السفير ابن بيشان يقدم أوراق اعتماده لسلطان عُمان    الفيفا ينشر «البوستر» الرسمي لبطولة كأس العالم للأندية 2025    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    "الديار العربية" و"NHC" توقّعان اتفاقية تطوير مشروع "صهيل 2" بالرياض    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    صحيفة إسبانية.. هذا ما يمنع ريال مدريد عن ضم لابورت    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    جرائم بلا دماء !    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حربا الخليج أثرتا مباشرة في الصناعة ومشكلة المنع والمصادرة قائمة . "حصار" ليبيا والعراق والسودان والوضع في الجزائر ساهما في تصاعد الأزمة مقارنة الكتاب العربي بالأجنبي ظالمة والإمارات أكثر الدول دعماً للصناعة 2 من 2
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 1998

عرضنا في الحلقة السابقة آراء الناشرين العرب بالنسبة لصناعة النشر ومعوقات تلك الصناعة، وفي هذه الحلقة نرصد واقع الصناعة في ظل الأوضاع العربية، خصوصاً أن هناك مشاكل داخلية لدول عدة أثرت بشكل مباشر وغير مباشر في الصناعة. كما حاورت "الحياة" ناشراً عربياً بارزاً هو ماهر الكيالي نائب رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين المدير العام للمؤسسة العربية للدراسات والنشر الذي قدّم "وصفة" سريعة للخروج بالصناعة من ازمتها.
اعدّت دار "الشروق" في مصر دراسة عن بنود كلفة كتاب سعر بيعه 10 جنيهات وحددتها كالآتي:
ولدى تحليل نتائج الدراسة تتضح العناصر الآتية:
1- أن نسبة الضرائب والرسوم الجمركية تزيد من كلفة الكتاب، وبالتالي ارتفاع سعره، فهي عبء لا بد من خفضه.
2- أن نسبة هامش ربح الناشر نسبة ضئيلة وهي أقل هامش يمكن أن يحصل عليه أي مستثمر في أي مشروع آخر، بل هي أقل بنسبة 30 في المئة عن فائدة البنوك.
3- أن نسبة العائد للمؤلف هزيلة، ولا تتناسب مع ما بذله المؤلف من جهد. وهذا أخطر شيء يهدد الفكر والإبداع، إذ أن المؤلف عندما لا يجد العائد المادي من مؤلفاته، لا تكون لديه الرغبة في التأليف، ومن ثم يفقد الدافع إليه.
4- أن المواد الخام معظمها مستورد من الخارج، وتخضع للاسعار العالمية فالبلدان العربية لا تمتلك مقومات الصناعة.
5- أن نسبة الموزعين تعادل نسبة المواد الخام في سعر البيع، فلهم الحظ الأوفر في الحصول على عائد أفضل من المؤلف والناشر، مع الاعتراف بتحمل الموزع أعباء كثيرة أخرى، مثل العمالة والضرائب، والمخزون.
من هذا يتضح أن الناشر لا دخل له في ارتفاع اسعار الكتب - حسبما قال محمد رشاد صاحب الدار المصرية اللبنانية - ولكن يستطيع أن يسهم في الحد من ارتفاع اسعار الكتب إذا زادت الكمية المطبوعة من كل كتاب، فالشيء المؤسف أنه في السنوات الثلاث الأخيرة يطبع بين 1000 نسخة الى 2000 نسخة، بعدما كان يطبع بين 3000 الى 5000 نسخة.
وهذا الانخفاض في الكمية المطبوعة يأتي على رغم زيادة عدد السكان في مصر والعالم العربي وتوسع معظم الحكومات العربية في إنشاء المدارس والجامعات، كما أن هذا الانخفاض في الكمية المطبوعة ساهم في ارتفاع اسعار الكتب.
