يعتبر الاستثمار العقاري وتطويره امر شبيه بالزراعة، فمن يزرع اليوم لا يحصد الا غداً، وتقدير عامل الزمن جزء مهم لنجاح او فشل أي مشروع عقاري. ويمثل العقار بأنواعه المختلفة جزءاً مهماً من ثروات الأمم واقتصاداتها على مر الاجيال، ويصل معدله الى 15 في المئة أو أكثر سنوياً من اجمالي الناتج العام في الأوضاع الاقتصادية العادية، وفي حالات الطفرة يصل الى الضعف أو اكثر. ولهذا فإن أي محاولة جادة لاستشفاف مستقبل الاستثمار والتطوير العقاري في السعودية تعتمد واقعية تصوراتها في شكل أساسي وأولي على المعلومات المتوافرة عن سوق العقار ماضياً وحاضراً، كما انها تعتمد على أثر هذه المعلومات على طبيعة العمل العقاري وإيجاد النموذج الملائم لمدن المملكة وقراها، ولكل منها حال مختلفة مع بعض التشابه في العموميات. وأسواق العقار سهلة ممتنعة يسهل دخولها وتصور تحقيق أرباح كبيرة منها بسرعة لمن يشاء، ولكن يمتنع الخروج منها في الواقع بربح كما تم التوقع وفي الوقت المخطط له الا لمن عرف طبيعتها وتفاعلها مع مكانها وزمانها. ويعتبر مفتاح النجاح في العقار والعمران عامل التوقيت مع عدم اغفال المكونات الاخرى خصوصاً معدل الايجار وهو في الواقع يتأثر بتراكم المخزون العقاري الذي يعتمد على عامل الزمن، وسهولة الوصول والانتقال. ولهذا فإن عقار الكم طلباً وعرضاً وأرضاً في زمن الطفرة والوفرة وتوابعها ولى، وهو امر عرضي لا يتكرر في الجيل الواحد، وطلبه لا نمطية له، ونحتاج الآن لعقار الكيف نوعاً ومخزوناً ومبنى في زمن زيادة عدد السكان ومعدلات الدخل الطبيعي، وهو امر مستمر وطلبه مستقر ويمكن تنميطه في الغالب الأعم. والعقار في الزمنين مجال ممتاز للربح ويعتبر افضل مجال لتوليد فرص العمل شريطة ألا نستخدم آليات واحدة في كليهما والا قتلنا فرص العمل في الأوضاع العادية الغالبة وطالت فترة الركود، فالآليات الأساسية في زمن عقار الكم والطفرة كانت رأس المال وتعويضات نزع الملكيات لمتطلبات التنمية ومكتب العقار وقروض صندوق التنمية العقارية، والمعلومة عن موقع الأرض ومخططاتها والسرعة والانفرادية في اتخاذ القرار، وكان بالامكان ان يجمعها شخص واحد. والآليات الأساسية في زمن عقار الكيف هو التخصص عن درس في التطوير والإلمام بطرق جمع رؤوس الأموال المطلوبة والتمكن من التسويق، فيما يجذب المستخدم للمبنى والبحث والاستقصاء عن السوق ومؤشراته وفهم طرق التمويل المالية للمشتري وقوته الشرائية والتبصر في مراحل التطوير، وهذه آليات يندر ان تجتمع في شخص واحد، ولهذا فهي تحتاج للعمل المؤسسي المبني على الخبرة، كما ان دورات العقار في زمن الكيف لها زمن محدد بين 8 و10 سنوات، وترتبط بزيادة عدد السكان ونمو مجموع الناس واحتياجاتهم. ولهذا وللحفاظ على ما وصلت اليه مدننا وقرانا فان العقار مجال مربح شريطة ان نعي الفرق بين الأساسي والطارئ في فوائده لمن يرغب في الاستثمار فيه، فأساس فائدة العقار سد الخلة وضرورة المعاش كما يقول ابن خلدون، والقصد من اقتناء العقار الخشية على من يترك خلفه من الذرية الضعفاء ليكون مرباهم بفائدته ما داموا عاجزين عن الاكتساب. فإذا اقتدروا سعوا فيها بأنفسهم وربما يكون من الولد من يعجز عن الكسب لضعف في بدنه او