آرن لارسن أول مريض زرعت في صدره أداة تنظيم الدقات قبل 40 سنة. يبلغ عمر لارسن الآن 83 سنة، ودق قلبه بمساعدة الأداة نحو بليون مرة. وأصبح لارسن الشاهد الحي على واحد من أعظم انتصارات العلوم الطبية والهندسة الألكترونية. واجريت له خلال هذه الفترة 25 عملية لاستبدال الأداة التي تحفز كهربائياً وتنظم نبضات قلبه المرتبكة بشكل خطير. وفي كل عملية كانت الأداة تستبدل بواحدة أصغر وأذكى وأكثر أماناً ومتانة وكفاءة، والآن لم يعد زرع الأداة يحتاج الى عملية جراحية، وتحولت الأدوات من أجهزة الى آلات أوتوماتيكية بالكامل. كومبيوتر القلب تتكون أدوات تنظيم دقات القلب الحالية من أجهزة كومبيوتر صغيرة ترصد عملها ذاتياً ويمكن تصميمها بأشكال مختلفة لتلائم كل مريض. كثير من هذه الأدوات تنظم دقات تجويف واحد من تجاويف القلب الأربعة، والجديدة منها تنظم تجويفين، وتراوح أسعارها ما بين 5 آلاف و11 ألف دولار تبعاً لتعقيد تصميمها. وتذكر صحيفة "نيويورك تايمس" في تقرير حول الموضوع أن عدد الأشخاص الذين يحملون أدوات تنظيم دقات القلب يبلغ في الولاياتالمتحدة فقط مليونين، وتراوح أعمارهم ما بين المواليد الجدد والأشخاص الذين تجاوز عمرهم المئة. ويدين كثير منهم، مثل آرن لارسن بحياته لهذه الأداة. وغالباً ما يقوم لارسن برحلات لالقاء محاضرات حول كيف يمارس الأشخاص الذين تزرع لهم الأداة حياتهم المعتادة، ويقول: "أنا أنسى أن في صدري منظم دقات القلب". لكن عندما زرعت له الأداة عام 1958 كانت الامور مختلفة تماماً. كانت الأداة تنقل فيروسات تربك عمل الدارة الكهربائية التي تربط تجاويف قلب لارسن، فلا يعود يستطيع النبض بشكل منتظم. وقد احتاج في بعض تلك الحالات الى عمليات تنفس صناعي ما بين 20 و30 مرة في اليوم للحفاظ على حياته، ومكث في المستشفى 6 شهور واعطي كل أنواع الأدوية المتوفرة من دون نتيجة. نابض القلب وفي عام 1958 لم تكن تتوفر سوى بضع أدوات لتنظيم القلب وكانت كبيرة الحجم وثابتة. ولم يكن المريض يستطيع التحرك أبعد من السلك الذي يربطه بها. وكانت العدوى تنتقل الى المريض عبر أسلاك الأداة المتصلة بجلده. واستبدلت الأداة في ما بعد بواحدة أصغر تعمل بالبطاريات وتحتاج الى شحن كل بضع ساعات. ومن بين 26 أداة استبدلها لارسن كانت أطولها عمراً تلك التي استخدمها ست سنوات ما بين عام 1982 و1989. ويطلق على أداة تنظيم الدقات التي يحملها الآن اسم النابضPacesetter وزرعت له عام 1996 في السويد. وقد تبدلت الأدوات كلية خلال هذه الفترة ولم تعد تتعرض للعطل أو تتسرب بطارياتها أو تنقطع أسلاكها ولم يعد يحدث عطل الكتروني فيها. لكن بعض حالات العدوى لا تزال تحدث بنسبة واحد من بين 200 مريض، وذلك غالباً بسبب التلوث خلال وضع الأداة، كما تحدث حالة وفاة واحدة من بين ألف مريض. وتبلغ نسبة استبدال الأداة نحو 10 في المئة، وذلك إمّا بسبب العدوى أو فشل الأداة. وتسبب إزالة الأداة بعض المشاكل عادة لأنها تثبت في جرح في نسيج القلب ويمكن أن تجرح القلب خلال نزعها. ولا تؤثر الأجهزة المنزلية كفرن المايكرويف أو البطانية الكهربائية على منظم دقات القلب، لكن الهاتف الخليوي قد يقلل من كفاءة عمل الأداة، وفق تقدير "جمعية القلب الأميركية". محاذير وينصح الأطباء أن لا يحمل المرضى الهاتف الخليوي في جيب الصدر فوق أداة منظم القلب وأن يضعوا الهاتف عند التحدث فوق الاذن الأبعد عن الأداة. وذكرت الإدارة الفيديرالية للأغذية والأدوية في الولاياتالمتحدة أنها تسلمت خلال السنوات العشر الماضية 44 تقريراً عن تأثر عمل أدوات تنظيم دقات القلب بأجهزة كشف المعادن في المطارات والكشف عن اللصوص في المخازن العامة. وطلبت الادارة الفيديرالية من الأطباء تنبيه مرضاهم الى الابتعاد عن هذه الأجهزة والتفاهم مع الأجهزة الأمنية على أدوات كشف مختلفة للأشخاص الذي يحملون في صدورهم أدوات تنظيم دقات القلب. ولا تحتاج عملية وضع النابض الى أخصائي وتخدير عام، حيث يمكن أن يقوم بذلك طبيب متمرن وباستخدام التخدير الموضعي فقط. وقد أحدث تطوير بطاريات الليثيوم تقدماً كبيراً في نوابض القلب التي يمكن أن تخدم حالياً ما بين سنتين و10 سنوات، ويمكن رصد عملها من بعيد بواسطة الهاتف في حال عطل البطارية أو حدوث أي مشكلة. وحدث تطور كبير خلال السنوات العشر الأخيرة في تصميم نوابض يمكنها أن تحس بالأنماط المختلفة للنظام الكهربائي للقلب، وتكيف نفسها تبعاً لمتطلبات الجسم المتعددة. وتوفر أحدث الموديلات نبضاً أبطأ للقلب بصورة اوتوماتيكية. وتستخدم الآن النوابض التي تنظم عمل تجويفين في علاج النبض المنحرف الذي يعرف باسم الاختلاج العضلي لأذين القلب. وفي تقدم آخر تستخدم النوابض سوية مع أجهزة الاختلاج حيث كان المريض في الماضي يستخدم جهازين منفصلين.