قال سام بحّور، المدير العام لشركة "AIM" لتقنيات المعلومات، وهي شركة خاصة، ان حق الفلسطينيين في استخدام الرقم الخاص بالبدالة الدولية 970 الذي حدده لهم اتحاد الاتصالات الدولي، لا يزال خاضعاً للسيطرة الاسرائيلية، وان الاحتلال علّق العمل بالرقم 059 الخاص بالسلطة الفلسطينية لدواعٍ "أمنية". وأضاف في حديث ادلى به الى "الحياة"، ان شركة الاتصالات الفلسطينية شهدت منذ تأسيسها رئيسين لمجلس ادارتها وثلاثة مديرين عامين، وجرى تغيير عدد من كبار المديرين والموظفين. وقال بحور الذي كان يشغل منصب مدير انظمة المعلومات في شركة الاتصالات الفلسطينية ان الشركة تواجه منافسة شديدة من قبل شركتين اسرائيليتين هما "بيلفون" و"سيليكوم". وذكر ان الشركة الفلسطينية تعمل في غياب رقابة واضحة المعالم. وفي ما يأتي نص اللقاء: هل لك ان تحدثنا عن بدايات تأسيس شركة الاتصالات الفلسطينية؟ - تأسست الشركة في كانون الاول ديسمبر عام 1995. وأدى ايمان المستثمرين بها الى زيادة رأس مالها الاولي الى 45 مليون دينار أردني نحو 65 مليون دولار اميركي. وبدا ان الامكانات الكبيرة لخدمات الاتصالات قوضت الاهتمامات الحقيقية التي مؤداها ان الظروف السياسية والاقتصادية بعيدة عن الاستقرار، في وقت كانت السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها تتكون. ومعروف ان "الادارة المدنية الاسرائيلية" تولت خدمات الاتصالات في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ احتلالهما، بما في ذلك خدمات الهاتف، التي كانت تعتبر من القضايا الامنية، ما جعل الحصول على مثل هذه الخدمات في حكم المستحيل، وأدى الى جعل متوسط هذه الخدمة في الضفة الغربية وقطاع غزة عدد الخطوط الهاتفية لكل 100 شخص الأقل على مستوى المنطقة، فلم يتجاوز 3.14 في المئة. وعند مقارنة هذا المتوسط مع مثيله في اسرائيل والبالغ أكثر من 30 في المئة، تتبين امكانات النجاح الهائلة لشركة الاتصالات الفلسطينية. اضافة الى ذلك، لم تقدم الادارة المدنية الاسرائيلية أية خدمات من تلك التي تندرج تحت باب خدمات القيمة المضافة، اذ لم يكن في وسع الفلسطينيين استئجار أية خطوط مباشرة مؤجرة Leased Lines، ناهيك عن خدمات الفاكس التي كانت محظورة حتى اواخر الثمانينات. هذه الحقائق ادت الى تراكم قرابة 120.000 طلب للحصول على خدمات هاتفية عادية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يزيد عمر بعضها على 20 عاماً. أين موقع الاتصالات في الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل؟ - نص اعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل في واشنطن في 13 ايلول سبتمبر 1993 على انسحاب اسرائيلي محدود من الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى انشاء جهاز حكومي فلسطيني معترف به السلطة الوطنية الفلسطينية. وبموجب هذا الاعلان والاتفاقات اللاحقة، يحق للسلطة الوطنية الفلسطينية ان تقوم "ببناء وتشغيل نظام اتصالات مستقل ومنفصل وبنية تحتية تتضمن شبكات الاتصالات". وفور استعادة حقها السياسي في بناء وتشغيل قطاع الاتصالات في فلسطين، قررت السلطة الوطنية الفلسطينية تخصيص هذا القطاع، واتفقت