على رغم نجاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية، الذي استضافته الدوحة في الفترة من 15 الى 17 آذار مارس الجاري، في الخروج بقرارات تناولت مختلف القضايا الساخنة في الدول الاسلامية، إلا ان قضية السلام في الشرق الأوسط تصدرت جدول الاعمال وأخذت حيزاً واسعاً من البيان الختامي الذي ندد بالسياسة الاسرائيلية وأكد التمسك بالسلام الشامل والعادل. وكان الأهم في هذا الاطار ان المؤتمر "حث" الدول الاسلامية التي اقامت علاقات مع اسرائيل على وقف التطبيع و"إقفال المكاتب" التي تم فتحها. ويعد هذا ضربة جديدة للسياسة الاسرائيلية التي وجه لها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني انتقادات شديدة لدى افتتاحه المؤتمر، اذ دعا "المجتمع الدولي وراعيي عملية السلام الى ممارسة الضغط الفعال على اسرائيل لإنجاح عملية السلام"، مؤكداً "التزام قطر السلام العادل والشامل". ولوحظ او الأمير شدد على كفاح الشعوب وحقها المشروع في الحرية. واعتبر ان هذا "ليس ارهاباً" لكنه دان الارهاب ورأى انه "يتنافى مع تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف". وجاء كل ذلك في اطار تحول واضح في السياسة القطرية تجاه اسرائيل منذ ان تولى نتانياهو الحكم، اذ جمدت قطر علاقاتها مع اسرائيل وارتفعت درجة حرارة الهجوم على سياسة "الغطرسة والتعنت والابتزاز" على لسان المسؤولين وفي مقدمهم وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي أكد في مؤتمر صحافي لمناسبة اختتام المؤتمر الوزاري الاسلامي مساء الثلثاء الماضي ان "قطر تسعى الى ممارسة ضغوط على اسرائيل" عندما سئل عما اذا كانت الدوحة ستغلق المكتب التجاري الاسرائيلي في الدوحة. يذكر ان قطر اوقفت منذ أكثر من عام المحادثات مع اسرائيل "منذ ان رأت انحرافاً" في السياسة الاسرائيلية، حسب قول الوزير. وجاء أقوى هجوم على اسرائيل هذه الأيام على لسان الناطق باسم الخارجية القطرية السيد فواز العطية تعليقاً على تصريح لشارون حول السعي الى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في عمان خالد مشعل، اذ ارجع ذلك الى "خلفية شارون العسكرية الدموية"، والى "إرهاب" الدولة الذي تمارسه اسرائيل. وقال ان هذا "ليس غريباً عليها". وفي ظل هذا التيار الشعبي الرافض "للجسم الغريب" وحال "التجميد" الذي يعيشه المكتب التجاري الاسرائيلي في الدوحة، يرى قطريون ان "الاسرائيليين يعانون ايضاً من نتانياهو وتصرفاته"، ويؤكدون ان "مستقبل العلاقات القطرية - الاسرائيلية مرتبط بتقدم عملية السلام، فإذا تقدمت تقدمت العلاقات واذا تراجعت يصيب العلاقات المزيد من التراجع". ويتحدث بعض الأوساط عن "حال التجميد الحالي الذي يعيشه مكتب التمثيل التجاري الاسرائيلي في الدوحة". اذ اكدت المصادر ان قطر لم تستقبل أي وفد اسرائيلي منذ تدهورت عملية السلام. وعلى رغم استبعاد اغلاق المكتب الا انه سيبقى ورقة في يد القطريين يستخدمونها لممارسة الضغط على اسرائيل. ويلاحظ ان القطريين سعداء "بنجاح" المؤتمر الوزاري الاسلامي الذي شاركت فيه 55 دولة وحضر جلسته الافتتاحية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ويقولون ان انعقاد المؤتمر "انتصار ومكسب جديد للديبلوماسية" القطرية التي تستعد منذ الآن لاستضافة القمة الاسلامية المقبلة عام 2000 في الدوحة، كما أفاد وكيل وزارة الخارجية السيد عبدالرحمن العطية. وفي هذا السياق ينتظر القطريون نتائج أول زيارة يقوم بها الأمير منذ تسلمه الحكم للامارات يوم السبت المقبل، تعقبها زيارة هي الأولى لمصر يوم الاثنين 23 الجاري بدعوة من الرئيس المصري حسني مبارك، وفي اعقاب وساطة سعودية كانت توجت بمصالحة في الرياض.