تتباين بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا في ما بينها من حيث السكان والثروة والمصادر الطبيعية، الا انها تتفق في معاناتها من مشاكل المياه وازدياد الحاجة اليه على أعتاب القرن الحادي والعشرين. تتناول هذه الدراسة المميزات المحددة لقطاع المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، والتحديات التي تستدعي وبشكل متزايد ضرورة تدخل القطاع الخاص وسبل اجتذابه، وكيفية عمل البنك الدولي مع الحكومات والمانحين والقطاع الخاص محلياً ودولياً لمواجهة هذه التحديات. معاناة قطاع المياه ومصاعبه نقص المياه مشكلة عالمية، لكن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تعتبر من أكثر المناطق جفافاً في العالم، اذ تعاني من فقر شديد في مصادر المياه الطبيعية، وتغطي الصحراء نحو ثلاثة أرباع مساحتها، فيما يأتي أكثر من ثلث مياه الأنهار العذبة التي تزود المنطقة ببعض حاجتها من خارجها. ويطبع القحط والجفاف والصحارى المنطقة بطابع خاص، مع انخفاض معدل سقوط الأمطار وسوء توزيعها. وتؤوي المنطقة نحو خمسة في المئة من سكان العالم، فيما تقل نسبة المياه العذب المتجدد سنوياً عن واحد في المئة. اما عدد السكان الذي زاد عن الضعف في الأعوام الثلاثين الماضية ووصل الى 280 مليون نسمة، فهو قابل لأن يتضاعف مرة ثانية خلال السنوات الثلاثين المقبلة. وتبلغ نسبة نمو المدن التي تضم قرابة 60 في المئة من سكان المنطقة أكثر من أربعة في المئة سنوياً. وسجل في العقود الأخيرة تزايد الطلب على المياه للاستعمالات المحلية والصناعية. كما ان استخدام التكنولوجيا في الأغراض الزراعية والتطور الذي لحق بالزراعة أديا الى ارتفاع استهلاك المياه في المناطق الريفية. ويفتقر 45 مليوناً من سكان المنطقة 16 في المئة الى المياه المأمونة فيما يفتقر أكثر من 80 مليوناً الى المياه الصحية. وأدى هذا النمو السكاني مع محدودية مصادر المياه العذبة الى تناقص دراماتيكي في كمية المياه المتوافرة للأفراد. ففي عام 1960 بلغ نصيب كل فرد من المياه المتوافرة سنوياً نحو 3300 متر مكعب، في مقابل 1250 متراً مكعباً حالياً، وهو الأدنى في العالم. ويتوقع ان ينخفض 50 في المئة الى 650 متراً مكعباً بحلول السنة 2025. ويبلغ نصيب الفرد في اليمن والضفة الغربية وقطاع غزة مثلاً، أقل من 180 متراً مكعباً للفرد. تدمير مخزون المياه الجوفية تتعرض مصادر المياه الجوفية في المنطقة لعملية استنزاف مستمرة. اذ تسحب اليمن، مثلاً، بين 25 في المئة و30 في المئة من الطبقات الصخرية المائية بنسبة أكثر مما يتم تعويضه. وينطبق الأمر نفسه على غزة. ومثل هذا الاستنزاف يسبب مزيداً من الدمار لمصادر المياه الجوفية من خلال ارتفاع نسبة الملوحة، أو تعرض هذه المصادر للتلوث. ويمثل التلوث الناجم عن استخدام الأسمدة والمبيدات وضخ المياه العادمة في الأنهار والبحيرات والقاء النفايات على شواطئ الأنهار، عوامل تهدد مصادر المياه العذبة، كما تهدد الصحة، خصوصاً صحة الأطفال الذين يكونون في العادة أول ضحايا الأمراض الناتجة عن تلوث المياه. وتستنزف الزراعة ذات القيمة الهابطة كثيراً من المياه وتبلغ نسبة استخدام المياه في الشرق الأوسط وشمال افريقيا لأغراض الري 87 في المئة، في مقابل 13 في المئة لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي ولأغراض صناعية ب 69 في المئة و31 في المئة في جميع انحاء العالم. وعلى