باريس - أ ف ب - ظاهرة العنف في مجال كرة القدم تتجلى اغلب الاحيان على صعيد الأندية ونادرا جداً على صعيد المنتخبات، باستثناء المنتخب الانكليزي الذي يرافقه في تنقلاته بانتظام مئات من مثيري الشغب الذين اثبتوا وجودهم منذ المباراة الاولى لمنتخبهم ضد تونس في مرسيليا. وقال كريستيان برومبيرجيه مدير معهد علم الاتنيات المتوسطية في جامعة "ايكس ان بروفانس" خلال ندوة في باريس "ان جمهور النادي غير جمهور المنتخب" باستثناء انكلترا حيث الحماسة تبقى على المستوى ذاته. ونظم هذه الندوة معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية وجمع مدير المعهد باسكال بونيفاس اعمال الندوة في وثيقة اطلق عليها اسم "الجغرافيا السياسية لكرة القدم". ويفيد البروفسور برومبيرجيه ان الحماسة لكرة القدم هي الاقوى في انكلترا حيث شهدت هذه الرياضة ولادتها عندما كانت البلاد في خضم الثورة الصناعية. ويدعم رينيه جورج كيريه المسؤول عن الامن في كأس العالم فكرة ان العنف مرتبط بالاندية في المرتبة الاولى. ويقول في هذا الاطار ان "شعور المجموعة احد ثوابت النوادي لكنه اقل وقعاً على مستوى المنتخب الوطني". لكن هنا ايضا يبقى المشجعون الانكليز والهولنديون الاكثر عنفاً. ويؤكد كيريه ان "غالبية الاندية الفرنسية لا تضم اكثر من 30 الى 40 مشجعاً عنيفاً". ويفيد اينياسيو رامونيه الاستاذ في جامعة باريس السابعة ومدير "لوموند ديبلوماتيك" ان هذه الظاهرة تأخذ حجماً اكبر قبل بطولة كأس العالم "اذ ان اي حدث رياضي آخر لا يثير هذا القدر من الحماسة والدليل على ذلك ان الشركات الكبيرة تتولى الدعاية". ويرى رامونيه ان كرة القدم ساهمت دائماً في "الابقاء على شعور متعصب" موضحاً ان المباريات تشكل "حرب طقوس مع ما يرافقها من اناشيد ورفع اعلام وطنية وحضور قادة الدول والحكومات". ويقول رامونيه ان كرة القدم تترافق دائماً مع "تعابير حربية" مثل "هجوم ودفاع وتكتيك وانتصار وهزيمة" مذكراً بتصريحات للمهاجم الكاميروني السابق روجيه ميلا قال فيها "انا ضابط احتياط فخور بخدمة بلادي منذ 20 عاماً". ومن ثوابت كرة القدم ايضا انها تؤجج القوميات. فنادي اتلتيك بلباو الاسباني مثلا لا يضم سوى لاعبين باسكيين. وشهدت العقود الاخيرة امثلة كثيرة عن انفجار هذه القوميات كما كان يحصل في الاتحاد السوفياتي السابق خلال المباريات بين سبارتاك موسكو نادي الجيش ودينامو تبيليسي او دينامو كييف. والوضع كذلك في يوغوسلافيا السابقة حيث ادت اعمال عنف عرقية في 13 ايار مايو 1990 الى سقوط 61 جريحا بينهم 27 شرطيا خلال مباراة بين دينامو زغرب كرواتي والنجم الاحمر بلغراد صربي. يضاف الى ذلك الاشتباكات المنتظمة في تشيكوسلوفاكيا السابقة بين مشجعي سلوفان براتيسلافا وسبارتا براغ. وفي 21 ايار مايو 1988 في انكلترا باشر الناشطون في الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ممارساتهم خلال مباراة بين انكلترا واسكتلندا اسفرت عن مقتل شخص وسقوط 90 جريحا