آفة في عقله المعاشي، فيكون ذلك العقار قواماً لحاله، وهذا هو القصد الأساسي في اقتناء العقار في العام والأغلب. اما الطارئ في فائدة العقار فهو التمول منه وحصول الكثرة البالغة منه، والعالي في جنسه وقيمته في المدن قليل نادر ولا يتم الا بحوالة الاسواق بأن تقل الغبطة به لقلة المنفعة فيها بتلاشي الاحوال فترخص قيمة العقار وتتملك بالأثمان اليسيرة وتتخطى بالميراث الى جيل آخر. وقد استجد للسوق شبابه وانتظمت له احوال رائقة حسنة تحصل معها الغبطة في العقار لكثرة منافعها، فحينئذ تعظم قيمتها ويكون لها حظ لم يكن في الأول وهذا معنى الحوالة فيها ويصبح مالكها من أغنى أهل المدن وليس بسعيه واكتسابه اذ قدرته تعجز عن ذلك. ولا زال رأي ابن خلدون في أساس فائدة العقار وطارئه هو ما تدور حوله اغلب نظريات واقتصادات الأراضي الحضرية والعمران. يقول ابن خلدون: "ولهذا فاعلم ان تأثل العقار الكثيرة لأهل الامصار والمدن لا يكون دفعة واحدة ولا في عصر واحد في الغالب والأعم اذ ليس يكون لأحد منهم من الثروة ما يملك به الاملاك التي تخرج قيمتها عن الحد ولو بلغت احوالهم في الرفه ما عسى ان تبلغ وإنما يكون تأثلهم لها تدريجياً اما بالوراثة من آبائه وذوي رحمه حتى تتأدى املاك الكثيرين منهم الى الواحد منهم او ان يكون بحوالة الاسواق كما سبق ذكره تأثل العقار اي تجمع تجميعاً. هذا الرأي لا يزال في نظري القاعدة الأساسية لامتلاك وفائدة العقار، او ما احب ان اسميه تأثل العقار، فالغالبية العظمى لا يمكنها امتلاك العقار سواء الضروري لسكناها او لتثمير اموالها في العقار الا بالتقسيط في زمننا على مدة لا تقل عن 15 او 30 سنة لمعظمهم وهم الذين يولدون الطلب المستمر، وعلى من يدخل العقار كمهنة مستمرة ان يجد له موطئ قدم في ما يحقق ذلك. والعقار في الزمانين مربح شريطة ان نفهم كيف ينمو سوقه وسعره، فالعقار المبني أسعاره يحددها كمية المخزون المملوك منه، فكلما قل المملوك من العقار المعروض للبيع من نوعية معينة من العقار المبني كلما كان سعر سوق ذلك العقار افضل والسبب يعود الى ان زيادة العقارات المعروضة للبيع أياً كان نوعها يأخذ وقتاً للبناء وتمثل عادة نسبة الداخل من عقارات جديدة الى نسبة المخزون الاجمالي من العقارات المملوكة ما يقل عن 1 في المئة في الاحوال الطبيعية بناء على قدرة شركات الانشاء على البناء. ولو تضاعفت قدرات شركات البناء بمعدل النصف وهو أمر من وجهة النظر الفنية صعب جداً، فلن يصل حجم المبني سنويا من العقارات الجديدة نسبة 1.5 في المئة من المخزون، ففي بريطانيا مثلاً نجد ان كمية المخزون من المساكن المملوكة من قبل ساكنيها يصل الى 14.8 مليون والمعروض منه للبيع سنوياً 5 في المئة اي 770 الف وحدة، بينما يصل عدد الوحدات التي تدخل السوق سنوياً 150 ألف وحدة وليس لها اثر في سعر السوق. لكن في وقت الطفرة وتوفر آلات الانشاء وشركات الانشاء ووفرة رؤوس الأموال الحاضرة لتمويل البناء أدت الى اختلال هذا الأساس بحيث اصبح ادخال المباني لسوق مخزون المعروض من العقارات سريع جدا ولكن بنوعيات مبان بسيطة جدا في التصميم والمضمون والجودة وتوجه الى السوق الذي يظهر عليه الطلب حالاً مما يؤدي الى خفض السعر في فترة