هذا الأساس تكون الزراعة نقطة محورية وبالغة الأهمية في مستقبل ادارة استخدام المياه. اذ ان كفاءة الري تعاني من انخفاض حاد في معظم البلدان، لأن ما يصل المزروعات من هذه المياه لا يتجاوز 30 في المئة فقط، في حين يضيع الباقي هدراً. من جهة اخرى تعاني أنظمة المياه في المدن من عدم الكفاءة اذ يهدر نحو 50 في المئة من المياه المخصصة لأغراض الشرب وللاستخدام المنزلي، بسبب تدني مستويات الصيانة والتخلف التكنولوجي وضعف الادارة الفنية والمالية. السياسات المطلوبة يبدو واضحاً للعيان ان بلدان المنطقة تواجه تحديات كبيرة في ادارة المياه، اذا ما تركت بلا عناية فإنها ستقيد الجهود الرامية الى تحقيق معدلات نمو اقتصادي قوية. ولا يمكن الخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها مشكلة ندرة المياه والتردي الاقتصادي، ما لم تبادر البلدان المعنية برسم سياسات جديدة، وانتهاج سبل أكثر فعالية وكفاءة في كيفية استخدام المياه، وفي وضع وسائل جديدة وعملية لتمويل الاستثمار، وجذب القطاع الخاص، وتنشيط الدور الذي تقوم به الحكومات. تطورت استراتيجية المياه في الشرق الأوسط وشمال افريقيا منذ أعوام عدة عبر البنك الدولي، وقد تم تنفيذها فعلاً. "مبادرة المياه" نوعاً من الشراكة بين بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وشمال افريقيا والاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الدولي والدول المانحة. وقد تم طرحها لمساعدة البلدان في تسريع التنمية والتطوير لاستراتيجيات وسياسات المياه الوطنية المتكاملة والشاملة، لمواجهة تحديات تعزيز ادارة مصادر المياه والنمو الاقتصادي وتفعيل مصادر التمويل المطلوبة لتنفيذ البرامج اللازمة. وتستدعي هذه المبادرة توافر تعاون بناء بين مختلف المنظمات الدولية والمانحين والقطاع الخاص والهيئات الأكاديمية المعنية بالأهداف العامة للمبادرة. وتقترح الاستراتيجية مبادرات اولية تتضمن: 1 - دفع الحكومة والناس الى البحث عن وسائل اكثر حكمة في استخدام المياه على المستويين المحلي والوطني. 2 - ادارة متكاملة لمصادر المياه لتسوية المنافسات على مصادره. 3 - كفاءة اكثر في استخدام المياه لتحقيق اقصى استفادة ممكنة منه. 4 - البحث عن مصادر اخرى للمياه. 5 - اقامة شراكات اقليمية وعالمية لتعزيز التعاون الفني والمالي المتعلق بقضايا المياه. ويفترض بالقطاعين الخاص والعام توجيه الجهود نحو ادارة متكاملة لمصادر المياه ودرس سبل استخدام المياه بطريقة فعّالة وخفض معدلات التلوث والبحث عن مصادر اخرى ووضع سياسات تتضمن اطار عمل مؤسسي منتظم، وزيادة الارصدة لتحقيق هذه الاهداف. من جهة اخرى يعتبر تدخل القطاع الخاص امراً حيوياً واساسياً، اذ لا بد ان يلعب هذا القطاع دوراً متزايداً في ادارة وتوفير المال، وفي ضرورة اقامة حوار صريح ومفتوح بين القطاعين الخاص والعام. اذ يبدو واضحاً ان القطاع المائي برعاية الحكومة سيفتقر دائماً الى الكفاءة وتوافر التكاليف المادية الكافية. فيما يستطيع القطاع اذا ما تهيأت له الفرصة، ان يسهم بفعالية في رفع كفاءة وكالات المياه. ولا يمكن ان يحدث نقل المسؤوليات من القطاع الخاص، بين عشية وضحاها لاسباب اجتماعية وسياسية. ويلقى التنفيذ المرحلي لهذه العملية قبولاً لدى بعض الاقطار مثل المغرب والاردن والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن حيث تبرز مقدمات لتدخل القطاع الخاص في