كانت الأشهر القليلة الماضية حافلة باستعادة مركزة لواحدة من أهم الروائيات الانكليزيات على مدى العصور، ونقصد بذلك الروائية جين اوستن التي وضعت مجموعة مهمة من الاعمال الروائية في القرن التاسع عشر، وما زالت كتبها تطبع مرة بعد أخرى بالعديد من اللغات العالمية. ففي السنة الماضية استرجعت السينما والتلفزيون معاً أهم روايات جين أوستن، وحولتها الى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية حققت نجاحات بارزة على المستوى العالمي. وحصدت هذه الافلام والمسلسلات جوائز عدة في العديد من المهرجانات الفنية، وحصل ابطالها، ومنهم الممثلة البريطانية ايما طومسون، على الكثير من المقالات النقدية الايجابية. وكان من الطبيعي ان تترافق الهجمة السينمائية والتلفزيونية هذه مع اهتمام متجدد بقراءة كل ما خلفته جين اوستن من أعمال أدبية. واذا كان محبو هذه الأديبة الكبيرة سعداء بهذا الاعجاب المستمر، الا انهم عبروا عن قلقهم من ظاهرة اخرى سلبية تكاد تلحق الضرر البالغ بالبيت الذي عاشت فيه جين اوستن طيلة حياتها في احدى المناطق الريفية البريطانية الجميلة. يقع البيت في قرية تشاوتون بمقاطعة هامبشير الريفية، وهو ما زال على الطراز الريفي القديم حتى بعد ان تحول الى متحف خاص بحياة جين اوستن وبعض مخلفاتها الشخصية والأدبية. ومع ان البيت - المتحف يظل مفتوحاً للزوار على مدار العام، إلا انه أخذ يتعرض أخيراً - ونتيجة للشهرة المتجددة بسبب الاعمال السينمائية والتلفزيونية - لغزو من حوالى 700 زائر في اليوم... وهو رقم كبير جداً بالنسبة الى بيت ريفي قديم بالكاد كان يستقبل من عشرين الى خمسين زائراً في الماضي. والمعروف ان جين اوستن نشرت، خلال اقامتها في هذا البيت، رواياتها الثلاث الأبرز: "إحساس وحساسية"، "كبرياء وانحياز"، و"ايما". وهذه تحولت الى السينما والتلفزيون وشاهدها عشرات الملايين. وهكذا صار من الطبيعي ان يسعى بعض هؤلاء لزيارة المنطقة التي دارت فيها الاحداث... وكذلك البيت الذي عاشت فيه المؤلفة. ويقول مدير البيت - المتحف طوم كاربنتر ان المكان لم يعد يحتمل المزيد من الزوار "فقد بدأت اخشاب البيت بالتضعضع، والأرضية تصدر أصواتاً تشير الى خلخلة فيها، والسلالم لم تعد قادرة على استيعاب حركة الاقدام... ان البيت عندما اقيم قبل مئات السنين لم يكن في الحسبان هذا العدد الضخم من الزوار". ومع ذلك لن يغلق البيت أمام أي زائر، والأمل الآن هو ان تهدأ الحركة وتعود الى سابق عهدها... وتعود قرية تشاوتون الى سكينتها الدهرية