بسيطة ولهذا كلنا يشعر ان العقار تهبط اسعاره وتصعد في فترة قصيرة لا تتجاوز الأشهر او السنة او السنتين، وستعود السوق لطبيعتها في حجم شركات المقاولات وسرعة الانجاز للمباني لأن المقاولات وحفظ حجم العمالة والمعدات اللازمة ونسب اهلاكها عالية وستؤدي الى ان تقل اعداد شركات المقاولات التي تستطيع الالتزام بالانجاز بسرعة وبالجودة المطلوبة، وستصل دورة العقار الى 8 أو 10 سنوات، وعلى من يريد الربح من العقار كمهنة ان يضع هذا في اعتباره ويحاول ان يكون له دور في فهم سوق الطلب المتوقع. والعقار مربح في الزمانين اذا علمنا من هم محركو سوق الطلب، ففي زمن الطفرة نجد ان الشقق كانت طاغية وذلك لوجود نسبة كبيرة من العمالة الاجنبية ولكن الزيادة الآن في عدد السكان السعوديين يجعل اهدار الاموال في بناء عمائر الشقق من دون تبصر بمثابة توفير منتوج لا يناسب طلب السعوديين، وفي هذا الهدر لأموال البلد في شكل عام وتفويت التوفيق بين الطلب المستحق المبني على الطلب الآني والعرض الملائم لهما بشكل مستقر ولا يحله الا التبصر ودرس السوق وتوقعات الطلب فيه من قبل من يرغب في التطوير العقاري. وعلى المستثمر المليء الذي لا يملك الخبرة في التطور وليست لديه الرغبة في تأسيس عمل تطوير ودراسات ان يضع امواله في محافظ استثمار عقارية تمول محفظة عقار مطور على اسس صحيحة وليس في مشاريع نمطية سيكون سوقها اكثر صعوبة كل يوم. فمن هم محركو سوق الطلب المستحث والمستقبلي؟ هؤلاء الزبائن أربع فئات: 1 - شركات القطاع الخاص. 2 - العائلات. 3 - الأفراد. 4 - هيئات القطاع العام. بالنسبة لشركات القطاع الخاص تدل الاتجاهات في علوم الادارة الاستراتيجية ان لكل شركة خمس استراتيجيات، سادسها العقار والتملك فيه، وهذا سيوجد طلباً على العقارات المدروسة المربحة، وهذا الطالب واع لما يطلب. بالنسبة للعائلات اثرها كبير على سوق السكن وهو المحرك والموجه لأنواع العقارات الاخرى، فكما يكون السكن تتولد العقارات الاخرى وتتحرك وسكن العائلة السعودية سيتقلص بما لا يقل من 30 و50 في المئة لقلة القدرة الشرائية وكل ما يستغني عنه من مساحة في السكن وبخاصة الخدمات، فهناك حاجة للتعويض عنه بمنتوج عقاري آخر لمجموع السكان ولهذا سيزداد الطلب على مشاريع الترفيه والتسويق المجمعة مع خدمات اخرى تخدم كل افراد العائلة تحت سقف واحد. وستؤدي المواصلات الى توفير فرص عمل للسيدات في الحرف اليدوية في احياء السكن لتقليل المسافات والانتقال، وستتولد الحاجة لمباني خدمات كبار السن والاطفال في الاحياء لأن الزوج والزوجة سيعملان وستتولد حاجة لمستوصفات بشكل جديد في كل حي. وبالنسبة للأفراد سيزداد الطلب على سكن العزاب السعوديين العاملين مع تأخر سن الزواج، وهذا سيولد احتياج لخدمات تخصهم ولكل منها سكن عقاري مختلف. اذاً المسكن سيصغر وهذا سيولد طلباً على مساكن نمطية ذات جودة وجمال سيفتح مجالاً جديداً في مواد البناء وتمويلها بالتقسيط. وأثر السكن مع التكنولوجيا سيمتد الى مكاتب وأماكن الترفيه والأسواق وهي اكثر ما سيتأثر بشكل جذري، فالسكن ضرورة للإنسان وللمكاتب والأسواق وغيرها تولدها مصالح وعلاقة الناس واتصالهم، وهذه في حال غير دائم، وعصر الصناعة الذي فصل البيت