تشغيل وادارة المؤسسات ذات العلاقة، او اضفاء الطابع التجاري على العمليات كما فعلت، وبنجاح، معظم المؤسسات الاوروبية العامة. ففي قطاع غزة مثلاً، حصل مقاول خاص على عقد من السلطة الفلسطينية لتحسين موارد مياه الشرب ومعالجة المياه العادمة وانظمة الصرف. وسيتم الشيء نفسه في عمان. كما ان في لبنان طريقة للتعاقد مع مقاولين من القطاع الخاص لتنفيذ اعمال الصيانة. استثمارات ومصادر التمويل لن تكون مواجهة مشاكل المياه في المنطقة ممكنة باستخدام وسائل تمويل تقليدية. وتتطلب اعادة تكييف او توجيه وتوسيع الاستثمار وتحسين التوزيع وتحويل شبكات العمل وتحديث أنظمة الري والتوسع في عمليات معالجة المياه العادمة وزيادة مشاركة القطاع الخاص أو تطبيق نظام التخصيص في مؤسسات المياه والمياه العادمة، والمحافظة على جودة المياه وتوفير الحماية لها. ان بيانات الاستثمار المطلوبة متوافرة لسبعة بلدان في المنطقة، من تلك التي قامت بالاقتراض من البنك الدولي خلال الأعوام الثلاثة الماضية لتمويل قطاع المياه. وهذه البلدان هي: الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس واليمن. وبلغ مجموع استثماراتها مجتمعة في قطاع المياه سنوياً 1.5 بليون دولار، منها نحو بليون دولار على شكل مساعدات رسمية لدعم عملية تطوير قطاع المياه. كما قامت بلدان اخرى في المنطقة بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي.ويجري العمل لرفع نسبة تغطية خدمة تموين المياه في المنطقة في السنوات العشر المقبلة من 84 في المئة الى 90 في المئة والتغطية الصحية وتغطية المياه العادمة من 27 في المئة الى 80 في المئة وزيادة كفاءة استخدام المياه وحماية البيئة. وفي ما يتعلق باستثمارات بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا السنوية فانها بحاجة لزيادة قيمتها من 4.5 بليون دولار اميركي الى 6 بلايين دولار خلال السنوات الثماني او العشر المقبلة. وتعتبر البلدان السبعة المشار اليها اعلاه، اضافة الى ايران والعراق وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة، بين الأقل خدمة، وبناء على ذلك فهي بحاجة للاستثمار في قطاع المياه. وستكون هذه بمثابة محاولة رئيسة تدفع بلدانا عدة لاستثمار ما نسبته 2 في المئة من مجمل انتاجها المحلي، اضافة الى الحاجة لرصد 5 الى 10 في المئة لأعمال التجديد والصيانة. وتبين خطة تمويل عشرية اقليمية لاستثمارات المياه أعدها البنك، ان غالبية استثمارات المستقبل التي تبلغ نحو 70 في المئة 45 - 60 بليون دولار مقارنة مع 30 في المئة في الماضي، ستأتي من الحكومات، وأغلبها من تكاليف استخدام المياه من قبل المستهلكين. وستساهم الدول المانحة بنسبة 25 في المئة 13 - 15 بليون دولار من مجموع التكاليف الكلية للاستثمار، اي ما يعادل مرة ونصف المستوى الحالي. وبخصوص القطاع الخاص الذي تعتبر مشاركته حتى الآن سلبية، يتوقع ان يكون له نصيب بنسبة 5 في المئة 2 - 3 بليون دولار في قطاع استثمارات المستقبل بحلول السنة 2005. ولتحقيق الزيادة الهائلة في متطلبات الاستثمار السنوي، ولتحسين قدرات الدول على توفير امكانات التطوير، فإنها بحاجة الى زيادة ضخمة في النقد يمكن تحقيقها من خلال رفع سقف التعرفة. الى جانب تحرك نشط لتشجيع مشاركة الصناديق الخاصة. جذب القطاع الخاص: آراء ومقترحات: اذا كانت بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا راغبة في جني ثمار