مع ثلاثة من كبار المستثمرين الفلسطينيين على تنفيذ هذه العملية. وعليه تحرك المستثمرون الفلسطينيون لتأمين الاستثمارات اللازمة للنهوض بهذه المهمة. وفي الربع الاخير من عام 1995 نجح المستثمرون في تجنيد ما مجموعه 66 مستثمراً لتأسيس نواة الشركة، واتفق على ان يمتلك هؤلاء نحو 75 في المئة من الاسهم. وطرحت الاسهم المتبقية للبيع في اكتتاب عام عبر المصارف المحلية. وتم الاكتتاب بمعدل 4.5 مرة اكثر مما كان مطلوباً، ما يعكس التزاماً قوياً تجاه هذا القطاع. واستجابة لطلبات الاستثمار العام، قرر المستثمرون المؤسسون زيادة حصة المساهمة العامة في الشركة وخفض حصة المؤسسين في شكل تناسبي. من هم ابرز المستثمرين في الشركة؟ - القاعدة الاستثمارية للشركة غاية في التنوع، على رغم انفراد مجموعة صغيرة من المستثمرين المؤسسين، حتى هذا الوقت، في متابعة القضايا الاستراتيجية والادارية. والاكثر بروزاً ضمن هذه المجموعة، شركة فلسطين للتنمية والاستثمار التي تمتلك اكبر حصة من الاسهم والشركة الفلسطينية للخدمات التجارية التي تمثل مصالح السلطة الوطنية الفلسطينية في شركة الاتصالات الفلسطينية. وتضم قاعدة مستثمري الشركة غالبية الشركات الاستثمارية وشركات التأمين والمصارف العاملة في فلسطين، اضافة الى اكثر من 6.000 مستثمر فردي. وارتفعت اسهم الشركة منذ افتتاح سوق فلسطين للأوراق المالية عام 1997، ويباع السهم، الذي بلغ سعره ديناراً اردنياً واحداً عند الاكتتاب الاولى، بنحو 2.95 دينار حالياً، ويشهد ارتفاعاً مطرداً على رغم ان الشركة لم تصدر أية تقارير مالية للمساهمين ولم تعقد أي اجتماع لهم بعد الاجتماع التأسيسي. هل انهت الشركة علاقتها باسرائيل؟ - حدد اتفاق اوسلو مجالات معينة يكون اشتراك اسرائيل فيها بمثابة امر اجباري، كخطوط الحركة الدولية، والتنسيق في شأن حق العبور ضمن مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة، والاكثر أهمية هو انه يتوجب ان تقوم اسرائيل بتزويد الجانب الفلسطيني الذبذبات اللازمة لتوفير خدمة الهاتف الخليوي المزمع تنفيذه استناداً الى نظام الهاتف الخليوي العالمي النقال GSM اضافة الى استمرار شركة الاتصالات الفلسطينية في التعامل مع شركات اسرائيلية عدة لقرب المسافة والخبرة الطويلة لهذه الشركات في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، مثل تيليراد، واي. سي. آي، وتديران، وبيزك. ودخل عدد من صغار الموردين في اتفاقات تجارية مع شركة الاتصالات الفلسطينية في مجال التوريد وتوفير خدمات معينة. وقد يكون مناسباً ان تقوم شركة الاتصالات الفلسطينية بتنويع قاعدة الشركات الموردة وتقديم موردين جدد الى المنطقة. فحتى اسرائيل، التي تعتبر موطناً لشركتين من كبار الموردين في مجال الاتصالات، تتعامل مع موردين غير اسرائيليين لضمان نجاعة المنافسة وتوكيد اهمية التنويع. وهناك عنصر آخر لا يزال خاضعاً للسيطرة الاسرائيلية هو حق الفلسطينيين في استخدام الرقم الخاص بالبدالة الدولية الذي حدده اتحاد الاتصالات الدولي ITU، يذكر ان اتحاد الاتصالات الدولي حدد الرقم 970 لفلسطين، الا انه لن يكون بوسع الفلسطينيين استخدامه من دون