ويمكن العمل على الحد من ارتفاع اسعار الكتب بزيادة طبع الكمية، بدلا من 2000 نسخة الى 10000 أو 20000 نسخة، فليس من المعقول أن يكون عدد سكان الوطن العربي نحو 260 مليون فرد إضافة الى العالم الإسلامي الذي تجاوز تعداده البليون نسمة، أن يوجد بينهم الكتاب العربي أو يطبع بنسبة قليلة، هذا إضافة الى أكثر من 6000 جامعة موزعة على انحاء العالم كله، يدرس فيها الأدب العربي، والحضارة الإسلامية، وكذلك المراكز المتخصصة التي تدرس وتحلل كل ما يصدر عن العالم العربي. فهل يليق بالناشر العربي بعد هذا طبع ما بين 3000 إلى 5000 نسخة؟ أو ما بين 1000 إلى 2000 نسخة؟ إن هذا عكس ما يطبعه أي ناشر في أية دولة متقدمة مثل اميركا أو انكلترا أو فرنسا، فهو يطبع مئات الآلاف، بل أحيانا يطبع ملايين النسخ، وأقلها عشرات الآلاف.
مشاكل أخرى
ويؤكد الناشرون العرب أن هناك مشاكل أخرى أمام صناعة النشر تتمثل في:
1- ارتفاع كلفة الإعلان على الكتب الجديدة في وسائل الإعلام المختلفة، إذ يعتبر الإعلان من العوامل المروجة لبيع الكتب ولكن يتردد الناشرون كثيراً في استخدامه نظراً لارتفاع اسعاره بصورة كبيرة سواء في الجرائد أو المجلات أو التلفزيون على رغم المحاولات لمنح خفوضات تصل في بعض الأحيان الى 50 في المئة كما أن المساحة المخصصة في الصحف والمجلات لنشر أخبار الكتب محدودة للغاية مقارنة الى حجم الانتاج المصري والعربي من الكتب.
2- بطء إجراءات تصدير الكتاب الى الخارج: بينما يشهد العالم تغيرات جذرية على المستوى السياسي والاقتصادي نجد أن الكتاب العربي ما زال مقيداً بقيود تحد من سرعة تصديره ووجوده في الاسواق الخارجية إذ لا يسمح بتصدير أي كتاب إلا بعد موافقة الرقابة على المطبوعات وهذه الموافقات تستغرق أحياناً أياماً عدة، كما يستلزم اتمام الإجراءات الجمركية لتصدير الكتب نحو تسع خطوات مثل الكشف والتثمين. شهادة الاجراءات، وعلى أن تتم بمعرفة أحد المستخلصين الجمركيين، وتشذ لبنان عن القاعدة إذ يتم التصدير بمعرفة الجهة المصدرة مباشرة، وسعت مصر أخيراً نحو خطوات إيجابية مثل إلغاء الاستمارة ت.ص الإقرار الجمركي بعد تحرير سوق النقد، وهناك أمل في أن يتلو ذلك خطوات أخرى لاختصار الاجراءات بما يكفل سرعة التصدير خلال 24 ساعة فقط من طلب العملاء حتى يمكن مواجهة المنافسين الذين ما زالوا يتميزون بسرعة التنفيذ والشحن.
3- ارتفاع كلفة شحن الكتب الى الخارج وعدم وجود خطوط نقل منتظمة، إذ ليس من المقبول أن تتم معاملة الكتب معاملة السلع التجارية الأخرى بالنسبة لأولوية الشحن، إذ يُعطى البريد السياسي والخضر والصحف والمجلات فقط أولوية أولى، ما يعوق سرعة تصدير الكتب، ويجب أن توضع اسعار تشجيعية مخفضة لشحن الكتب كما هو متبع في الملبوسات والخضروات علماً أن بعض الدول العربية مثل تونس تمنح تخفيضا للكتب يبلغ 80 في المئة من اسعار الشحن الأصلية.
وفي الجانب الآخر يعاني تصدير الكتاب من عدم وجود خطوط منتظمة للشحن البحري في كثير من الدول العربية ما يؤخر الشحن، كما يصادف النقل البري معوقات من نوع آخر تتمثل في صعوبة الحصول على تأشيرات دخول للسائقين في معظم الدول العربية، ما يزيد كلفة الشحن وبالتالي زيادة اسعار بيع الكتاب في الاسواق المتبادلة.
4- القيود المفروضة على حرية انتقال الكتب بين الدول العربية، إذ ما زال الكتاب يحتاج الى تأشيرة دخول في معظم الدول العربية وهو ما يطلق عليه لفظ "الفسح" وذلك على رغم ما حدث من تطور عالمي هائل في مجال المعلومات ما يستدعي العمل على إطلاق حرية تداول الكتب.
