لم تتوقع الارجنتين ويوغوسلافيا المقاومة العنيدة من اليابانوايران، ورغم فوزيهما بهدف إلا أن التعادل كان قريبا جداً من الاسيويين وجاء السيناريو متشابها في اللقائين خاصة في اللحظات الاخيرة التي ضغط فيها الخاسر وكاد ينتزع التعادل. وقام لاعبو كرواتيا بنزهة حقيقية في مباراتهم ضد جامايكا. والفوز 3/1 لا يعكس الفارق الحقيقي بين مستوى الفريقين ولكن الكروات مالوا للاستعراض مبكرا ووفروا جهدهم واتسم اداؤهم بالحرص. جاء لقاء الارجنتين بطل العالم مرتين واليابان، الوافد الى المونديال للمرة الاولى، متكافئا حافلا بالندية وحرص الارجنتينيون دوما على تقارب خطوط الفريق للحيلولة دون اعطاء مساحات واسعة يتحرك فيها لاعبو اليابان الانشط والاسرع. وتبادل الثنائي بايتستوتا وكلاوديو لوبيز رأسا الحربة التحركات العكسية لخلخة دفاع اليابان ونجحا مرارا في الهروب من الرقابة واستغل باتيستوتا خطأ دفاعيا ليسجل هدف المباراة الوحيد وتدخلت العارضة بعناد لتحرمه من هدف ثان ولكنه اثبت انه احد ابرز المهاجمين في البطولة. وقاد المخضرم سنسيني دفاع الارجنتين مع التنظيم والتغطية في الهجمات المعاكسة وكان افضل اللاعبين خططيا حتى اصيب في يده وخرج وتعرض فريقه لاكثر من هزة بعد خروجه. ورغم الجهد الفائق للثنائي فيرون واورتيغا في خط الوسط الا ان الفائدة كانت قليلة لفريق بسبب اخطاء التمرير والتسديد من الاول والبطء مع محاولات المراوغة الزائدة من الثاني. وعاب الارجنتيني عدم استغلال الضربات الحرة المواجهة لمنطقة الجزاء رغم وفرة الضربات التي احتسبت له واتسمت تسديداته بالقوة على حساب الدقة واصطدام معظمها بالحائط الياباني. وفي الجانب الاخر حرص الياباني على التمريرات السريعة والمباشرة من لمسة واحدة مع الانتشار في جانبي الملعب لزيادة المساحة المستخدمة والاستفادة من وفرة جهد اللاعبين، وقدم الفريق تنظيماً دفاعياً جيداً وضغطاً مباشراً في نصف ملعبه وبذل ناكاتا صاحب الشعر الاخضر جهدا فائقا في وسط الملعب ولكن دون جدوى لقلة عدد مهاجمي الفريق. ولم يسع لاعبو اليابان للتعادل بجدية الا في الدقائق الاخيرة من المباراة واهدر المدافع اكيتا فرصة نادرة برأسه، ووضح جليا ان الاندفاع الياباني لم يكن محسوبا لان كل الهجمات الارجنتينية في نهاية اللقاء اتسمت بالخطورة على مرمى الحارس كاواغوتشي. يوغوسلافيا وايران النتيجة النهائية للمباراة بفوز يوغوسلافيا على ايران بهدف لم تكن عادلة لأن الفريقين تبادلا السيطرة على الكرة والوصول الى المرمى ولولا الخطأ الفادح لخرج اللقاء سلبيا. فرض الايرانيون ايقاعهم في البداية باسلوب نموذجي في الضغط وتغطية ممتازة في الدفاع وفرض محمد خاكبور رقابة صارمة ولصيقة على اليوغوسلافي الخطير ميياتوفيتش في الشوط الاول وشل خطورته تماما وتألق محمد خاني كابتن الفريق العائد بعد غيبة طويلة واستحوذ الايرانيون على منطقة الوسط في معظم الفترات. ولكن الحذر والانكماش كان واضحا على اللاعبين ولم يندفعوا للهجوم باستثناء محاولات فردية من مهداوي كيا الظهير الايمن واحسن لاعب في المباراة ولم يتمكن اليوغوسلاف غير المترابطين من الدخول الى اجواء المباراة طوال الشوط الاول في ظل تدني غريب لمستوى النجم الاول ستويكوفيتش الذي اتسم اداؤه بالبطء الشديد ومحاولات الكشف عن مهارات لا يملكها الآن. ولم تتغير الحال في الشوط الثاني الا للاسوأ من الجانبين بسبب الانكماش الزائد من الايراني وعودة هدافه الوحيد علي دائي