الاستاذ جهاد الخازن تحية طيبة وبعد تعقيباً، وليس تعليقاً، على مقالتك هذا اليوم 6 تموز/ يوليو 1998 والتي قلت فيها: "اتمنى ان يأتي يوم يبرز فيه كتاب عرب او ممثلون او صناعيون او غير ذلك في الغرب"، اروي لك القصة الآتية: بينما كنت طالب دكتوراه في احدى جامعات ايست ميدلاند انكلترا في منتصف السبعينات، زار الجامعة بروفسور بولوني لقضاء بضعة اشهر، كأستاذ زائر، وكان يهودياً. اعجبته الجامعة ونمط الحياة البريطانية والجنيه الاسترليني، على رغم هبوطه المستمر حينذاك، فقرر البقاء! فماذا كان من ابناء دينه؟ اوجدوا له وظيفة بروفسور تأريخ اوروبي في جامعة مجاورة، ومنحوه او اقرضوه لست متأكداً مبلغ احد عشر الف جنيه ليشتري بيتاً وهو مبلغ كاف لشراء بيت محترم في الميدلاند تلك الايام، فعاش سعيداً منعماً ولم يعد الى عشه الذي هجره! وكان في الوقت نفسه زائر آخر، ولكن في قسمنا، الكيمياء الحياتية، وكان بروفسوراً اميركياً عربياً. وتوطدت بيننا علاقة متينة. وبعدما امضى سنة كاملة في الابحاث وأراد العودة الى الولاياتالمتحدة - والعود احمد - دعاني الى زيارته هناك. شددت الرحال لزيارته بعد حصولي على الشهادة بعد عام على مغادرته ايانا. استقبلني استقبالاً جميلاً، ومنذ ان عرف ان في نيتي البقاء هناك، تغير كل شيء! اخذ يثبط همتي باخباري ان ليس ثمة عمل لي في الولايات لمتحدة، بطولها وعرضها. وفي اليوم التالي تعرفت الى بروفسور اميركي من اصل ألماني. وبعد ان كلمته باللغة الالمانية، سرّ كثيراً، وطلب مني البقاء والعمل. ولما اخبرته بعدم وجود فرصة عمل هنا، ضحك، وقال ان استاذ المناعة بحاجة الى باحث علمي، واخذني اليه. وبعدما مدحني امامه، طلب منه - وهو زميله - ألا يقبل احداً غيري، فوعده استاذ المناعة خيراً. رجعت بعد هذا الى بريطانيا فلم اسمع منه اي خبر! هل بدل الاستاذ رأيه فيّ؟ هل خرب صديقي العربي هذه الوظيفة؟ لست ادري. لكنني اعرف انه كان ممتعضاً من فكرة البقاء. ربما قلت انها حال فردية وحيدة. انها ليست كذلك، ولدي امثلة كثيرة مشابهة. المشكلة هي اننا لا نزال نغني: ونشرب ان وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا لا اريد ان اعلق، كما ذكرت في اول الكلمة، لأن التعليق معقد يتناول التقاليد والعادات والقبليات والجينات وغيرها، ورحم الله أبا العلاء المعري