وملخص كل ما سبق ان الناشرين العرب يبدون متفقين على ثلاث قضايا مهمة فيما اختلفوا على قضية واحدة.
وما اتفقوا عليه هو:
1- إن مهنة النشر وحركة التأليف والإبداع في العالم العربي اصيبت خلال السنوات الأخيرة بآفة خطيرة اصبحت تهدد المهنة في أساس وجودها.
2- إن حربي الخليج عامي 81 و91 هما الأكثر أثراً في تلك الصناعة، في إشارة الى أن أي حادث طارئ قد يحدث في المنطقة سيترك مضاعفات مباشرة على اقتصادات الدول المعنية، ومن ثم سينعكس على اسلوب الحركة في الداخل.
3- إن العقوبات المفروضة على العراق وليبيا والسودان وما تشهده الجزائر من أحداث أثر مباشرة على الصناعة كون تلك العقوبات حققت إجمالي خسائر للدول الثلاث قُدر بنحو 175 بليون دولار سيصل في حال استمرار العقوبات الى 200 بليون عام 2000، وحرمان الدول الثلاث الأولى من المشاركة بجدية في أي منتدى في مجالات مهمة، كما انشغلت الجزائر بما يحدث في الداخل سيكون على حساب وضعها اقتصادياً وثقافياً.
في المقابل اختلف الناشرون في عدم وجود تحديد لعدد دور النشر في العالم العربي، فالبعض يؤكد أنها 1500 وآخرون 2000 أو 3000، لكن الغالب نحو 1200 دار، ثلث في مصر وثلث آخر في لبنان والبقية في الدول الأخرى. مع توقع زيادة تلك الدور الى 2000 دار عام 2005.
وقال هاني طلبة مدير التوزيع في "الأهرام" إن صناعة الكتاب العربي تشهد تطوراً ملحوظاً في الطباعة وزيادة عدد الناشرين وإخراج الكتاب الأكبر والأجود، ويجري حالياً تأسيس شركة لتسويق الكتاب العربي دولياً عبر شبكة انترنت، تتبناه مؤسستا "الأهرام" و"الأخبار" واتحاد الناشرين العرب لخلق وحدات عرض جديدة تمكن القارئ العربي من استطلاع المنتج الخاص به، وستكون الشركة برأسمال مئة مليون جنيه وتشمل منتجات ثقافية وكتاباً عربياً جديداً وسلماً موسيقىاً وأدوات فنية، على أن تطرح الشركة للاكتتاب قريباً، وستكون للشركة فروع في كل الدول العربية، فضلاً عن إنشاء شركة جديدة لصنع الورق من المواد الخام في جنوب الوادي في مصر، لخلق صناعة محلية بكلفة أقل من صناعة العالم.
وأشار طلبة الى ظهور صناعة الكتاب الالكتروني في قالب قرص ليزر في العالم العربي خصوصاً مصر والسعودية والذي تصل كلفته الى نحو 30 مليون جنيه بما فيها إنتاج الكتب المدرسية والجرائد والمجلات، وأكد على اهمية مرحلة تطوير الكتاب الثقافي الذي يمثل نحو 20 في المئة من قيمة الانتاج.
في الوقت نفسه حض الناشر السعودي محمد العبيكان على ضرورة دعم الحكومات العربية صناعة النشر والاهتمام بالقطاع الخاص الى جانب العام، ودعا وزارتي الثقافة والإعلام في الدول العربية الى البحث في حلول جذرية للقضاء على المعوقات، مشيراً الى أن المشاكل في بلاده معظمها مشاكل العالم العربي.
ودعت راوية عبدالعظيم صاحبة دار سيناء للنشر الى ضرورة ان تتعامل الحكومات مع دور النشر على أنها حملة شعلة لتطوير صناعة النشر، وإلا فالصناعة ستدمر.
وطالب محمد عبداللطيف صاحب دار السفير للنشر بالتنسيق بين المعارض، وأن تتحمل الدول العربية التي يوزع فيها كتاب كلفة التوزيع مع ضرورة دفع حق الناشر أو الموزع في الحال وليس بعد شهور وسنوات كما تفعل بعض الدول. ويطالب عدنان سالم بإحياء اتفاق تيسير انتقال الانتاج الثقافي العربي دمشق 1987 مع ضرورة إنشاء سوق عربية مشتركة للكتاب في حال تطبيق شروط عدة.
