تعتبر الشراكة بين شركة "ارامكو -السعودية" و"شل" الدولية تحالفاً استراتيجياً يدعم القدرة التنافسية للشركتين في أسواق النفط الدولية، والشركتين من أكبر الشركات الناشطة في صناعة النفط من حيث الانتاج والتكرير والتسويق في العالم. وتعتبر "ارامكو" أكبر شركة نفطية في العالم لجهة الانتاج، وتتولى مسؤولية استخراج وتصنيع الغاز الطبيعي في السعودية للاستهلاك المحلي أو للتصدير الخارجي. أما "شل" فهي أكبر شركة في العالم لجهة تكرير النفط، ولها استثمارات دولية في مجالات استخراج النفط وصناعة الغاز الطبيعي والمواد الكيماوية، وكلا الشركتين تملكان شبكات تسويق دولية تعني بتسويق منتجاتها حول العالم. فالشراكة بين هذين العملاقين هدف للدخول في المزيد من الاعمال الدولية المشتركة، إلا ان "شل" تبدي حرصاً لتوثيق هذه الشراكة بحسب رئيس مجموعة "رويال دتش" شل مارك مودي ستيوارت، لضمان حضور اكثر رسوخاً ودواماً في منطقة الخليج بصفة عامة وفي السعودية على وجه الخصوص، حيث يوجد اكبر احتياط نفطي في العالم، اضافة الى كونها مصدراً أساسياً لتوفير مختلف عناصر الصناعات البتروكيماوية والكيماوية في العالم. علاوة على ذلك فإن منطقة الخليج تشكل حلقة وصل بين آسيا والهند والصين. أما "ارامكو -السعودية" فواضح ان استراتيجيتها النفطية الأخيرة تتجه الى التوسع في الاعمال والاستثمارات الدولية المشتركة لضمان اسواق تنافسية اضافية لتسويق انتاجها من النفط الخام ومشتقاته، لذلك تأتي الاعمال المشتركة بين "ارامكو" و"شل" ضمن هذا الاطار، الا ان هذه الشراكة تتخذ بعداً استراتيجياً يميزها عن أعمال "ارامكو" المشتركة الأخرى في الداخل والخارج، كونها بين عملاقين يكمل أحدهما الآخر، وتشكل أعمالهما محور صناعة النفط والطاقة في العالم وهي بالنسبة الى "ارامكو" منفذ لتصريف انتاجها من الزيت الخام، وفرصة للاستفادة القصوى من التكنولوجيا المتقدمة التي تملكها "شل" في مجال تكرير النفط. ولعل من أبرز الاعمال المشتركة بين "ارامكو" و"شل" في الداخل شركة مصفاة "ارامكو" و"شل" ساسرف في الجبيل الصناعية شرق السعودية المملوكة للطرفين مناصفة والتي تجسد شراكة حقيقية بين هذين العملاقين حيث تستخدم تكنولوجيا التكرير المتقدمة جداً من "شل" لتكرير 300 ألف برميل يومياً من الزيت الخام الذي يصل عبر أنابيب من "ارامكو" لانتاج مشتقات نفطية عالية الجودة يقوم الطرفان بتسويقها في العالم. وهذه التجرية الناجحة لتحقيق شراكة استراتيجية بين الشركتين دفعت الطرفان الى تطوير علاقتهما للدخول في شراكة دولية في الخارج، اي على أرض طرف ثالث يكون شريكاً ضمن تحالف استراتيجي، يهدف الى ضمان حضور تنافسي في اسواق النفط الدولية والمساهمة الفاعلة في تطوير صناعة النفط في البلد المستهدف. وتجسدت هذه الشراكة الدولية في ما يسمى بالمشاريع الثلاثية التي يشترك فيها ثلاثة أطرافاً تجمع بين "ارامكو" و"شل" وطرف ثالث يمثل حصة البلد موضوع اقامة المشروع، ومثال المشروع المشترك الذي يجمع بين "ارامكو" و"شل" و"تكساكو" والذي يضم أعمال تكرير الزيت الخام وتسويقه لصالح هذه الشركات في الجزء الشرقي من الولاياتالمتحدة، وبموجب هذا الاتفاق ستقوم "ارامكو" بتوريد معظم احتياجات المشروع من الزيت الخام والتي تصل الى 600 ألف برميل يومياً. وعلق رؤساء الشركات الثلاث في بيان لهم عقب توقيع مذكرة الدمج التي نصت على صيغة المشروع المشترك الجديد: "نعتقد ان هذا الدمج لأصول الشركات الثلاث سيمكننا من انجاز تغييرات اساسية في الأساليب التي نتبعها في تشغيل أعمال التكرير والتسويق العائدة لنا، وذلك سيؤدي الى تحسين الخدمة المقدمة للعملاء ورفع مستوى الاداء وتحقيق نمو أفضل". وقدمت "ارامكو" و"شل" في تشرين الأول نوفمبر الماضي الى الحكومة الهندية عرضاً ينص على تكوين تحالف استراتيجي لانشاء شركة جديدة في قطاع النفط في الهند وذلك شراكة مع احدى شركات النفط الوطنية العاملة هناك والتي سيتم اختيارها من قبل الحكومة الهندية. وسيمكن هذا التحالف من تطوير أنشطة متكاملة وذات قيمة مضافة ابتداء من التزود بالنفط وتكريره الى توزيع وتسويق المنتجات النفطية بهدف ضمان حصة في اسواق المنتجات النفطية الهندية تتراوح نسبتها بين 20 و25 في المئة. وعندما قامت كل من "ارامكو" و"شل" بعرض اقتراح المشروع الثلاثي الى الحكومة الهندية قال رئيسا الشركتين عبدالله جمعة ومودي ستيوارت في بيان لهما ان الهند "تمثل أحد الأسواق الرئيسية المهمة جداً في العالم، ويمكنها الاستفادة من "ارامكو" و"شل" نظراً لإمكاناتهما الفريدة في الجمع بين المصادر المالية والتكنولوجية والخبرة العالمية، وهي عناصر تثري أي مشروع، لهذا وباعتبار الظروف الحالية فإننا نعتقد بأن الاقتراح سيكون في آخر المطاف ذو مردود ايجابي لصالح المستهلك الهندي".