توسع نشاط المافيات المختصة بالجريمة المنظمة عبر الدول والحدود، وازدادت قدراتها على استهداف أمن الدول واقتصادها، ولا سيما النامية منها، وتلك التي تمر في مراحل انتقالية. والجريمة المنظمة عبر الحدود كانت أمس موضوعاً لمحاضرة العميد في قوى الأمن الداخلي اللبناني الياس داود في مسرح مدرسة "ليسيه دو÷يل" في منطقة ذوق مصبح كسروان. روى داود قصة مصدر كلمة "مافيا"، وهي من اللغة المحكية الصقلية وتعني "إبنتي" وسبب إطلاقها على المافيات ان فتاة جميلة كانت في العام 1282 متجهة مع والدتها الى الكنيسة، فتعرضت لهجومٍ من إحدى العصابات، فشرعت الوالدة تصرخ "Mafia, Mafia"، والتصقت الكلمة بأعمال العصابات الصقلية المنظمة. وقدم عرضاً مسهباً لتشكل المافيا الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وصنفها أنواعاً، فإلى المؤسسات الإجرامية المشكلة من مسؤولين حزبيين من الطراز القديم، ثمة عصابات مشكلة على أساس اثني كالمافيا الجورجية أو الشيشانية أو الأوكرانية أو الأذربيجانية. ويعتمد الهيكل التنظيمي لهذه العصابات أن يتولى كل زعيم السيطرة على أربع خلايا متخصصة في ميادين العقاقير المخدرة والدعارة والاتصالات السياسية وأجهزة انفاذ القانون، ولهذه المافيات صِلات متفاوتة مع مافيات دول أوروبية وأميركية. وتعتبر هونغ كونغ عاصمة المافيا الصينية. ويصل عدد أفرادها الى نحو 160 ألفاً ينتمون الى 50 منظمة مختلفة، ترتبط بعضها ببعض في اطارٍ تنظيمي موحد هو "رأس التنين" وهي تمارس مجموعة واسعة من النشاطات الإجرامية كالإبتزاز والدعارة والقمار وتهريب الغرباء وتجارة المخدرات. وهذه الأخيرة تحصل على نطاق واسع اذ يتم تهريبها من "المثلث الذهبي" بورما وتايلاند وميماغار الى الغرب واستراليا. أما المافيا الكولومبية فينحصر عملها في تجارة المخدرات خصوصاً الكوكايين الذي ينتج بكميات كبيرة في أميركا اللاتينية. وتم أخيراً دمج المافيات الإجرامية والمافيات ضمن "كارتلات" منظمة تنظيماً دقيقاً تطبق فيها محاسبة شديدة الدقة، وهي تملك عدداً كبيراً من طائرات الشحن والسفن التجارية، وتمكنت من التسلل إلى الأجهزة الحكومية الكولومبية وحلت محل سياسة التصدي للشرطة والدولة سياسة الانخراط فيهما. ومن المنظمات الإجرامية والمافيوية الحديثة العهد تلك المزدهرة ازدهاراً كبيراً في نيجيريا. ويتميز أعضاؤها بذكائهم الحاد إذ حاز معظمهم شهاداتٍ جامعية، وحققوا نجاحات مذهلة في نشاطات تهريب المخدرات وعمليات الاحتيال والابتزاز. وكذلك نشطت المافيات على طريق البلقان بعد تعديلات حتمها النزاع اليوغوسلافي، فنشطت المافيات التركية التي تورد الهيرويين من أفغانستان الى أوروبا.