تزايد القلق في بلدين اوروبيين متوسطين، في الفترة الاخيرة، من كثافة موجات المهاجرين على نحو غير مشروع من المغرب العربي. واعلنت الحكومات المعنية انها اتخذت كل التدابير لفرض رقابة مشددة على السواحل ونقاط العبور ومنع تدفق هؤلاء المهاجرين. وتركز القنوات التلفزيونية الايطالية منذ ايام على حوادث ضبط مهاجرين مغاربيين يأتون سراً، عبر البحر عن طريق تونس، بينما عززت اسبانيا وجودها العسكري في شمال المغرب على طول حدود مليلية المحتلة مبررة الاجراءات الجديدة بتعزيز الرقابة على حركة الهجرة السرية من المغرب الى اسبانيا، مما ادى الى نوع من التوتر في العلاقات الثنائية. جزيرتان وباشر الاسبان وضع اسلاك شائكة على مسافة طولها عشرة كيلومترات على حدود مليلية. اما بالنسبة الى ايطاليا فقد دخلت في جدل مع تونس على مسؤولة كل منهما في التهاون في فرض الرقابة على الهجرة السرية. عبر البحر وبث التلفزيون الايطالي اكثر من مرة خلال الاسبوع الماضي مشاهد رجال الشرطة وحرس السواحل، وهم يعتقلون مهاجرين سريين في عرض جزيرتي بانتليريا ولامبيدوزا في مضيق صقلية. وبدا هذا التركيز الاعلامي تمهيداً للنداء الذي وجهته الحكومة الايطالية الى الحكومات المغاربية لحضها على اتخاذ مزيد من الاجراءات لمكافحة الهجرية السرية. السلطات التونسية، من جهتها، اكدت انها نفّذت ما تعهدت به لفرض رقابة مشددة على سواحلها، واعتبرت ان الايطاليين لم يظهروا التعاون المطلوب لتنسيق تدابير الرقابة على جانبي مضيق صقلية، على رغم نداءات التونسيين المتكررة في هذا الصدد. وكشف وزير الداخلية التونسي السيد علي الشاوش لدى استقباله اخيراً وفداً اعلامياً ايطالياً ان رجال حرس السواحل التونسيين ضبطوا اكثر من 8600 شخص كانوا يتهيأون للتسلل الى ايطاليا بين 1995 ونهاية الشهر الماضي. واوضح ان تونس "طلبت مرتين على الاقل من الحكومة الايطالية التعاون في مكافحة الهجرة غير المشروعة الا انها لم تتجاوب حتى الآن". واشارت الى ان القوانين "صارمة" في هذا المجال، وان السلطات يقظة دائماً وملتزمة اجراءات الرقابة على طول السواحل وردع المخالفين. جسر رئيسي وتشكّل مراكب الصيد التي تنطلق من الموانئ التونسية الى مضيق صقلية، في كل ليلة، الجسر الرئيسي للهجرة غير المشروعة ليس فقط للتونسيين وانما كذلك للمغاربيين والأفارقة الباحثين عن عمل في جنوبايطاليا، او الذين يستخدمون الموانئ الايطالية معبراً الى بلدان اوروبية. ويشكوا التونسيون من ان طول السواحل البالغة 1300 كيلومتر، ووجود ميناء للصيد كل اربعين كيلومتر تقريباً، يجعل الرقابة على السواحل امراً صعباً ومكلفاً جداً، مما حملهم على طلب التعاون مع الايطاليين للحصول على معدات وتجهيزات متطورة للمراقبة. لكن روما لم تظهر استعداداً للتعاون. ويشدد التونسيون في هذا السياق على ان مقتضيات التنمية تجعل اوليات اخرى تتقدم على شراء وسائل متطورة لمراقبة السواحل. ويُعتقد ان ميناءي صفاقس 250 كيلومتراً جنوب العاصمة والمهدية 200 كيلومتر جنوبتونس يشكلان قاعدتي الانطلاق الرئيسيتين للمهاجرين غير الشرعيين، نظراً الى كثافة سفن الصيد فيهما، وقربهما من السواحل الايطالية التي يفصلها عن تونس خمسون ميلاً. والرحلة الى جزيرتي بانتيليريا ولامبيدوزا، من سواحل تونس لا تستغرق اكثر من ثلاث ساعات. ورقة ضغط وقد يكون ذلك وراء تلميحات مصادر اعلامية في ايطاليا الى ان التونسيين قد يكونون استخدموا المهاجرين غير الشرعيين ورقة ضغط على روما لحملها على وضع حدّ لاختراق سفن صيد ايطالية المياه التونسية غير مرة، مما سبب حوادث مع خافرات السواحل التونسية. لكن تونس تنفي ذلك في شدة. واكد وزير داخليتها اخيراً، لصحافيين ايطاليين، ان حراسة السواحل مستمرة على مدار الساعة، وان القوانين تفرض عقوبات تصل الى السجن سنة كاملة على مرتكبي المخالفات. وأفاد نائب وزير الداخلية الايطالي رينو يسرّي في تصريحات للقناة الاولى الايطالية الاسبوع الماضي ان التونسيين والايطاليين يعكفون حالياً على تفعيل اتفاقين ثنائيين يتعلقان بتشديد الرقابة على السواحل واعادة المهاجرين غير الشرعيين الى بلدانهم الاصلية. الا ان التونسيين ما زالوا يؤكدون ان تطوير تجهيزات الرقابة يلعب دوراً مهماً في التنفيذ الجيد للاتفاقين.