عن المكتب سيتغير وسنجد كثيراً من المكاتب بقرب من المساكن، ولكن بحجم ومتطلبات مختلفة. ولمن يستثمر في المكاتب عليه بالمرونة في التصميم. وستكون المطارات ونقاط المواصلات والاتصال مراكز الأسواق. وسيوفر النظام العام فرصاً تطويرية للشركات العقارية المساهمة لحل مشاكل تسوس العمران والامتداد المخطط له للمدن والقرى. لذلك فإن سوق الطلب المستحث او المتوقع على المدى الطويل تتضمن جيوباً عدة لفرص مربحة ومن يريد معرفتها فليراقب نمو السكان ونمو ضروراتهم الأساسية. ومجال العقار في الزمنين مربح شريطة ان تفرق جهات الملاءة المالية بين الاستثمار في العقار والتطوير في العقار وتعرف كيف تضع رؤوس الأموال في كليهما لا في احدهما ففي ذلك مضرة للكل، ففي زمن الطفرة كانت توضع رؤوس الأموال في شراء الأراضي وتقطيعها وبيعها، والكل يستخدم رأسماله في ذلك كمطور أراضي وكما نعرف ان سعر الأرض عادة لا يزيد عن 15 في المئة الى 20 في المئة من سعر العقار المبني، ويشتري المستثمر قطعة الأرض ويتقدم الى صندوق التنمية العقاري للبناء. لكننا الآن في زمن المشتري الساكن لا المضارب ولا المشتري الذي يرغب في اخذ قرض من صندوق التنمية العقاري ليبني بنفسه، ولهذا فإن المشتري يحتاج لسيولة اكبر مما لديه ليشتري سكناً ضرورياً له ولأهله ومستقبله، وليس أرضاً فقط ويبني على مهل، فعدد افراد عائلته يزداد بشكل كبير، وأعطي مثلاً واقعياً في مشروع فلل عرضت بالتقسيط بأقل من مليون ريال، ودفعة مقدمة مئة الف ودفعات شهرية ستة آلاف ريال الدولار يساوي 3.75 ريال على اقساط في مدة تزيد عن العشر سنوات، فوجئنا انها بيعت في زمن قياسي والأعجب انه بعد مرور عام واحد سدد ما يصل الى 20 في المئة منهم القيمة الكاملة، فلقد ساعده المبنى على الادخار وتوجيه دخله في عقار يملكه هو وولده من بعده بدلاً من اهدارها في فساتين الأفراح وهدايا الليالي الملاح والسفر في الاجازات لأن هذه المبالغ كانت تصرف اولاً بأول فليس لها لصغرها في نظره منفعة لشراء سكن، ولهذا فان العقار وامتلاكه بالتقسيط سيكون لها اثر فعال على العائلة وأفرادها والمجتمع ومستقبل الناس المنتجة المرتاحة نفسياً. ولكي يكون الأمر مربحاً للممول لا بد ان نوفر منتوجاً قليل التكاليف جيد المستوى لا يرهق المشتري النهائي. ومجال العقار مربح في الزمنين الطفرة والمستقر شريطة ان نعرف المناطق الواجب التطوير فيها فان اسعار المدن الكبيرة منها وتكلفة المعيشة فيها تزداد بحيث لا تصبح المعيشة فيها لمن هم بحاجة للعمل من القادمين اليها ممكنة الا في مناطقها العشوائية، وجدة مثلاً فيها 40 منطقة عشوائية ولهذا ستكون المدن الكبيرة مدناً تكمن فيها قوة الطرد وتتنامى مع الزمن لمن يرغب فيها ولا يقدر عليها بمستوى مريح. ولهذا وفرت مناطق مطورة جاذبة في القرى حول المدن الرئيسية لجذب السكان الذين قد يجدون فرص عمل في المدينة بمستوى يكفي لكي يعيشوا خارجها في مستوى معيشي معقول وخدمات مقبولة على خطوط التنمية الحضرية بين المدن، وسنجد فرصاً للربح لانخفاض كلفة الأراضي والبناء وبالتالي سهولة سداد المشتري لأقساطه مع الأخذ بعين الاعتبار ان نوفر في مخططات التطوير الجاذبة ليس فقط السفلتة والانارة والخدمات