الى وسط الملعب. وجاءت تغييرات المدرب سانتراتش الثلاثة المتتالية والسريعة خلال عشر دقائق فقط، فتحسن اداء الفريق جدا بعد خروج ستويكوفيتش وتحرك ميياتوفيتش بحرية كاملة واستغل اللحظة التي غاب فيها عن عين خاكبور خارج منطقة الجزاء وحصل على ضربة حرة مباشرة حولها المدافع ميهايلوفيتش ببراعة بجوار الحائط البشري في المرمى. وزاد في الطين بلة، إيرانياً، نزول منصوريان المرتبك بدلاً من استيلي وبات الاول نقطة ضياع الكرة في فريقه، ولم يتغير اداء الفريق الايراني وظل علي دائي بعيدا عن المرمى. واكتشف الجميع هذا الخطأ الفادح في المرة الوحيدة التي اقتحم فيها منطقة الجزاء وحول الكرة برأسه نحو مرمى الحارس كراليي. كرواتياوجامايكا لم ينتظر الخبراء طويلا لاكتشاف تواضع مستوى الفريق الجامايكي اقل فرق المونديال مهاريا وخططيا، ولولا الحماسة الزائدة واللياقة البدنية العالية والخشونة احيانا لاستقبلت شباك الفريق عدداً وافراً من الاهداف، وتضامنت العارضة مع جامايكا لايقاف النتيجة عند 3 اهداف فقط، وساعدهم الكروات ايضا بالمبالغة في الاستعراض والمراوغة. وسيطر الكرواتي على المباراة من البداية وتخلى لاعبوه مبكرا عن التنظيم الدقيق ومارسوا اداء حرا خاليا من الالتزام وتحول معظمهم الى عمق منطقة الجزاء سعيا لوضع بصماتهم على اهداف الفريق وهو الامر الذي جعل مهمة دفاع جامايكا اسهل نسبيا في التكتل والتشتيت. ومع مرور الوقت وانكشاف في الفروق الهائلة بين مهارات الجانبين قل جهد لاعبي كرواتيا وازدادت ثقتهم بالفوز خاصة بعد الهدف السهل لستانيتش في منتصف الشوط ولم يتأثر الكروات مطلقا بهدف التعادل المباغت لجامايكا في نهاية الشوط الاول. لم تتغير الحال في الشوط الثاني ولكن التعالي من لاعبي كرواتيا حرمهم من الوصول الى عدد قياسي من الاهداف. وجاء الهدف الثاني للمخضرم بروزينتشكي برمية من غير رام وتكرر الخطأ في الهدف الثالث لسوكير الخالي من الرقابة لفترة طويلة داخل منطقة الجزاء وتمكن من استقبال الكرة وتسديدها في المرمى. الحكام في الميزان: الهولندي فان دراينده اثبت في مباراة الارجنتينواليابان انه حكم من طراز رفيع وقاد اللقاء باقتدار وحزم وفرض شخصيته بقوة على اللاعبين واجبرهم على احترامه وهو الامر الذي قلل من الالعاب الخشنة ولم يرتكب اي لاعب ارجنتيني مخالفة تستوجب انذارا من البداية الى النهاية. وما اصعب ان يجبر حكم لاعبي الارجنتين على الاداء النظيف. وأدار الحكم البطروفي البرتو نورييجا مباراة يوغوسلافيا وايران وهو من الحكام اصحاب الخبرة في المونديال، ورغم سهولة المباراة والتزام اللاعبين الا انه اعطى الفرصة للاعبي يوغوسلافيا لا سيما ستويوكوفيتش للجدال حول قراراته ثم للاعتراض بصورة متكرره وتآخر جدا في انذار ستويكوفيتش ولكن حسمه في اتخاذ القرار وقربه من مكان الاحداث قلل جداً من الخشونة و الانذارات. والحكم البرتغالي مانويل بيريرا الذي ادار مباراة كرواتياوجامايكا كان اقلهم توفيقا، ورغم احتسابه لمسة يد غير متعمدة ضد مدافع كرواتيا سولدو في بداية المباراة الا انه فاجأ الجميع بانذاره ولم يكن بيريرا حاسما في مواجهة عنف لاعبي جامايكا الذي ترجمه باحتساب عدد ضخم من الضربات الحرة من دون سعي لانذار اللاعبين الذين اصروا على ارتكاب المخالفات وأخيراً تجاهل البرتغالي ضربة جزاء صارخة لمصلحة دافور سوكر اثر عرقلة واضحة داخل منطقة الجزاء والكروات متقدمون 3-1 ويبدو ان النتيجة اثرت على قراراته.