قد يعتقد البعض بأن نجاح فيلم "تايتانيك" في دور العرض السينمائي كما في المهرجانات السينمائية العالمية، على رغم كلفته العالية البالغة 200 مليون دولار اميركي وهي الاعلى في تاريخ هوليوود، يمكن ان يشجع شركات صناعة الفيلم على المغامرة في انتاج افلام جديدة تتجاوز ميزانياتها المئة مليون دولار… لكن الانباء الواردة من كواليس تلك الشركات تظهر ان العكس هو الصحيح! فالمؤشرات في هوليوود تؤكد ان الشركات الكبرى اخذت تعيد حساباتها في عدد من المشاريع الضخمة التي كان يتوقع لها ان تتجاوز المئة مليون دولار. ولا يعني هذا ان الاهتمام سينصب فقط على الافلام ذات الميزانيات المنخفضة، بل كل ما في الامر ان تلك الشركات تريد ان تسترجع سيطرتها على المصاريف التي خرجت عن نطاق المعقول في السنوات القليلة الماضية مع كل ما يعنيه ذلك من مخاطر الفشل وبالتالي وقوع خسائر باهظة قد لا تتحملها الشركات على المدى البعيد. وحتى الآن تبين ان ثلاثة مشاريع افلام وقعت ضحية التوجه الجديد لدى الشركات الاميركية الكبرى في صناعة السينما، ويتوقع المراقبون الكشف عن ضحايا جدد خلال الاشهر القليلة المقبلة بعد ان تحذو الشركات المتوسطة الحجم حذو منافساتها الكبريات اللواتي وضعت المكابح على عجلات الانفاق غير المحدود. الخطوة الاولى اقدمت عليها شركة"يونيفرسال" عندما وضعت على الرف، في آذار مارس الماضي، مشروع فيلم "هالك" HULK الذي يعتمد اسلوب الرسوم المتحركة ليقدم شخصية "الوحش الاخضر" التي حققت نجاحاً كبيراً على شاشات التلفزيون في السبعينات والثمانينات. والملفت للنظر ان قرار "يونيفرسال" جاء على رغم انها صرفت حتى الآن مبلغ 20 مليون دولار على مراحل ما قبل الانتاج وكذلك بناء المؤثرات السمعية البصرية الضرورية لمثل هذا النوع من الافلام. ويعترف كاتب السيناريو والمخرج جوناثان هنسليه بأن السبب هو الكلفة الزائدة، لكنه يؤكد ان الشركة طلبت منه خفض الميزانية بحوالى 25 مليون دولار. ويقول انه لا يعتقد بأن الفيلم انتهى الى الابد ذلك لان "يونيفرسال" دفعت حتى الآن 20 مليون دولار ومن غير المعقول ان تذهب هذه المبالغ هباء". وما ان تسربت انباء تجميد مشروع فيلم "هالك" حتى اعلنت شركة "وارنر بروز" انها اوقفت العمل على فيلم "انا اسطورة" الذي قدرت ميزانيته بمئة مليون دولار ويقوم ببطولته ارنولد شوارتزنيغر… ما فاجأ المراقبين الذين اعتقدوا بأن قصة المغامرات المستقبلية ووجود النجم العالمي شوارتزنغر كافيان لتحقيق النجاح التجاري. غير ان هذين العاملين بالذات كانا سبب تراجع "وارنر" عن الفيلم: اجرة شوارتزنغر عالية جداً والمؤثرات البصرية مكلفة جداً… والنتيجة ان الفيلم وضع على الرف حتى اشعار آخر. اما الفيلم الثالث الذي دخل عالم المجهول فهو "عصر برج الدلو" من بطولة هاريسون فورد على رغم انه من النوع الرومانسي وتدور احداثه في يوغوسلافيا السابقة ما يعني انتفاء الحاجة لموازنة ضخمة للمؤثرات الخارجية. ومع ذلك اعلنت "يونيفرسال" وضعه في الادراج الى ان تحين فرصة اخرى. ويقول المنتج شين دانيال ان السبب هو صعوبة التصوير في المناطق اليوغوسلافية السابقة من جراء اعمال العنف المستمرة في بعض الانحاء هناك. غير ان المصادر الداخلية في الشركة تؤكد ان اجرة هاريسون فورد البالغة 20 مليون دولار هي العامل الاساسي في تجميد "عصر برج الدلو". هذه نماذج اولية للتوجه الهوليوودي الجديد، وكثير من الممثلين العالميين الذين تتجاوز اجرة كل منهم العشرين مليون دولار اخذوا يعيدون حساباتهم في كيفية التعامل مع الشركات السينمائية الكبرى التي ما عادت قادرة على توقيع شيكات على بياض لانتاج افلام ضخمة ومكلفة طالما ان الارباح غير مضمونة النتائج