الكفاءة والانتاجية التي يتوقع من القطاع الخاص توفيرها لهذا القطاع الحيوي، ودفع القطاع الخاص للمشاركة القصوى في توفير الخدمة، ومتطلبات التمويل البالغة 3 بلايين دولار لتمويل البنية التحتية الخاصة في العقد المقبل، فلا بد من طرح ومناقشة عدد من القضايا الأساسية الآتية: يجب على الحكومات ان تتبنى سياسة واضحة وأن تضع اطار عمل مؤسسي ملائم ومنتظم. وطالما ان حكومات المنطقة تتحرك باتجاه دفع القطاع الخاص نحو المشاركة في البنية التحتية بصورة عامة، وفي قطاع المياه على وجه الخصوص، فلا بد ان تعمل على تحديد اهدافها، واسترتيجيتها وأولوياتها، بما في ذلك مجموعة من المعايير والسياسات التي يتوقع ان يعمل بموجبها مقاولو البنية التحتية الخاصة. هذه المعايير بحاجة الى تعريف وسياسات تسعير وبيان حجم المنافسة ومعايير الأداء وترتيبات العرض وتوقعات جودة الخدمة. وسيتعدد مفهوم هذه المعايير والسياسات بتعدد البلدان وظروف القطاعات المشاركة. لكن المهم هو ان تكون تلك السياسات والأنظمة والمعايير عادلة ومعقولة بالنسبة لكافة الاطراف المعنية فتكون واضحة وبعيدة عن الغموض وغير خاضعة للتغيير الكيفي. ان اعطاء المشاركة الخاصة في البنية التحتية يعتبر مجالاً جديدا نسبياً في معظم بلدان المنطقة. وينبغي على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ان تعمل على تطوير وسائل اكثر تنظيماً وترتيباً لأنظمة القطاع المائي. وهذه الأنظمة ستعمل على توفير الحوافز لقطاع المياه تتمثل في خدمات تهدف الى تقليل التكاليف، وتزويد الزبائن بخدمات افضل. ان عمل الترتيبات اللازمة لجذب مقاولين محتملين يتطلب ان يتوافر في هذه الترتيبات الوضوح والصدقية وحسن التصميم. يجب ان يتوافر الوضوح الكامل في عملية العطاء وفي شروط التخصيص او الامتياز المقترح، وتنظيم عقد الادارة ليصبح قادراً على جذب عطاءات ذات اهمية. ان العطاءات المنافسة هي السبيل الأكثر وضوحاً، ولكن لا بد ان يتم تكييفها وفقا لتعقيدات عمليات تمويل المشروع، والرغبة في تحقيق اقصى فائدة ممكنة من المرونة والابداع التي يستطيع القطاع الخاص المساهمة بها. يجب على الدول العمل على اعادة تشكيل جذري للأنظمة القضائية لتمكين القطاع الخاص من تمويل البنية التحتية للمياه وغيرها من المشاريع. يحتاج القطاع الخاص الى ضمانات لحماية حقوق الملكية وسهولة في تحويلات العملات الاجنبية، وآلية حل سريعة وملائمة تتضمن تحكيماً دولياً. ومن دون هذه العوامل المساعدة، فان مقاولي القطاع الخاص سيعملون للحصول على عوائد أعلى تضر بالهدف الذي نسعى اليه والمتمثل في جذب استثمارات القطاع الخاص لتمويل البنية التحتية، ولتحسين النوعية، وتوسيع نطاق التغطية، وخفض تكاليف الخدمات المقدمة، مما يؤمن تقديم خدمات افضل بتكاليف اقل بالنسبة للعمل، وبذلك تكون اكثر فعالية واكثر قدرة على المنافسة. شروط التمويل لا توجد في معظم بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ديون متوسطة او طويلة الاجل، وأسعار واضحة ومحددة لأجل الدين. وبسبب طبيعة الارصدة فإن معظم مشاريع البنية التحتية للمياه والمياه العادمة يتطلب تمويل ديون تستحق خلال فترة تراوح بين 15 و20 سنة. وتحتاج الحكومات و/أو القطاع الخاص لعمل ترتيبات لوضع مشاريع بنية تحتية بتمويل مالي طويل الاجل تلعب فيها الضمانات دوراً مهماً. كما ان وسائل جديدة محددة، كصناديق البنية التحتية او الترتيبات التي