افتتح بطل العالم في الشطرنج الروسي أناتولي كاربوف عصر امس الدورتين المفتوحة والمغلقة ضمن مهرجان بيروت الدولي للعبة التي انطلقا الثلثاء الماضي وتستمر حتى 7 حزيران يونيو المقبل بمشاركة نحو 25 لاعباً دولياً من عرب وأجانب فضلاً عن أبرز المصنفين المحليين. وكان كاربوف 47 عاماً وصل فجر الاثنين الى بيروت بدعوة من الاتحاد اللبناني للشطرنج ترافقه زوجته ناتاليا ونائب رئيس الاتحاد الدولي السابق الاستاذ الدولي الكبير بشار قوتلي. وخاض كاربوف عرضين تتابعيين مع 30 لاعباً كل مرة بينهم أبرز المصنفين المحليين. وأسفر العرض الاول في كازينو لبنان، وبعد أكثر من ثلاث ساعات من اللعب المتواصل عن فوز كاربوف في 22 جولة، وتعادل في خمس جولات مع بطل لبنان السابق الاتحادي فادي عيد، وعبدو سوموف، وبطلة لبنان السابقة دانيال غطاس بدروسيان وعصام عراجي وهاني عمون . وفي العرض الثاني الذي أقيم في فندق بوريفاج، استمرت الجولة نحو خمس ساعات، فاز كاربوف امام 26 متبارياً وتعادل مع كل من السفير الهندي في لبنان اجاي شودري، والفرنسي بوتينييه فيليب والاستاذ الدولي الاردني بهجت الريماوي والاستاذ الاتحادي الدولي اللبناني احمد نجار. ورغبة في مساعدة كاربوف على تخفيف الضجة والازدحام في القاعة، بادر القوتلي الى خوض جولة تتابع رديفة ضمت 15 لاعباً، كان نصيب عشرة منهم الاستسلام، فيما نجح كل من عبدو سوموف ووليد داغر وخليل سنجر وهيثم عمر والدكتور طلال عباس في انجاز التعادل. وخلال زيارته لبنان التي تنتهي غداً السبت، قابل كاربوف رئيس الجمهورية اللبنانية الياس الهراوي، برفقة السفير الروسي في لبنان أوليغ بيريسبكين والنائب ميشال فرعون رئيس الاتحاد الفخري والقوتلي واعضاء الاتحاد اللبناني برئاسة الدكتور عمار حوري. كما زار الوفد رئيس الحكومة رفيق الحريري ووزير التربية الوطنية جان عبيد الذي أبلغه تقليده وسام المعارف من الدرجة الاولى على ان يسلّم له عبر السفارة الروسية. وتمّ التداول في موضوع ادخال الشطرنج كمادة في المدارس. وأعرب كاربوف عن استعداده لدعم هذه الطوة. وارسال مدربين مقيمين وذلك بالتعاون والتنسيق مع السفارة الروسية. وسيتولى الاتحاد اللبناني اعداد دراسة مناسبة. ويزور كاربوف والوفد المرافق واعضاء الاتحاد اللبناني اليوم الجمعة قائد الجيش العماد اميل لحود. البطل الشرعي وعاد كاربوف اخيراً الى تسجيل الانتصار تلو الآخر، وتمكن مطلع هذه السنة من التغلب على منافسه الهندي فيسواناثان أناند، في مباراة صعبة على اللقب العالمي ضمّت اشهر المصنفين. وسبق لكاربوف ان فاز بأكثر من 120 دورة دولية، ويعتبر بطل العالم الوحيد الذي حافظ على ادائه الرفيع اكثر من 20 عاماً بشكل متواصل. كما لا يزال المنافس الاول لمواطنه غاري كاسباروف بطل جمعية الشطرنج للمحترفين، ويرى كاربوف "انها انتهت على غرار المجلس العالمي للعب الذي شكله كاسباروف اخيراً اثر دورة ليناريس الدولية". وكاربوف خريج كلية الاقتصاد العام 1978 من جامعة ليننغراد بدرجة امتياز، وعالج في أطروحته التي نشرت وبيع منها آلاف النسخ "كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ". سيقابل الهنغارية جوديت بولغار في مباراة استعراضية في الشهر المقبل. ويؤكد كاربوف ان الأولوية في الاهتمام التي تعطى لمباريات الرجال، تجعل الشطرنج النسائي مغموراً. ويركّز بطل العالم في ادائه على استراتيجية دقيقة في ألعابه، ويعترف ان اسلوب الاداء لا يعكس غالباً شخصية اللاعب "بل احياناً شخصية ثانية مخبأة". ويرى كاربوف ان الكومبيوتر اصبح "حاجة ماسة لتحليل المباريات ودراسة الافتتاحيات، وقد ساهم كثيراً في تطوير اللعبة وانتشارها، لكني لا أنصح باستعماله دائماً.. قد يسعف المبتدئين لان برامجه مفيدة كخطوات تعليمية اولى، لكنها غير مجدية للمراحل اللاحقة، لانها لا تتيح للاعب ان يتعلم من اخطائه أو اخطاء الكومبيوتر التي تتكرر دائماً، حسبما جرت برمجته". ويضيف مستدركاً انه مع الكومبيوتر والآن مع الانترنت أضحت الفائدة أعمّ وأشمل. ولدى كاربوف موقعان باسمه على شبكة الانترنت الاول بالروسية والثاني بالانكليزية لتعليم اللعبة، كما أبرم عقداً مع "ديزني" الاميركية وأصدر كتاباً يعلم الشطرنج ترجم الى 15 لغة، وسيترجم الى العربية ضمن اللغات العشر الباقية. ولفت كاربوف الى انه لن يستطيع ان يتبارى مع الشطرنج الآلي "ديب بلو" قبل سنة 2000، "لأن كاسباروف وقّع اتفاقية حصرية به مع الشركة المنتجة اي بي أم تحظر على أي كان التباري معه حتى نهاية 1999". وحول خسارة كاسباروف امام "ديب بلو" قال كاربوف ان شائعات عدة سرت وقتذاك مفادها ان المباراة كانت محضّرة سابقاً مع نتائجها، "لكننا لا نملك وثائق تثبت ذلك". كيف ينظر كاربوف الى الرياضات الاخرى؟ يمارس السباحة وكرة المضرب "انهما مفيدتان للاعب الشطرنج". وماذا عن كرة القدم ونحن على ابواب كأس العالم؟ "في الشطرنج كثيرون يلعبون وقلة تفهم اللعبة خلافاً لكرة القدم. أنا أفضل فريقي البرازيل والارجنتين، لكن يبقى منتخب هولندا ايام كرويف 1974 الفريق المثالي لان اداءه يشبه تناسق تحريك البيادق في الشطرنج". ويعترف كاربوف ان الرياضة عموماً تفقد بعضاً من شعبيتها في روسيا بسبب المشاكل الاقتصادية، وأعجب بالحفاوة اللبنانية "وطبيعة هذا البلد المميزة، وأفكّر جدياً في زيارته ثانية للتحضير لمباريات بطولة العالم بهدوء".