المهرجون والممثلون الهزليون آخر الأشخاص الذين يتوقع حضورهم في مؤتمر طبي علمي، لكن المؤتمر الأخير لپ"الجمعية الأميركية للعلاج بالفكاهة" كان استثناءً. وتجاوزت مساهمة فناني الفكاهة والهزل حدود دورهم التقليدي في الاضحاك الى المساهمة في عرض تجارب علمية تثبت دور الضحك والمرح في علاج حتى الأمراض الخطيرة كالسرطان. الأطباء الذين ساهموا في الأبحاث أكدوا أن الفكاهة دواء مساعد للمريض ومعين جيد للطبيب، ولكنهم ذكروا أن العلاج لا يمكن أن يكون بالضحك فقط. قاتلة الأمراض قد لا يكون الضحك أفضل دواء لكنه دواء جيد. أقرّ بذلك طبيب الأعصاب الدكتور باري باتمان الذي ناقش مجموعة دراسات أظهرت أن الضحك يعزز جهاز المناعة. وعرض باتمان تجربة ساهم فيها طلابه لدرس ردود أفعال جسمهم على فيلم فيديو فكاهي استغرق ساعة. كشفت نتائج الفحص أن نسبة الجزيئات الكيماوية التي تلعب دوراً في المناعة ارتفعت في أجسامهم بعد مشاهدة الفيلم. وشمل الارتفاع خلايا يطلق عليها اسم "الخلايا الفتاكة"، لأنها تقتل الخلايا السرطانية والفيروسات. وأشار الدكتورباتمان الى عمليات بيولوجية تجري في جسم الانسان عندما يضحك أو يبتسم أو يروي نكتة. ولكن على رغم تقويمه العالي للدور العلاجي للضحك أكّد على أن الضحك لا يمكن أن يكون بديلاً لوسائل العلاج الطبي التقليدية. وقال ان الفكاهة وسيلة ثمينة، لكن لا يمكن شفاء الناس بالفكاهة وحدها. وناقش رئيس الجمعية عالم النفس الدكتور إدوارد دنكلباو الأبحاث المقدمة وقال: "حتى اذا لم يكن ممكناً رؤية تغيرات حقيقية فان التحسن في المزاج والعلاقات يبدو سبباً جيداً لادخال الفكاهة ضمن وسائل العلاج التقليدية". الضحك للأطفال وذكر الدكتور ستيوارت كوبانز الطبيب النفساني المختص بعلاج الأطفال والمراهقين أن استخدام الفكاهة بشكل صحيح يمكن أن ينشئ علاقات حاسمة في عملية العلاج. وتساعد الفكاهة بشكل خاص في تأسيس علاقات مع المراهقين المشاكسين الذين يجلبون الى العلاج وهم يرفسون بأقدامهم ويصرخون بسبب الحاح الأبوين أو المحكمة. والضحك رد فعل عاطفي. فالشعور بأي شيء بالنسبة لبعض الفتيان هو خطوة للتعامل مع مسائل أكبر. وتحدث كوبانز عن مراهق اعتاد أن يدفن حياته العاطفية في المخدرات والكحول قال له: "عائلتي لم تتحدث عن المشاعر خلال سبعة أجيال، وأنا لا أرى لم عليّ أن أبدأ بذلك الآن". ولكن مع نكتة صغيرة انفتحت أسارير المراهق المريض. ويرى الأطباء أن الضحكة يمكن أن تكون مكافأة للجهد الصعب في الشفاء من المرض. وقال الدكتور كوبانز أن الفكاهة إشارة الى أن العلاقة بين المريض والطبيب يمكن أن تكون ممتعة على رغم جديتها. واذا كان الطبيب ينتظر من الناس التعامل مع تجارب مؤلمة فعليه أن يقيم أيضاً تفاعلاً حسناً مع المريض. وتمثل النكات تجارب مشتركة تساعد أيضاً في توثيق الصلة بين الطبيب المعالج والمريض. ومن أجل استخدام النكتة بشكل فعال ينبغي أن يكون الطبيب مدركاً لمستوى التطور الفكاهي للمريض ويقيم علاقته به على ذلك المستوى. وأكد كوبانز أن كل شخص يمكن أن يكون فكاهياً مع طفل في الرابعة من العمر بمجرد أن يصدر أصوات مضحكة. والطريف في الموضوع أن هذه الأصوات المضحكة لا تبعث البهجة في نفوس الأطفال فحسب، بل في نفوس آبائهم أيضاً.