في الوقت نفسه طالب اتحاد الناشرين العرب بإثارة موضوع الرقابة وإطلاق حرية النشر والإبداع وطرح موضوع الملكية الفكرية وضرورة احترامها وحمايتها وإلقاء الضوء على أبعادها الحقيقية.
من جهة أخرى قد نرى في مقابلة ماهر الكيالي جديداً لم نتطرق اليه فيما سبق وهنا نصّها.
ما هي مشاكل صناعة النشر في العالم العربي؟
- لم تعد المشاكل اقتصادية بحتة لكن الوضع السياسي بات يفرض نفوذه على هذه الصناعة وأي صناعة اخرى، فلا يمكن تجاهل الحصار المفروض على العراق وليبيا والسودان والوضع المتوتر في الجزائر عند الحديث عن الاقتصاد أو الثقافة أو أي مجال آخر.
وما مدى تأثير ذلك؟
- يكفي القول إن المناخ الثقافي تعكر، وبات التفكير داخل هذه الدول في توفير الغذاء والدواء والمسكن من دون أي اهتمام بالثقافة ومن ثم توقفت صناعات عدة خاصة بالناشر العربي حتى المعارض الثقافية التي تقام في تلك الدول تأثر وضعها تماما بالحصار، لدرجة أنها الدول لم تستطع الوفاء بالتزاماتها تجاه الناشرين العرب الذين يسوقون انتاجهم داخل الاسواق، وهناك متأخرات لبعض الناشرين على ليبيا والسودان منذ عامين، واعتقد ان العراق كمثال خسر نحو بليون دولار في مجال الثقافة بسبب توقف العديد من الصناعات القائمة عليها منذ سنوات عدة.
على ذكر العراق، من الخاسر الأكبر ثقافياً هو أم الدول العربية؟
- الاثنان معاً، لنا أن نعرف أن بغداد لم يدخلها كتاب منذ عام 8019، وقليل ما يخرج منها كتاب، ويمكن ان يخرج المؤلف العراقي لكن ما يؤلفه لا يخرج. العراق سوق ضخمة اعتقد أنها كانت تستوعب من جهة الاستهلاك نسبة تراوح بين 25 الى 35 في المئة من اجمالي الكتب العربية المنتجة لكن الآن لا تتجاوز النسبة 4 في المئة والسبب الحصار الذي كلفه نحو 125 بليون دولار.
هل هناك اسواق أخرى استوعبت ما فقده الناشر العربي في العراق؟
- نعم لكن بنسبة ضعيفة.
لماذا؟
- القارئ العراقي مميز ونهم للثقافة ومداخيله كانت مرتفعة قياساً الى دول اخرى والاسواق العربية الأخرى قد تكون قدّمت بديلاً محدوداً لكن ربما كانت اقتصاداتها ضعيفة أو قارئها سطحي أو عدد سكانها قليل وتلك عوامل مؤثرة في الناشر.
عودة الى صناعة النشر ما هي معوقاتها؟
- استطيع ايجازها في نقاط عدة:
- عزوف المؤلف العربي عن التأليف والنشر لأن بيع النسخ لا يغطي كلفة البيع والطبع.
- الدور السلبي للرقابات العربية إذ تمنع الكثير من كتب سياسية واقتصادية ودينية وجنسية عن الصدور لأسباب يجهلها المؤلف والناشر والقارئ.
- عدم ارتباط وسائل النقل العربية بشكل سليم على رغم اتساع السوق.
- تضخم عدد الناشرين كما أدى الى ضعف القيمة الابداعية.
- عدم خضوع ترجمات بعض دور النشر العربية الى حقوق الملكية الفكرية ما تسبب في خلق مصدر للنزاعات والمشاكل.
حديثك يدفعني الى سؤال عن علاقة القارئ بالناشر؟
- القارئ العربي الآن غير جاد ودائما ما يقبل على كتب الإثارة والجنس والمنوعات، ومن ثم معظم القراء على علاقة وثيقة بالناشرين المجهولين والدخلاء.