والمرافق بل نجعلها احياء انتاج او نصف انتاج لتوليد فرص عمل خاصة تناسب السيدات في ظل قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ومدارس ذات مستوى جيد ووسائط نقل لأماكن العمل للرجال، وسنجد اننا بهذه المخططات المطورة سنوفر سوقاً مستقرة للطلب على السكن في احياء متجانسة مخدومة وسيتولد الإقبال عليها بذاتها. ولكي نساعد هذه المشاريع وأمثالها يجب ان نعطي العقار حقه من الادوات من قبل الجهات المستفيدة والمنظمة، وعلى البنوك ومؤسسات التمويل الخاصة ان تطور أدوات تمويل طويلة المدى تلائم الشريعة مع التبصر في صنادق تأثل الاصول وقروض العقار وصناديق الاجيال في اصدار مرن لصكوك العقار وسنداته والرهونات المتعلقة به، فتراثنا لم يولد بفكر الناس وتجربتهم كالآخرين في العمران ولكن بني على الشريعة الغراء ونظام الإرث والتوارث وتطوير ادوات تمويل العقار على أسسه مجال لم يطرقه احد وهو غني لمن أراد ان يعب منه، وعلى البنوك ان تأخذ العبرة وتتلافى اخطاء تمويل المضاربات العقارية كما كان الحال في الماضي ايام الطفرة وكذلك اخطاء من سبقونا مثل مؤسسات تمويل تقسيط العقار في اميركا وما مرت به منظمات تمويل العقار في بريطانيا، وأنا متأكد ان هناك مخارج شرعية تمويلية مربحة مفيدة للبنوك ولمجال التطوير العقاري شريطة ان تدعم قانونياً في اصدارات صكوك مرنة للعقار وتجزئتها الى سندات عقار وقروض ورهونات. والعقار لا يؤكل مثل المأكولات ولا ينقل مثل الممتلكات الخفيفة الوزن ولكنه ثابت وله شبه ديمومة، وملكيته لا تثبت الا بورقة قانونية، وصكوكنا حالياً هي كمثل من يصدر استمارة واحدة لكل السيارات التي ينتجها مصنع واحد او مورد واحد ولا يصدر استمارة لكل سيارة فكيف تكون الحال؟ وهذا الاثر شبيه بأثر جمود الصكوك على العقارات وتفاعلها مع الزمن وتطوره وأشكال العقارات المستحدثة، ولا بد ان توجد صكوك للشقق وصكوك للامتلاك الوقتي وصكوك للحكر والمحتكر وصكوك للمستأجر طويل المدى وغيرها كثير. وسيكون ذلك محركاً للنشاط بشرط ان تبحث شركات التطوير العقاري المساهمة والمطورين في درس السوق وطلبه الحالي وطلبه المستحث المستقبلي لتنتج مشاريع عقارية لا نمطية فيها، وستخطئ شركات تطوير العقار ان لم تفعل مثل خطأ المقاولين السعوديين الذين لم يطوروا انفسهم في زمن الطفرة بالابحاث والتخصص وأكلوا الربح أولاً بأول ورضوا بمقاولات الخرسانة التي صار الداني والقاصي يعرفها وتنافسوا فيها الى ان وصلت الاسعار لشيء غير مربح، فالكل من المطورين يركز الآن على سكن تجاري او فلل او مكاتب كما لو انها مخططات أراض، وهذا خطأ جسيم، فالأرض ولادة ولا تسمى عقاراً الا بعقرها بالمباني، فإذا بنيت عقرت امكان تطويرها بما بنيت عليها، فإذا اخطأت التقدير فأنت عاقر لها ولمالك وأشكال العقارات المستحدثة لا تنبع الا بالفكر التطويري العقاري، وإذا تبصرت در عليك العقار وعلى ورثتك لأجل مسمى، ولهذا فان تطوير العقار ليس مثل تطوير الأراضي ولكننا نرى معظم الناس يوجهون طاقات رأس المال والمدخرات من دون دراية وتخصص واحترام لتخصصات العمران في تطوير العقار مثل تطوير الأراضي ولا يثقف نفسه في مجال العقار ويكتفي بالكبيبة من رأس القدر ولو غاص في الاعماق