اثار مشروع الزواج المدني، اضافة الى اللغط الذي احدثه لجهة اقراره في مجلس الوزراء اول من امس او عدمه، انقساماً في الرأي بين مؤيّد للفكرة ومعارض ومتحفّظ عن توقيت طرحها ومشكّك في جدّيتها. الحريري ونقل رئىس رابطة خريجي كلية الاعلام والتوثيق - الجامعة اللبنانية الزميل عامر مشموشي عن رئىس الحكومة رفيق الحريري "ان اقرار مشروع الزواج المدني في مجلس الوزراء، وخلافاً لما نشرته الصحف، اقرار لمبدأ درسه لا اقراراً له". وهل يعتبر موقف رئىس الجمهورية الياس الهراوي رداً على مواقف الحريري التي حدد فيها مواصفات الرئىس المقبل، قال "ان الرئىس الهراوي لا يرغب في ترشيح نفسه الى ولاية جديدة كما طرح مراراً". واعتبر ان هدف المشاورات التي يجريها هو "الوفاق السياسي لأن هناك اشخاصاً، بغضّ النظر عن توجهاتهم وأفكارهم، يجب ان يشاركوا من خلال الحوار". وقال "ان ضميره لا يسمح له بالاستقالة وانه يعرف ظروف البلد تماماً". ووصف وزير الاعلام باسم السبع، بعد لقاء الحريري، ما حصل في مجلس الوزراء بپ"عملية تسلل". وقال "ان اقرار المشروع تمّ في المبدأ لأن أياً من الوزراء لم يناقش النص. وعندما طرح الرئىس الهراوي المشروع طلب وزير العدل بهيج طبارة ووزراء آخرون مناقشته فردّ رئيس الجمهورية ان مجموعة من القضاة وضعته ويمكن أي وزير ان يضع ملاحظاته عليه ويودعها الأمانة العامة لمجلس الوزراء". وأضاف السبع "ان الحريري الذي يتولى إعداد جدول اعمال مجلس الوزراء لم يكن على اطلاع على امكان طرحه في الجلسة إلاّ من خلال الصحف، وكان يفضّل التشاور والإتفاق في هذا الشأن خصوصاً ان التشاور يشمل اصغر الأمور في الإدارة، فكيف بموضوع حساس ومهم كهذا؟". ورأى "ان كل اللبنانيين يؤيدون الغاء الطائفية عموماً وليس فقط الطائفية السياسية، لكن اسلوب الطرح وتوقيته هما موضوع الخلاف". وعن توقعه مرحلة ساخنة مقبلة على الصعيدين السياسي والشعبي، قال: "اننا نراهن على وعي المواطنين". ودعا وزير النقل عمر مسقاوي القضاة والعلماء الى "الحكمة والتروي وطول البال في معالجة المسألة"، مشدداً على "ان ما حصل في جلسة مجلس الوزراء صراعات سياسية". وقال: "ان اقرار المشروع دخول في طريق موحش لا يعرف الى ماذا سينتهي". معارضون وفي ردود الفعل المعارضة للمشروع، استغربت كتلة الانماء والتغيير النيابية الشمالية اقرار المجلس مشروع القانون "بالتصويت من دون مناقشة جدية". وأعلنت "رفضها له، لانه يشكل استفزازاً غير مبرر لفئة لبنانية اساسية رفضته ويمس روحية الوفاق الوطني، ولا يجوز ان يعالج موضوع خلافي بهذه الاهمية على خلفية تصفية حسابات الترويكا وخلافاتها". ودعا النائب السابق فتحي يكن من "الجماعة الاسلامية" رئىس الجمهورية الى "تقديم استقالته والإفساح في المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة لمخالفته الصريحة لأحكام الدستور اللبناني، ولإساءته الى مشاعر المسلمين في هذا البلد". ودعا الى "عقد مؤتمر عاجل يحضره رئىس الحكومة ووزراء ونواب وعلماء دين لاتخاذ الموقف اللازم والكفيل بسحب فتيل مشروع الزواج المدني الذي يؤدي الى حرب اهلية جديدة". وأعلن "حزب الله" رفضه القاطع مشروع قانون الزواج المدني، ودعا الى "سحبه حرصاً على الوحدة الوطنية". ورأى "ان اقرار الوزراء المسلمين له يطرح على فقهاء المسلمين ومراجعهم مسألة فقهية خطيرة لا قدرة لأحد في لبنان على تطويقها نتيجة ما قد تثيره من احكام شرعية لا نرى مصلحة للوطن في اثارتها". واعتبر "ان اقرار الزواج المدني اعتداء على نظام الاحوال الشخصية والمصالح الدينية التي اوجب الدستور على الدولة ضمانها وحمايتها، وأن الزواج شأن ديني لا شأن للطائفية السياسية به، وهو امر سيبقى ويستمر حتى مع الغاء الطائفية السياسية، وأن من يفترض نفسه يعمل على الغاء هذه الطائفية ويبدأ بالزواج المدني، يكون كمن يضع العربة امام الحصان". واستغرب رئيس "حركة أمل الاسلامية" السيد حسين الموسوي المشروع "في وقت بدأت دول أوروبية ترى ثغرات فيه وتتجه ضمنا الى التخلي عنه". بكركي وفيما لم يصدر عن بكركي اي تعليق، ينتظر ان يعلن البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير موقفه من المشروع خلال عظة الأحد. ورأى راعي ابرشية جبيل المارونية المطران بشارة الراعي "ان طرح المشروع تم في شكل تهريبي، تعجب منه الجميع، فاذا كانت قضايا الاحوال الشخصية من المواضيع التي تنص عليها المادة الپ65 من الدستور، اي التي تقضي باتخاذ القرارات المصيرية بالتوافق وبثلثي الأصوات في مجلس الوزراء، فان الطريقة التي حصلت مستهجنة، علماً ان الموضوع مهم طرحه لكن المطلوب طرحه من كل الجوانب"، محذراً من "معالجة هذا الموضوع وفق ردود الفعل، فالموضوع اساسي ويستدعي التروي والدرس والإقرار في هدوء". وقال النائب اميل نوفل الذي زار بكركي "ان الغاء الطائفية السياسية سيؤدي الى خراب لبنان وإعادة الفتنة اليه"، داعياً الدولة الى "العمل لعودة المهجّرين اولاً قبل البحث في إلغاء الطائفية السياسية". واعتبر المستشار السياسي السابق لقائد "القوات اللبنانية" المحظورة توفيق الهندي من بكركي "ان قضية الزواج المدني منافية للدستور اللبناني". وأكد "ان الوقت ليس مناسباً لطرح مواضيع خلافية لأن ذلك سيُظهر انقسام لبنان على حاله". تشكيك وتحفظ وقال النائب نجاح واكيم "ان الطاقم السياسي عندنا يحوّل الافكار بالحرتقات نوعاً من الجدل والفرقة بدلاً من ان يكون عامل جمع للبنانيين". وأبدى "شكّه في جدية ما يطرح". وعن إلغاء الطائفية السياسية قال: "لا ارى ان هناك امكاناً لإلغاء طائفية الدولة من دون إلغاء طائفية المجتمع". واعتبر النائب عبداللطيف كبارة "ان هذا المشروع يطرح قضية تشكل نقطة خلاف حادة في الرأي العام"، داعياً الى "معالجة مثل هذه القضايا بعيداً من مناخ الفعل وردّ الفعل". وتمنى النائب جهاد الصمد على الحريري "التعاطي مع هذا الموضوع في شكل يجنّب البلد خضّات تعود عليه بالضرر". وأشار النائب مصباح الأحدب الى "ان طرح هذا الموضوع هو لتجاوز المواضيع الاساسية مثل سلسلة الرتب والرواتب"، مستغرباً "توقيت الطرح لأن هناك مواضيع حياتية ومعيشية اساسية تهم المواطنين". وتوقفت الرابطة المارونية التي اجتمعت مع نواب موارنة سابقين عند ما يشاع عن ربط مشروع الزواج المدني بإلغاء الطائفية السياسية "قبل تحقق الشروط الأساسية التي يستحيل في غيابها التعاطي مع هذا الموضوع البالغ الحساسية وهي شروط كانت في صلب وثيقة الوفاق الوطني قبل ان تصبح نصوصاً دستورية". مؤيّدون وفي المواقف المؤيّدة للمشروع، رحّب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي - الطوارئ، علي قانصو "بقرار مجلس الوزراء الموافقة على المشروع"، واصفاً اياه "بالقرار الشجاع". ورأى "انه خطوة في اتجاه تطوير النظام السياسي في اتجاه لاطائفي". وحيّا "رئىس الجمهورية والحكومة رئىساً ووزراء" مناشداً المجلس النيابي "اقرار هذا المشروع". كذلك أيّد المشروع الجناح الآخر للحزب، المجلس الأعلى. وأشاد المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني بالقرار معتبراً "ان الضجة التي لجأ البعض الى افتعالها على هذا الموضوع لا تستند الى وقائع صحيحة. وأن الاساس إلغاء الطائفية السياسية، وهنا سيكون المحك للفصل بين المواقف المعلنة والمواقف الحقيقية". ورحّب الحزب التقدمي الاشتراكي بإقرار مجلس الوزراء المشروع ورأى فيه "ايجابية وطنية كبرى". ودعا المجلس النيابي الى "درسه وإعطائه حقه من المناقشة والاقتراحات الاضافية كي لا يموت كغيره من المشاريع ذات العلاقة بمستقبل المجتمع والوطن والانسان". واستغرب في شدة "ان يعارض بعض الوزراء هذا المشروع فيرفض طرحه، ويتجاهل اهميته كأنهم لم يروا ما حلّ بلبنان بسبب التقوقع الطائفي والمذهبي". وشدد الحزب على "ضرورة استكمال هذه الخطوة بإلغاء الطائفية السياسية". وقال "المؤتمر الشعبي اللبناني"، برئاسة كمال شاتيلا في بيان ان "المواطنين كانوا ينتظرون من الحكم حلولاً لمشاكلهم الحياتية". وطالب البيان "الدول العربية التي رعت اتفاق الطائف والحل العربي للأزمة اللبنانية، ان تسأل الحكم اللبناني عما جرى تطبيقه من هذا الاتفاق حتى الآن، خاصة وان إلغاء الطائفية السياسية لا يعني أبداً إلغاء الأديان".