهل المستهلك. وبوسع سوني، إذا انتجت المزيد من الألعاب، أن تخدم عدداً أكبر من الناس، كماً وسناً، من الذين تخدمهم نينتندو وسيغا والذين تراوح أعمارهم بين عشر سنوات وأربعة عشر عاماً. كما تستطيع اشباع رغبات من هم أقل من الثلاثين عمراً وأكبر ممن هم في ذلك العمر، والذين كانوا هدف منتجي ألعاب الكومبيوترات الشخصية. واستهدفت سوني طلاب المدارس الثانوية، الذين يشاهدون التلفزيون ويذهبون إلى أسواق التبضع والملاهي، وطلاب الجامعات الذين يملكون الوقت والحرية وبطاقات الائتمان، وصغار المهنيين الذين كانوا لا يزالون على غير استعداد لتحمل المسؤولية بكاملها عن البذلات الجديدة التي تمتلئ بها خزاناتهم. أنظمة وعندما تم طرح لعبة بليستيشن في الأسواق في أيلول سبتمبر 1995، كان في السوق ثلاثة أنظمة مما يسمى أنظمة الجيل الثاني وهي بالاضافة الى جهاز سوني نظام "ساتورن" من انتاج سيغا، ونظام "أتاري جاغوار" من شركة ثري دي او. وكانت نينتندو لم تطرح بعد جهازاً جديداً انتجته في 1996 لكن أتاري وثري دي او لم يتمكنا من التغلب على سيغا وسوني القويتين. وكان نظاما سيغا وسوني متشابهين فكلاهما يستوعب اثنين وثلاثين بتاً وكلاهما على قرص مدمج ويكلف كل منهما نحو 300 دولار، لكن الألعاب كانت مختلفة عن بعضها فمن ألعاب سيغا كان فيرتشوال فايتر وكانت هذه الألعاب محبوبة يقبل عليها محبوها لكن الشركة لم تكن تستطيع انتاج ما تنتجه سوني من مختلف الألعاب. وخلال العام الأول من نشاطها طرحت سوني نحو مئة برنامج طورها عشرات الناس اما باعوا برامجهم الى سوني أو وزعوا برامج يمكن استخدامها في بلاي ستيشن. وبسبب هذه الترتيبات لم تطور سوني نفسها إلا خمسة برامج من أصل العشرة الأكثر مبيعاً في ذلك العام. أما البرامج الخمسة الأخرى فطورتها ثلاث شركات منفصلة عن سوني ولها خبرة في مجال الألعاب، هي نامكو وسيغنوسس واوبي سوفت. ويقول أندرو هاوس، نائب الرئيس المسؤول عن التسويق في "سوني كومبيوتر انترتينمت اوف أميركا"، "كانت مشاركة هذه الشركات حاسمة الأهمية" فلم تكن سوني جذابة بالنسبة الى محبي الألعاب. لكن محبي الألعاب كانوا يعرفون جيداً شركات مثل نامكو التي طورت ألعاب القتال في باحة "تيكن"، ولهذا عندما عرضت نامكو تيكن على بلاي ستيشن أثارت اهتمام محبي الألعاب وانتباههم. ولم تختف نينتندو، ففي معرض الترفيه الالكتروني، المسمى الكترونيك انترتينمنت اكسبو، الذي اقيم عام 1996، عرضت الشركة نظامها الجديد بتقنية 64 بت المسمى نينتندو 64 وسجلت نجاحاً فورياً. لكن بالنظر الى انه كان جذاباً بالنسبة الى من هم بين العاشرة والرابع عشرة من العمر، أضرّ أكثر ما أضرَّ بحصة سيغا من السوق، بينما بقيت مبيعات سوني جيدة بين الكبار أو الأكبر سناً. وتمكنت نينتندو من تقديم عدد من الألعاب يقل عن عدد ألعاب سوني وبتكلفة أكبر بالنسبة الى المطورين والمستهلكين بسبب تمسكها بالخراطيش التي لم تعد وعاء حديثاً لخزن البرامج. وحتى الآن لم يسجل ما جاء بعد نينتندو 64 النجاح الذي حققه ماريو 64 الذي بيع منه أكثر من أربعة ملايين نسخة منذ طرحه في الأسواق. لكن نجاحات بلاي ستيشن تزداد تعززاً، فقد نشأت هالة كبيرة حول بارابَّا الربَّا، وهي اللعبة الموسيقية التي يتعين على اللاعبين فيها أن يفعلوا ما يفعله "رئيسهم" أو "قائدهم"، وتقدر مبيعاتها بنحو 170 ألف نسخة، وباتت الشغل الشاغل للأحداث بين العاشرة والعشرين من العمر، وحتى الذين يجاورون العشرين من العمر، منذ طرحت في السوق العام الماضي. وبيع من توم ريدر التي طورتها شركة ايدوس وتتضمن الصبية لارا كروفت، نحو 1.7 مليون نسخة، على حد ما تشير اليه التقديرات، وكان المشترون في معظمهم ذكوراً من الأعمار كافة. وأعلنت سيغا أخيراً شراكة بينها وبين مايكروسوفت وشركات أخرى لانتاج نظام وحدة ألعاب فيديو بتقنية 128 بت يسمى دريمكاست. لكن من غير المنتظر أن يُطرح هذا النظام في أسواق الولاياتالمتحدة قبل آخر العام المقبل. ومن جهة أخرى تنوي سوني الدخول الى عرين نينتندو في السوق من طريق تقديم برامج للأولاد الذين هم دون الثانية عشرة من العمر. ويقول هاوس: "لم ندخل سوق الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً، فالذين هم دون هذه السن لا يعرفون حتى بوجود بلايستيشن ونحن سنعرّفهم بها قريباً".