مسألة تسعير الكتاب ليس لها معايير أو ضوابط فعلى أي اساس يتم ذلك؟
- في كثير من البلاد العربية توجد نسبة خصم 40 في المئة وفي مصر 35 في المئة، وفي الأردن توجد قاعدة لدور النشر إذ تنقسم الكلفة الى 50 في المئة للتوزيع و10 للمؤلف و25 للطباعة والورق و15 في المئة للناشر، وقد نجد أن معظم الناشرين العرب متساوون في الوضع لكن مسألة التسعير تخضع للمواصفات الفنية للكتاب والعائق الوحيد في التسعير هو الكمية.
ما تصورك لوضع صناعة النشر حالياً؟
- يجب ألا نغفل العامل الثقافي التاريخي عند الحديث عن الصناعة حالياً، وفي هذا الإطار نجد أن مصر ولبنان دولتان رائدتان في الصناعة ونجد السعودية دخلت الصناعة منذ خمسة أعوام، وفي الأردن الصناعة وليدة. وأعتقد أن هناك مساعي للخروج من الأزمة التي نواجهها مثل الاهتمام بالكتابة والثقافة عموماً، وتخفيض الرسوم الجمركية والضرائب. وتسعى 75 دار نشر أردنية الى طرق المشكلة، وصار في سورية والبلاد العربية اتجاه نحو التطور وبدء إقامة اتحادات ونقابات لحسم وربط كل المعوقات لحلها.
الكتاب المدرسي في الأردن ما وضعه؟
- لا تزال الدولة تتحكم فيه خصوصاً أنه تابع لوزارة التربية والتعليم، وهناك اتجاه حالياً لعقد لقاءات بمؤلفين وناشرين لإشراكهم في انجاز مقترحات لتخفيف الأعباء عن الدولة، وتطور المناهج في ظل ضوابط ومعايير محكومة.
ما هي أكبر الدول العربية دعماً للنشر والناشرين؟
- الدول التي لديها امكانات اقتصادية وفكرية ومنها الإمارات، إذ أن مجمع أبو ظبي يقيم سنوياً معرضاً بالمجان لدعم صناعة النشر من دون تقاضي أجور من الناشرين. وعلى النقيض نجد دولاً عربية كانت أخيراً تساند صناعة النشر لكن حرب الخليج الثانية ألغت تلك المساندة.
هل أثرت حرب الخليج في صناعة النشر؟
- نعم وتداعياتها مستمرة الى الآن وقد تطول، إذ أخذ بعض الدول الخليجية موقفاً من دول اخرى سميت دول المواجهة وهي الاردن وفلسطين والسودان واليمن، وحرّمت دخول الكتب والناشرين الى اسواقها والمشاركة في معارضها، واعتقد أن هذا اثر سلباً في ناشري دول المواجهة وقراء دول الخليج، وبسبب ذلك انخفض عدد النسخ في العالم العربي من ثلاثة آلاف الى الف نسخة بعد حرب الخليج، وحدث نوع من الجوع الثقافي في بلدان عدة، واصبح كل ابداع ناشري دول المواجهة يصل الى الأسواق الخليجية عن طريق توكيلات سورية أو مصرية أو أي دولة أخرى.
وهل هناك أمل في إعادة العلاقات كما كانت؟
- نعم، واعتقد أن الأردن والكويت نحو تقارب سياسي وتجاري لإزالة العقبات أمام السوقين خصوصاً بعد خفض الأردن أسعار الشحن الجوي والجمارك والضرائب ومعاودة التعامل مع خطوط الطيران في الكويت بقرار ملكي.
بعد حرب الخليج كانت هناك دول تمنح ميزات للكتاب ثم منعتها بسبب الحرب، وهناك دول أخرى قدمت أخيراً دعماً للناشر مثل الإمارات، هل أثر ذلك في الصناعة؟
- الموقفان انعكسا على الناشرين المحليين الأول سلبا والثاني ايجابا، ونتمنى أن تسلك الدول العربية ما قامت به الامارات.
