تعقد محكمة الميدان العسكرية الكبرى جلستها الثانية غداً السبت في مقرها في رئاسة قطاع الدفاع الجوي في المنطقة العسكرية في العمارات، لمحاكمة أربعة متهمين بزرع متفجرات في مدينة ود مدني وسط السودان، وإثارة الحرب ضد الدولة والتخريب والدعوة إلى معارضة السلطة بالعنف أو القوة الجنائية وتنظيم الارهاب. وقدمت هيئة المحكمة طلب استدعاء باحضار متهمين من خارج السودان عبر صحف الخرطوم المحلية أول من أمس، في مقدمهم السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة رئيس الوزراء السابق وابنه الملازم الأول عبدالرحمن والدكتور عمر نورالدائم الأمين العام لحزب الأمة وهو وزير سابق، إضافة إلى 15 متهماً آخرين ينتمون إلى المعارضة. ويضاف هؤلاء إلى المتهمين الأربعة الموقوفين وهم رحمة الله البشير ادريس وحمدنا الله محمد عبدالله ومحمد خيري يوسف وماهر عبدالقادر. في غضون ذلك، صرح السيد علي محمد عثمان يس وزير العدل النائب العام، بأن تشكيل محكمة عسكرية للنظر في القضية أملته "اعتبارات موضوعية" تمثلت في أن المتهمين يواجهون تهماً خطيرة تتعلق بزعزعة أركان السلطة وترويع المجتمع، إضافة إلى أن أغلب المتهمين من العسكريين السابقين الذين "يريدون، بتوجيه من آخرين، زرع القنابل لقتل الأبرياء ونسف المنشآت". وأضاف في تصريحات صحافية ان المحكمة العسكرية الكبرى التي شكلها الفريق عمر البشير بصفته القائد العام للقوات المسلحة "تشكلت بعد استئذان وزير العدل لتطبيق قانون القوات المسلحة على المتهمين"، مشيراً إلى حرص وزارة العدل "على توفير مستشارين قانونيين من الوزارة للدفاع عن المتهمين أو دفع اتعاب محامين". وقال: "إن لا تناقض ان مثلت الوزارة بجانب الاتهام، لأن الوزارة تمثل المجتمع وتحرص على سلامته وبالتالي لن تكون حريصة على دمغ بريء بجُرم لم يرتكبه". من جهته، أوضح السيد أحمد المفتي، مدير إدارة حقوق الإنسان في وزارة العدل، ان "قانون القوات المسلحة لعام 1986 يجوز تقديم مدنيين إلى محاكم عسكرية شرط استئذان وزير العدل والنائب العام"، موضحاً ان المحكمة المعنية بقضية تفجيرات ود مدني تميزت بإتاحة الفرصة لظهور محامين إلى جانب المتهمين، وأقرت بعلانية المحاكمة وسمحت للاعلاميين بنقل وقائعها وذلك تمشياً مع نصوص الدستور الجديد. لكن علي محمود حسنين، المحامي السوداني المعروف والقيادي في الحزب الاتحادي الديموقراطي المحظور قال ل "الحياة" إن تقديم مدنيين إلى المحاكم العسكرية يعتبر "أمراً باطلاً قانونياً"، مشيراً إلى السابقة القضائية في 1974 والتي تقدم فيها بطعن دستوري نيابة عن نصر عبدالرحمن ضد الرئيس السابق جعفر نميري والسلطة التشريعية لتقديمهم اياه عبدالرحمن إلى محكمة عسكرية. وقد ألغت الدائرة الدستورية أمر تشكيل المحكمة الذي أصدره النميري، كما ألغت قانوناً بكامله قانون معاقبة الخيانة والفساد لتعارضه مع الدستور. وقال إن اعلان وزارة العدل ان قانون القوات المسلحة لعام 1986 يبيح تقديم مدنيين إلى محاكم عسكرية "أمر مغلوط"، مشيراً إلى أن المحاكم العسكرية خصصت لمحاكمة العسكريين فقط. وقال إن السوابق القضائية في السودان والأعراف واللوائح الدولية تحظر تقديم المدنيين إلى محاكم عسكرية. وشدد على "أن القضاء المدني يملك من الخبرات والتجارب ما يؤهله النظر في القضية موضوع النقاش. وان الحديث عن اعتبارات خاصة للقضية يعتبر تشكيكاً لا مبرر له في قدرة القضاء السوداني". واعتبر تقديم وزارة العدل لعدد من مستشاريها للدفاع عن المتهمين في الوقت ذاته الذي تمثل الاتهام "وضعاً شاذاً لا يحقق مظهر العدالة"، نافياً ما أوردته وزارة العدل من أن قانون القوات المسلحة لعام 1986 يلغي ما قبله من سوابق قضائية. وشدد على أن "السوابق فوق القوانين". ولفت إلى أن محاكم الميدان التي قُدم المتهمون إليها نص القانون العسكري على انشائها "في ميادين القتال فقط، الأمر الذي لا ينسجم مع مدينة ود مدني الذي جرت فيها محاولات التفجير". ويشار إلى أن مجموعة المحامين المنضوين إلى "التحالف الديموقراطي لاسترداد الديموقراطية" الذي يمثل القوى السياسية السودانية كافة عدا الجبهة الإسلامية، لم تتقدم حتى الآن بطلب للدفاع عن المتهمين الأربعة حضورياً خلافاً لمواقفهم السابقة في الدفاع عن المتهمين في القضايا السياسية، وذلك لقرارهم القاضي بعدم الوقوف أمام المحاكم العسكرية، إضافة إلى عدم تبني أي من قوى المعارضة للمتهمين.