كان يفترض في وزير الدفاع الإسرائيلي اسحق موردخاي، واصله من كردستان العراق، أن يكون أكثر تفهماً للوضع الفلسطيني وألا يوجه تهديدات إلى ياسر عرفات بسبب نيته اعلان دولة فلسطينية في أيار مايو 1999 في حال لم تحقق المفاوضات التقدم المرجو. كذلك كان يفترض في موردخاي أن يعطي أسباباً أكثر موضوعية لمعارضته قيام دولة فلسطينية. كما لو أن هناك سلاماً دائماً وشاملاً بحد أدنى من العدالة في المنطقة من دون دولة فلسطينية. في الماضي، كان اسحق شامير وغيره من السياسيين الإسرائيليين يتذرعون بحجة أن الدولة الفلسطينية ستكون جرماً في الفلك السوفياتي. الآن لم يعد هناك اتحاد سوفياتي، فما هو مصدر التهديد الذي يمكن أن تشكله مثل هذه الدولة على إسرائيل التي لم تتوقف عن الحصول على أفضل الأسلحة الأميركية وأكثرها تطوراً. في النهاية، اتفاق أوسلو الذي وقع في حديقة البيت الأبيض هو اعتراف متبادل بين شعبين فرض عليهما العيش على أرض واحدة، وليس في استطاعة أي من الشعبين ما دام كل منهما اعترف بالآخر ان ينفي الحقوق الأساسية التي تعود لأي منهما. ومن بين هذه الحقوق قيام دولة. فهل يجوز أن يكون الشعب الفلسطيني الشعب الوحيد في المنطقة الذي لا دولة له؟ أخطر ما في كلام موردخاي أنه يصدر عن الشخص "المعتدل" في الحكومة، الذي يعرف من خلال معاناة الأكراد حجم معاناة الفلسطينيين، وكان يتوقع منه أن يقدر معنى ذلك وأبعاده ومدى الحاجة إلى الدولة الفلسطينية لخدمة الاستقرار في المنطقة وتكريسه. ففي غياب الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين سيظل مطروحاً السؤال البديهي وهو أين ستقوم الدولة الفلسطينية، ومعنى ذلك ان لا نية لدى إسرائيل في القيام بأي خطوة على طريق السلام، بل على العكس من ذلك ان هدف حكومة بنيامين نتانياهو، عبر عملها الدؤوب على نسف اتفاق أوسلو من أساسه، هو ضرب الاستقرار في المنطقة والرهان على أن تفتيت الشرق الأوسط هدف بحد ذاته وهو الاستراتيجية الليكودية البعيدة المدى. مثل هذا التوجه لا بد أن يؤخذ في الاعتبار عربياً، وأن تكون بداية تفكير في كيفية مواجهته. هل هذا ممكن؟ وهل من يتحرك