في قدر السوق لكان المذاق احلى والاستواء اشهى وسيجد ان هنالك فرصاً عقارية على مرمى حجر، ولا يكتفي بفرص العقار التي هي قاب قوسين أو ادنى من سوق الطلب الآني والتي يراها الكل. وهذه الفرص والخيال الواقعي في تطوير العقار المستقبلي لا بد له من اجتهاد في جمع المعلومات وتراكم الاحصاءات من قبل جهات الاختصاص الحكومية وتحليل مدروس من قبل الشركات العقارية المختصة، ولا بد ان تتعاون الجهتان عن طريق الغرف التجارية لمصلحة الجميع. والأداة الرابعة التي يجب الا نهضم حق السوق فيها ابحاث ودراسات شركات البناء والمقاولات لخفض الكلفة ومعرفة مواد البناء الحديثة الملائمة لمواقع التطوير مثل مباني الحديد في أراضي مكةالمكرمة وعدم توفر خبرة لدى الكثير من المقاولين بها، وتوفير استهلاك المياه والطاقة والتكييف ومعالجة مياه المجاري واستخدامها وبناء المباني التكنولوجية المعقدة. أما الأداة الخامسة التي لا بد ان يسعى الكل لايجادها من قبل كل من الجهات المنظمة في الجهات الرسمية والجهات المستفيدة من تطوير العقار هي تطوير دورات تدريبية في المرحلة الأولى ومناهج دراسية في المراحل التالية لتدريس اقتصادات الأراضي الحضرية وتطوير العمران في كليات العمارة والتخطيط وكليات الادارة والاقتصاد، وكليات الهندسة المدنية والجغرافيا لاخراج اجيال تتفهم خطورة هذا التخصص والذي يحرك بين 15 و20 في المئة من الناتج القومي سنوياً في الاحوال العادية الاقتصادية وأكثر من ذلك في فترات الطفرة وهو المولد لأكبر فرص عمل وهي حاجة ملحة وستزداد مع ازدياد عدد السكان. ولا بد من دورات تدريبية للعاملين في البلديات والامانات وإدارات درس المشاريع العمرانية المناط بها مهمة التراخيص والتصاريح، وليتأكدوا انه لو كانت الناس امة واحدة لفسدت الأرض والتخطيط المركزي للمخططات امر لم يعد يناسب مدن هذا الزمان فكل مدينة لها طعم مختلف لا بد ان يساعدها العمران لإبرازها لتجذب اليها رؤوس الأموال. لهذا فإن مجال العقار في الزمنين مربح شريطة ان تتفهم الجهات المنظمة والمخططة للمدن والطرق والمكاتب الاستشارية أهمية الرقي بعملية التخطيط الحضري والاقليمي بما يناسبنا من واقعنا وعلينا الا نستورد نظريات العمران من مجتمعات غيرنا، فنحن لنا قيم وعادات وحياة اجتماعية واقتصادية مختلفة ولا بد ان نوجد نظريات تخطيط عمراني تلائمنا لتكون فعالة لصالح المدن والمحافظات لزيادة فرص العمل وتقليل الهجرة ودعم مراكز العمران حول المدن لكي نوفر بيئة عمرانية ذات مستوى معيشي مقبول فأسعار المدن في ازدياد، والخدمات فيها الى نقص وعدد السكان في ازدياد. وحبذ لو تم النظر في قيام هيئة تنمية عمرانية حضرية لكل محافظة، فلم يعد وضع انظمة تخطيط المخططات وأنظمة البناء بشكل مركزي يلائمنا لكل المدن والقرى ولا بد ان نخطط مدننا وقرانا من واقعها الذي وصلت اليه بعد هذه الاعوام من خطط التنمية، والاعتماد على المتخصصين في القطاع الخاص والتخطيط الحضري لتكون دراسة وتخطيط ونظم عمران لكل محافظة لتسوق نفسها وتخطط عمرانها بما يحقق المصلحة ويزيد فرص العمل وليجذب رؤوس الأموال اليها وتدعمها بنوك التمويل العقاري والقروض الصناعية والقروض للاستثمار العقاري لتحقيق مخططها المدروس.