حدثان مهمان شهدتهما مصر في الأيام القليلة الماضية. الحدثان من شأنهما ان يزيلا جانباً من "الهم" الملقى على عاتق الآلاف، الذي دعا أحدهم وهو مراكبي من اهل اسوان عمره 26 عاماً الى الانتحار، وذلك حزناً على وقف تدفق السياح، وبالتالي انقطاع لقمة عيشه. الحدث الاول كان "الورقة البيضاء" التي تتضمن دلائل - اعتبرها اعضاء وفد ديبلوماسي رفيع المستوى - مقنعة على تكثيف الاجراءات الأمنية في المواقع السياحية في مصر، والتزام الحكومة المصرية تحقيق الأمن للمسافرين. الحدث المهم الآخر كان افتتاح عدد من الاهرامات والمقابر الفرعونية امام الزوار في منطقة هضبة الأهرامات في الجيزة. وتأتي إعادة افتتاح هرم منقرع ثالث اهرامات الجيزة بالغة الشهرة، على رأس القائمة. وكان الهرم خضع لعمليات ترميم مكثفة ما دفع المسؤولين عن الآثار الى إغلاقه في العام الماضي لتسهيل مهمة تقوية الجدران، وتزويده بنظام تهوئة جديد، يتيح تجديد الهواء في داخله كل ساعتين. وانضمت الى قائمة عوامل الجذب السياحي في المنطقة، بالإضافة الى الاهرامات الثلاثة وتمثال ابي الهول، ثلاثة اهرمات صغيرة وعشر مقابر، اكبرها هرم الملكة حتب حرس والدة الملك خوفو، التي تعتبر أثاثها الجنائزي من ابرز مقتنيات المتحف المصري. اما الهرمان الآخران فهما لزوجتين من زوجات خوفو الملكة مريت ايت اس وحنوت سن. اما المقابر العشرة فهي لقضاة ووزراء ومساعدين لملوك الفراعنة الذين حكموا مصر قبل ما يزيد على اربعة آلاف عام. ويعود اكتشاف تلك المقابر الى اوائل القرن الحالي. اذ اكتشف عالم المصريات المصري سليم حسني عدداً منها، والأخرى اكتشفها جورج ريزنر. والأخيرة كانت في حالة سيئة جدا وقت اكتشفت. ويقول رئيس المجلس الاعلى للآثار المصري الدكتور جاب الله علي جاب الله ان قرب المقابر من الاهرامات الثلاثة يعكس قرب العلاقة بين اصحابها - المقابر - وملوك الفراعنة. المقابر العشر منحوتة في هضبة الاهرامات شمال الطريق الصاعد اليها. ويعتبر افتتاح تلك الاهرامات والمقابر المرحلة الثانية في مشروع تطوير هضبة الهرم الذي دخل عامة العاشر، ويهدف المشروع الطموح الى تهذيب وإعادة المنطقة المحيطة بالأهرامات الى طبيعتها بكل ما تحتويه العبارة من ترميم الآثار وإكمال اعمال التنقيب، وإكمال اعمال الطريق السياحي الذي يحيط بها. ومع نهاية الشهر الجاري، يتوقع ان يفتتح الرئيس المصري حسني مبارك تمثال ابي الهول الذي خضع هو الآخر لعملية ترميم واسعة استمرت عشر سنوات. ويتساءل البعض عما اذا كانت الإضافات الهرمية الجديدة في هضبة الأهرامات ستفتح الباب مرة اخرى امام هواة نسب الاهرامات الى غير المصريين. الدكتور مسلم شلتوت رئيس قسم بحوث الشمس وعلوم الفضاء في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية يقول ان الربط بين الآثار ومواقع النجوم في السماء يتم بحكم وجود علاقة زاوية بناء اهرامات الجيزة الثلاثة والصغيرة الملحقة بها مع نجم الشعري اليمانية سيروس لا يعني ان مخلوقات فضائية قادمة من النجوم هي التي علمت الانسان، لكن الربط ناتج عن عقائد دينية وثنية. ويستند شلتوت الى ما أثبته عالم الفلك المصري محمود باشا الفلكي احد علماء مصر في القرن ال 19 من ان نجم الشعري اليمانية عندما يكون في ذروته تسقط اشعته عمودية على الواجهة الجنوبية لهرم خوفو وبقية الاهرامات، ولما كان هذا النجم يقوم بحركة بطيئة تتراكم عبر القرون، وتؤدي الى تغيير موقعه الثابت نسبياً، فقد حسب الفلكي باشا ان اشعة الشعري لا بد انها كانت تسقط عمودية على واجهة الهرم الجنوبية زمن بنائه. واستنتج ان الهرم الأكبر كان منذوراً لنجم الشعري اليمانية ومكرساً له، وتبعته في ذلك اهرام مجموعته. ويشير شلتوت الى ان الشعوب القديمة كانت احيانا تعبد النجوم والكواكب والقمر، وان نجم الشعري اليمانية عبدتها أقوام كثيرة. ويؤكد ان المصريين القدماء عرفوا علوم الرياضيات ورصدوا نجوم السماء ومداراتها منذ 18 ألف سنة أي قبل بناء الأهرامات.