موافقة اسرائيل. واتفق في اوسلو، على استخدام رقم هاتفي خاص بمنطقة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذا الرقم هو 059، الا ان الحكومة الاسرائيلية علّقت العمل بهذا الرقم لدواعٍ أمنية". وستبقى الشركة تعمل ضمن المدى الرقمي الذي حددته اسرائيل في السابق، الذي يعتبر محدوداً جداً خصوصاً في ظل الاحتياجات المتزايدة للهواتف، اضافة الى انه لن يكون في وسعها الاستفادة من الملايين التي سيوفرها الاستثمار في المقاسم الرقمية والكوابل وما الى ذلك. ما هي الصعوبات التي رافقت حصول الشركة على التراخيص اللازمة؟ - الحصول على الترخيص من ابرز القضايا القانونية، واتخذت هذه المسألة في فلسطين ابعاداً اضافية عدة. فالسلطة الفلسطينية كيان حكومي حديث يفتقر الى أية خبرة سابقة في مجال الاتصالات او الرقابة على هذا القطاع. وقد تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب الترخيص وجرت المراسم الرسمية لتوقيع الرخصة في ذكرى يوم الاستقلال الموافق 15 تشرين الثاني اكتوبر عام 1996، بعد مرور اكثر من عام ونصف العام على الشروع في تأسيس الشركة. وتعطي هذه الرخصة الشركة 20 عاماً لتقديم خدمات الاتصالات كافة وخدمات القيمة المضافة، بما في ذلك الخطوط الثابتة والخيلوية وتراسل البيانات والانترنت والنداء الآلي، وما الى ذلك. وللشركة الحق الحصري بشبكة الخطوط الثابتة حتى سنة 2007 وبشبكة الهاتف الخليوي خمس سنوات منذ بداية تشغيلها. هل من رقابة حكومية على الشركة؟ - قبل منح الرخصة لشركة الاتصالات الفلسطينية، تعاقدت السلطة الوطنية مع مستشارين من شركة كي. بي. ام. جي KPMG البريطانية لاجراء دراسة لتنظيم قطاع البريد والاتصالات. وتمخضت الدراسة عن عدة سيناريوهات، بينها انشاء لجنة مستقلة "سلطة الاتصالات" تضم في عضويتها طواقم مؤهلة وتتمتع بخبرة كافية. حالياً، وزارة البريد والاتصالات هي الهيئة المسؤولة عن تنظيم القطاع. الا ان الامثلة على الرقابة الحقيقية غير واضحة المعالم، وعلى رغم ان الوزارة طالبت شركة الاتصالات الفلسطينية في اكثر من مناسبة بنشر معدلات اسعار المكالمات، ورفضت في احدى المرات توزيع فواتير الهاتف من خلال البريد بسبب عدم دقتها، الا انه لا توجد أية استراتيجية واضحة في هذا الخصوص. كيف تقوّم أداء الشركة في ظل غياب الرقابة المطلوبة؟ - أداء الشركة أقل بكثير مما كان متوقعاً. من الناحية الادارية، زادت الشركة موظفيها من 650 الى 1.000 في غضون 11 شهراً. ومنذ تأسيسها شهدت رئيسين لمجلس ادارتها، وثلاثة مديرين عامين، وجرى تغيير العديد من كبار المديرين والموظفين. وحتى الآن لا تتوافر أية خدمات عدا الخدمات الهاتفية السلكية، وتتركز الجهود حالياً على تطوير الشبكة في مناطق عمل الشركة. وتقوم شركة الاتصالات الاسرائيلية بيزك بعملية معالجة وإصدار الفواتير. وفي ما يتعلق بخدمات المشتركين، لم يطرأ أي تحسن يذكر عليها، فعلى سبيل المثال، لا تزال فلسطين من دون دليل شامل، فضلاً عن ان نظام معالجة الاعطال ما زال يدوياً، وغياب هذه الامور متوقع في ظل الضغوط الكبيرة التي تواجهها الشركة والنقص الواضح في الادارة المهنية لقطاع الاتصالات. هل يدرك مجلس ادارة الشركة هذه النواقص؟ وماذا فعل لمعالجتها؟ - بغية مساعدة الشركة في تخطي هذه العقبات وتوفير الخبرات اللازمة في مجال الاتصالات على المستوى الدولي، تعاقد مجلس الادارة مع شركة "كيبل آند ويرلس" البريطانية لتقديم خدمات استشارية في مجال الاتصالات لمدة عام، وتم توزيع مستشاري كيبل آند ويرلس على دوائر الشركة كافة للعمل عن كثب مع مديري هذه الدوائر. ولكن تجدر الاشارة الى ان "كيبل آند ويرلس" تمتلك حالياً 10 في المئة من اسهم شركة بيزك الاسرائيلية، واعلنت مطلع السنة الجارية نيتها شراء 10 في المئة اخرى من اسهم هذه الشركة. وكانت شركة الاتصالات الفلسطينية، تعاقدت عام 1996 مع "بريتش تليكونسلت آند ديتكون"، البريطانية للمساعدة في عملية الترخيص وإعداد خطط العمل لشبكة الخطوط الثابتة والهواتف الخليوية. لكن شركة الاتصالات ورثت عبئاً ثقيلاً من الماضي، ألا تعتبر ما حققته حتى الآن، على ضآلته، انجازاً؟ - ورثت شركة الاتصالات الفلسطينية عن وزارة البريد والاتصالات الفلسطينية اكثر من 85.000 خط هاتفي، وفور البدء في ممارسة انشطتها، اعلنت برنامجاً طارئاً لاضافة 74.000 خط جديد العام الماضي. لكن التقديرات تشير الى ان عدد الخطوط التي ركبت فعلياً خلال ذلك العام يقل عن 25.000 خط، علماً بأن معظمها يعمل على تكنولوجيا 1"10. ويبلغ عدد الخطوط الثابتة الواجب توافرها بموجب الرخصة 250.000 مع حلول سنة 1999، تشمل الخطوط الموروثة عن وزارة البريد والاتصالات. وتأخر كثيراً تنفيذ مشروع الهاتف النقال GSM اذ طُرح عطاء لتوفير المعدات اللازمة للمشروع منذ اكثر من 15 شهراً، ولم يحصل اي تقدم ملموس، لأن الجانب الاسرائيلي تأخر في توفير الذبذبات اللازمة. ما مدى تأثر الشركة بالمتغيرات وسوق المنافسة من حولها، خصوصاً في اسرائيل؟ - شهد العام الماضي تغيرات اساسية في سوق الاتصالات الاسرائيلية، اذ برزت المنافسة في مجال الاتصالات الدولية بين ثلاث شركات، هي بيزك الدولية، وبراك، والخطوط الذهبية. هذه المنافسة تركت آثارها على شركة الاتصالات الفلسطينية، خصوصاً ان خطوط الحركة الخارجية كافة تمر عبر مقسم اسرائيل. وأدت المنافسة في سوق الاتصالات الخارجية الى تحسين وضع حركة الاتصالات الدولية لشركة الاتصالات الفلسطينية، وأدى هذا التطور الى بروز ضغوط جديدة على الشركة لخفض معدلات اسعار المكالمات. وفي ما يتعلق بمشروع الهاتف الخليوي، تواجه الشركة منافسة شديدة من شركتين اسرائيليتين، هما "بيليفون" و"سيليكوم"، اللتان سوقتا عشرات الآلاف من اجهزة الهواتف الخليوية في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الاعوام الخمسة الماضية. وعلى رغم ان شركة الاتصالات الفلسطينية تتفرد، بموجب الرخصة، بحق تقديم الخدمات الهاتفية الخليوية لفترة محددة من الزمن، الا ان هاتين الشركتين تقدمان اسعاراً للمكالمات الدولية تقل عن اسعار شبكة الخطوط الثابتة لشركة الاتصالات الفلسطينية. وتستدعي معالجة هذه القضية تضافر جهود شركة الاتصالات الفلسطينية ووزارة الاتصالات الفلسطينية، والشروع في بناء شبكة الهاتف الخليوي الخاصة بالشركة. ما الذي يتوجب على شركة الاتصالات الفلسطينية عمله؟ - التأخير في معظم العطاءات التي طرحتها شركة الاتصالات الفلسطينية دليل واضح على ان الضغط والحماسة لوضع حلول فورية للمشاكل يشكلان استراتيجية فاشلة، لذا يتوجب على الشركة تحديد وجهتها الاستراتيجية وتعيين الكوادر المؤهلة لادارة هذه الاستراتيجية. وعلى الشركة ان تركز على بناء علاقات استراتيجية مع الموردين على المستويين المحلي والدولي، ليكون بالامكان اضافة قيمة فورية للمشاريع المتخصصة بدل السعي الى التفرد في مواجهة التحديات بمصادر محدودة. وعلى هذا الصعيد، أعلنت شركة فلسطين للتنمية والاعمار، اكبر مساهمي شركة الاتصالات الفلسطينية، في الصحف المحلية عن تأسيس شركة فلسطين لتقنية المعلومات، التي انيطت بها مهمة تزويد شركة الاتصالات الفلسطينية بنظام الفوترة وخدمات المشتركين ضمن انظمة اخرى كما اشترت الشركة، من خلال شركة فلسطين لتقنية المعلومات، اكثر الانظمة حساسية في مجال الاتصالات - نظام الفوترة- من شركة برمجة هندية. وأثار توفير النظام المذكور، عبر عملية غير تنافسية، حفيظة عدد من المساهمين الكبار، لأن الحلول المطبقة لم تتم على اساس المنافسة، وأرى ان محاولة شركة الاتصالات الفلسطينية ان تصبح مورداً لانظمة المعلومات وتراسل البيانات والانترنت والخطوط الهاتفية الخليوية والهاتفية الثابتة وخدمات النداء الآلي، في المرحلة الاولى من عملها، امر غير عملي ولا يبشر بنتائج مثمرة. وبما ان شركة الاتصالات الفلسطينية شركة خاصة، فان المساهمين سيدفعون ثمن أية اخطاء ترتكب. ما هو دور السلطة الفلسطينية وحدود مسؤولياتها هنا، وهل تقوم بأي نوع من الرقابة على الشركة؟ - على مستوى سياسات قطاع الاتصالات تتحمل السلطة مسؤولية صياغة سياسة قطاع الاتصالات ومنح تراخيص العمل، والرقابة على الجهات الحاملة للتراخيص. المهمة الاولى تنفيذية مناطة بوزارة البريد والاتصالات التي تعمل حالياً على اعداد القواعد التنظيمية الكفيلة بضمان حق الشركات المقدمة لخدمات الانترنت في العمل في ضوء منح شركة الاتصالات الفلسطينية رخصة للقيام بذلك. وتعتبر قضية التعرفة من المواضيع التي يتوجب على وزارة البريد والاتصالات معالجتها، وقد اعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية اخيراً عن نيتها تطبيق التعرفة "الاسرائيلية" على المكالمات الدولية، لذا ينبغي عليها مراقبة هذه التعرفة والتأكد من ان هذا القرار يخدم مصلحة المستهلك الفلسطيني على النحو الامثل، خصوصاً ان في السوق الاسرائيلية ثلاث شركات في مجال الاتصالات الدولية وان تعرفة كل منها مختلفة عن الاخرى. كذلك يتوجب على الوزارة التحقق من ان انماط حركة الخطوط الهاتفية الفلسطينية موازية لخطوط الحركة في اسرائيل، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها التأكد من ان تطبيق التعرفة الاسرائيلية يعود بالنفع على المستهلك الفلسطيني. ويتوجب حمل شركة الاتصالات الفلسطينية على نشر اسعار المكالمات الى دول العالم كافة. ومن جهة اخرى، يعتبر تنظيم الشركات العاملة في هذا المجال بمثابة سياسة مهمة وأداة اقتصادية حيوية لمراقبة التعرفة وحماية المنافسة والمعايير وجودة الخدمات. والهدف الرئيسي من الرقابة ضمان حصول المستهلك على كمٍ كافٍ من الخدمات ذات الجودة العالية بأسعار تنافسية معقولة. ما الذي يتعين على هيئة الرقابة عمله؟ - يتعين على الهيئة ان توفر مستوى مقبولاً من التيقن بخصوص العوائد المالية للمستثمرين المحتملين لتشجيعهم على الاستثمار، وان تحول دون اساءة استغلال النفوذ، سواء من خلال دعم القادمين الجدد للسوق او تقييد سلوك الطرف المسيطر، وحماية المستهلك، والتأكد من الالتزام بالشروط الواردة في الرخص الممنوحة وفرض عقوبات على المخالفين، والتركيز في هذا السياق على مراقبة الاسعار وجودة الخدمات وتحقيق الاهداف التنموية، والعمل على تعزيز الوعي بفوائد خدمات الاتصالات، وايجاد آليات عادلة في مجال تمويل الاهداف الاجتماعية للاتصالات. هذا الامر ليس سهلاً، لذلك يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية بذل المزيد من الجهود واستثمار المصادر كافة لمواجهة التحدي المتمثل في تنظيم القطاع الخاص. هناك من يشكك في خبرات العاملين وكفاءتهم ما رأيك بذلك؟ - ليس ضرورياً ان تكون الطواقم المؤهلة للعمل في قطاع الاتصالات، او اي مجال تكنولوجي آخر متشابهة في ما يتعلق بالخبرات، مع تلك التي افرزها الاقتصاد الاردني او الفلسطيني خلال العقدين الماضيين. ومن الضروري ان يتم تعويض الطواقم المؤهلة التي تحمل شهادات عليا وخبرات كبيرة استناداً الى ظروف عمل القطاع وليس مقارنة بالقطاعات الاقل تقدماً، مع عدم المساس بحق الموظفين كافة في التمتع بالامن الوظيفي. ويجب في هذا المضمار، ان يستند التوظيف في هذا القطاع الى استراتيجية تركز على استيعاب الكفايات الفلسطينية في الوطن والشتات كبديل دائم لظاهرة الخبراء الاجانب، التي تعتبر اكثر شيوعاً، وهذا كفيل بمنح المغتربين فرصة العودة الى الوطن والمشاركة في عملية بناء المستقبل الفلسطيني، والمهم في هذا المضمار وجود مسؤولين اكفاء للتعامل مع الطواقم. أين صغار المساهمين في كل هذا؟ - يراقب صغار المستثمرين عن كثب الارتفاع الذي يطرأ على قيمة اسهمهم في الشركة، ومن ناحية اقتصادية بحتة، يتوجب ان يبقى الامل لدى هؤلاء في بقاء وتيرة ارتفاع الاسهم على ما هي عليه. وبما اننا لا نعيش اقتصاد السوق الحرة، فمن الممكن ان تتسبب نتائج عدم بناء بنية تحتية قوية لقطاع الاتصالات في إلحاق ضرر طويل الامد بعملية بناء اقتصاد حيوي لدولة فلسطين. اما بالنسبة لأرباح الاسهم، التي تتحقق على رغم عدم تعميم أية تقارير مالية على المساهمين او عقد اجتماعات لتقويم أداء مجلس ادارة الشركة، فانها قد تواجه نهاية غير متوقعة في ظل المعضلات القائمة، ومما لا شك فيه ان قطاع الاتصالات مربح للغاية، الا ان من الخطأ ان يكون التركيز على ذلك فقط على حساب بناء الاقتصاد الوطني. عندما نطرح جانباً القضايا السياسية كافة التي ليس بمقدور شركة الاتصالات الفلسطينية ووزارة الاتصالات وضع حلول لها، يمكن الاستنتاج ان المشاكل المصاحبة لعملية بناء شركة اتصالات وطنية من تحت الصفر تعتبر من اكثر الاعباء جسامة، وعندما يكون هذا العبء مصحوباً بوجود طواقم على قدر بسيط من الخبرة الادارية والتجارية، فإن النهوض بمثل هذا العبء يصبح بمثابة مهمة شاقة.