ما هو وضع الناشر العربي بالنسبة للناشر الأجنبي، أو وضع الكتاب العربي بالنسبة للأجنبي؟
- المقارنة بين الوضعين ظالمة تماماً لأننا عالم بدائي في كل النواحي، أما الآخر فقد تعدى مراحل كبيرة في الامكانات والاقتصادات المرصودة. ولنا أن نعلم أن الناشر الأجنبي متفرغ للنشر ولا علاقة له بالتسويق أو الانتاج، أما العربي فمسؤول مسؤولية كاملة عن التأليف والطبع والتوزيع، كما أنهم الاجانب يدخلون أسواقنا والعكس غير صحيح، والدليل ما يحدث في معرض فرانكفورت في المانيا على سبيل المثال.
وما الذي يحدث في فرانكفورت؟
- تنهد بعمق، وقال: فرانكفورت أول معرض للكتاب في العالم من نواح عدة ومع الأسف المشاركة العربية ضعيفة ودور النشر المُمثلة هناك في تراجع، إذ ان مصر هي الدولة الوحيدة التي تشارك رسمياً وهذا لا يكفي. وللعلم يصل عدد الناشرين في المعرض الى نحو ثمانية آلاف من انحاء العالم، ويتم عقد نحو 80 في المئة من الصفقات التي يتمها ناشرون على مستوى العالم.
وهل هناك توقعات لزيادة مشاركة العرب في فرانكفورت؟
- هناك محاولة من اتحاد الناشرين العرب وإدارة المعرض لخفض أسعار المشاركة لتشجيع الناشر وقد تتجه بعض الدول الاوروبية الى اقامة معارض تدعو فيها الناشر العربي مجاناً كاستثناء لتشجيعه على الوجود في المعارض الدولية.
هل هناك أسواق عربية للنشر يتوقع نموها قريباً؟
- يهمني التحدث قليلاً عن سوق فلسطين الوليد خصوصاً بعد اصرار المسؤولين على عقده سنوياً في غزة والضفة على رغم فرض اسرائيل حظراً على ذلك، لكن الواضح أنه سيعقد كل عامين موقتاً، عام في الضفة وآخر في غزة، واعتقد أن المشاركة العربية في سوق فلسطين ليس الغرض منها التجارة المتعارف عليها إنما تستند الى دوافع وجدانية وقومية كون دور النشر في فلسطين عديمة الامكانات قليلة الاصدارات.
كم دولة شاركت في الدورة السابقة الأولى لمعرض فلسطين؟
- شاركت مصر والأردن عن طريق القطاع الخاص مباشرة فيما تشارك سورية ولبنان عن طريق وكلاء والسبب قيود تفرضها إسرائيل.
وما موقف اتحاد الناشرين العرب من وضع النشر في فلسطين؟
- اتحاد الناشرين قرر اقامة جناح فلسطيني مجاناً في كل معارض النشر والكتاب العربي في ترجمة واقعية للمساندة العربية للشعب الفلسطيني ضد إسرائيل، وترفض الدول الأخرى لاسباب تجارية وارتفاع الرسوم الجمركية والرقابة المقيدة.
مستقبل صناعة النشر العربية كيف تراه؟
- أطرح حلولاً لو تحققت ستكون الصناعة جيدة، وهي أن تعامل الحكومات الكتاب كسلعة استراتيجية وتصديرية وليس ترفيهية، ووضع خطة شاملة لتنشيط الصناعة، وإنشاء المكتبات العامة ودور النشر والفصل بين دورهما والفصل بين الناشر والموزع، ووضع ميثاق شرف عربي موحد للقضاء على دخلاء المهنة والمزورين، مثلما يحدث في لبنان بإدراج هذه القضايا ضمن القانون المدني العام، وتحديد أولويات النشر لخدمة التراث والقضاء على عنصر التعامل التجاري غير الواضح، والاهتمام بدور الناشر لحدود بعيدة وتطويره مهنياً بشكل يواكب الحضارة التكنولوجية السائدة اضافة الى التنسيق بين المعارض العربية المتقاربة القاهرة - بيروت - أبو ظبي - البحرين - تونس.
من أهم المقترحات درس المواقف السياسية والاقتصادية للأطراف المتشابكة وغير المتشابكة في العالم والتي أثرت سلباً في أسواق مثل الكويت وفلسطين وحرم فيهما دخول الكتاب واقتصر على التعامل بالتوكيلات.
وفي حال عدم تحقيق ذلك؟
- قُل على صناعة النشر العربي السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.