يتم وضعها لجذب صناديق الاسهم الخاصة، والسماح لصناديق التأمين والتقاعد بالمشاركة في استثمارات البنية التحتية، ستكون ذات نفع كبير في دفع التمويل الاضافي للمشاركة. ويمكن لدعم التمويل الحكومي ان يأخذ صوراً وأشكالاً متعددة تتمثل في توفير ضمانات للاسهم، وضمانات للديون، وضمان معدلات الصرف، ومنح الامتياز، والديون الثانوية، وحد أدنى من العائدات او الناتج المادي من خلال الضمان وتحديد الامتياز. مساعدة البنك الدولي: تم تصميم استثمارنا للاقراض وخدماتنا الاستشارية بغرض تعزيز نظام التخصيص وشراكة القطاعين العام والخاص عن طريق: 1 - مساعدة الدول على انتهاج سياسة تغيرات ضرورية وتعديل الاسعار وتقديم حلول منافسة حيثما امكن وتقوية اطار العمل المؤسسي. 2 - دعم اعادة تشكيل التنظيم، والمساعدة في تقوية وكالات حديثة منتظمة. 3 - تعزيز عملية تطوير رأسمال السوق، بما في ذلك تمديد استحقاقات الدين واعادة تشكيل دعم الانظمة المصرفية من أجل كفالة طويلة الأجل للأسواق واحداث انظمة تقاعد خاصة، اضافة الى دعم مجموعة البنك الدولي للمستثمرين من خلال تمويل الاسهم والديون، ومن خلال ضمانات لمخاطر الاعتمادات سياسياً وجزئياً. وتنشط مؤسسة التمويل الدولية، ذراع تمويل القطاع الخاص لمجموعة البنك الدولي، في دعم سياسة التخصيص وتطوير البنية التحتية وتطوير رأسمال السوق، مما يساعد على زيادة الفرص امام القطاع الخاص لتمويل البنية التحتية. ان معظم بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا اعضاء في وكالة ضمان الاستثمار المتعددة الجوانب، والتي تقدم للمستثمرين ضمانات ضد المخاطر غير التجارية. وقد قدم البنك الدولي مؤخراً تأكيدات جديدة على وظيفة ضماناتها ضمانات الاعتمادات الجزئية والمخاطر الجزئية. وبامكان ضمانات البنك الدولي تسهيل وتحسين شروط هذا التمويل. وتركزت عمليات اقراض البنية التحتية في البنك الدولي في المنطقة، بشكل اساسي على استثمارات القطاع العام في تزويد المياه، والصرف الصحي، والطرق والطاقة. وبدأ ايضاً في مساعدة عمليات تمويل القطاع الخاص في قطاع المياه، حيث تم تقديم اعتماد بقيمة 25 مليون دولار للضفة الغربية وقطاع غزة، لدعم مشروع خاص للمياه والخدمات الصحية في غزة. ويقوم البنك الدولي كذلك بدراسة عمليات ضمان في لبنان والاردن لتزويد المياه ومصانع المعالجة. يهدد تضاؤل مصادر المياه في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا سبل العيش للأفراد، ويهدد كذلك بتعطيل حركة النمو الاقتصادي في المنطقة. وعلى رغم المرونة الاستثنائية لبلدان المنطقة في مواجهة ندرة المياه، الا ان المشاكل المترتبة على هذه الندرة بدأت تلوح في الافق. الا انها مشاكل في الامكان تفاديها اذا ما وحد جميع الاطراف جهودهم لمواجهة التحدي. ويوفر الزخم العالمي الداعم للتوجه نحو الملكية الخاصة، او المشاركة في ادارة وتمويل مشاريع المياه والمياه العادمة، فرصة كبرى للتوسع وتحسين الخدمات عبر منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. واذا ما استطعنا جميعاً اغتنام الفرصة، ستكون بمثابة خطوة رئسية للأمام نحو تحسين تزويد وتوزيع المياه لما يقرب من 45 مليوناً في المنطقة هم بأمس الحاجة للمياه المأمونة ولنحو 08 مليوناً ممن هم في حاجة للمياه الصحية ونحن معاً نملك كل اسباب النجاح، وبامكاننا تجديد المصادر. فلنتابع خطواتنا نحو تحقيق هذا الهدف الحيوي والنبيل.