يشكك المسؤولون السوريون في جدية الطروحات الاسرائيلية الاخيرة المتعلقة بالاستعداد لتنفيذ القرار الدولي الرقم 425 والانسحاب من جنوبلبنان، ويرون ان اسباباً داخلية وخارجية أدت الى اعادة اعلان ذلك بطرق متعددة، خصوصاً منذ فوز زعيم تكتل "ليكود" بنيامين نتانياهو في الانتخابات في 1996. وتقول مصادر مطلعة ل "الحياة" ان ما طرح أخيراً عبارة عن تكرار اسرائيلي ل "لبنان أولاً" أو "جزين أولاً"، الهدف منه "فصل المسارين السوري واللبناني. ثم برزت اهداف اخرى نتيجة التطورات الداخلية في اسرائيل والمستجدات الدولية"، بعدما كانت واشنطن وتل أبيب تقران بأن "تلازم المسارين حقيقة اسراتيجية". ويشير خبراء الى وجود أطراف اميركية تدعو الى "فصل العلاقة المميزة" بين بيروتودمشق، من ضمنها دعوة "مجموعة الرئاسة الاميركية للدراسات" التي زارت الدولتين وعدداً من دول المنطقة وأصدرت تقريرها في نهاية العام الماضي. وجاء في التقرير: "من الأمور المحزنة ان اقتراح "لبنان أولاً" القائم على التفاوض من اجل انسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان والتوصل الى اتفاق لحماية الحدود، لم يتسن له النجاح لانه ضد الرغبة السورية". وضم الوفد الاميركي مسؤولين اميركيين كباراً منهم المدير السابق ل "الاستخبارات المركزية الاميركية" سي أي إي جيمس ولسي والسفير الاميركي السابق في اسرائيل صموئيل لويس وريتشارد هاس مستشار الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، وآلان ماكوفسكي المستشار الخاص لمنسق عملية السلام دنيس روس، ووزير الخارجية السابق الكسندر هيغ. وأشار هؤلاء في التقرير الذي اطلعت عليه "الحياة" الى وجود "تماثل" بين اقتراح "لبنان أولاً" والكلام الاسرائيلي عن الاستعداد للانسحاب من طرف واحد، يقوم على ان "تتوصل المفاوضات الى اتفاق يلتزم فيها كل طرف واجباته والقدرة على التوصل الى أفضل أساليب الحفاظ على الأمن". ويدعو التقرير اسرائيل الى الانسحاب من "جانب واحد" كي يعود "الهدوء الى الحدود الاسرائيلية - اللبنانية" بهدف "حل المأزق اللبناني" على ان يكون ذلك نتيجة "تردي الوضع الداخلي الاسرائيلي وليس نتيجة لدعم واشنطن"، لكنه يقترح في الوقت نفسه "اتباع ذلك بحملة ديبلوماسية مركزة لحشد دعم ضد الوجود السوري في لبنان، ودعم الحكومة اللبنانية لرفع جهودها في مجال الاصلاحات"، اضافة الى "دعم القطاع الخاص وتقديم منح اقتصادية وتطوير الجيش". وأضاف: "نحن نعتقد بوجوب تطبيق اتفاق الطائف بشكل كامل". وجاءت التصريحات الاسرائيلية الاخيرة عن تنفيذ القرار 425، لتوضح اسباب "القلق" السوري، والرد الذي قامت به دمشق عبر زيادة اتصال الرئيس حافظ الأسد بالرئيس الياس الهراوي وقيام وزير الخارجية السيد فاروق الشرع بزيارة نوعية الى بيروت ولقائه السفراء العرب حيث عرض امامهم "خلفيات الطروحات الاسرائيلية المفخخة في شأن القرار الدولي". وتلخص المصادر الرسمية السورية "خلفيات" الاقتراحات الاسرائيلية، بالآتي: - ان انطلاق المشاريع للانسحاب من جنوبلبنان، يأتي من "النزيف المستمر في القوات الاسرائيلية" في جنوبلبنان، اذ ان لهجة المسؤولين الاسرائيليين تتصاعد بعد كل عملية ناجحة للمقاومة اللبنانية. - يعود المسؤولون الاسرائيليون الى "هذه الاسطوانة" مع بدء مؤشرات لاعلان مبادرة جديدة لاحياء عملية السلام. اذ ان الاوروبيين كانوا أعلنوا قبل أيام عزمهم على بذل جهود لتحريك المفاوضات السورية المتوقفة منذ بداية 1996، كما ان اصواتاً اميركية علت لبذل جهود لإنقاذ عملية السلام. - ان حكومة نتانياهو شعرت ب "رياح الحصار" مرة اخرى، ذلك بعدما بدأت الجهود الديبلوماسية تتجه الى عملية السلام، بعد اتفاق بغداد لحل الازمة العراقية سلماً. - ان زيارة وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي لباريس حيث ينوي البحث في المشروع مع الفرنسيين، تستهدف "زرع عدم ثقة" بين باريسودمشق. - العمل على "زرع الفتنة والبلبلة في الصف الداخلي اللبناني" عبر الايحاء بأن دمشق تقف وراء عدم انسحاب اسرائيل من لبنان بذريعة انه "ورقة في يد سورية". ويمكن في هذا الاطار فهم زيارة الشرع لبيروت وتوقيتها واعلان تسليم معتقلين لبنانيين الى السلطات اللبنانية.