تواصل الإدارة الاميركية الضغط لتنفيذ مشروع تمديد خط انابيب للنفط بين العاصمة الاذربيجانية باكو ومرفأ جيهان التركي على رغم سلسلة من النكسات واجهها هذا المشروع الذي لا يحظى بإجماع كافة المعنيين. وقال يان كاليكي، مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة في دول الاتحاد السوفياتي السابق، ان الولاياتالمتحدة ملتزمة انشاء ممر للطاقة يتجه من الشرق الى الغرب عبر دول بحر قزوين، من باكو الى جيهان. ويهدف هذا المشروع الى نقل معظم الپ700 ألف برميل التي يتوقع ان تنتج يومياً في العقد المقبل. وسيتولى تنفيذه كونسورتيوم مؤلف من شركات نفط غربية تحت اسم "شركة اذربيجان العاملة الدولية" اي آي أو سي بالتعاون مع "شركة بترول اذربيجان الوطنية" سوكار. وكان المسؤولون الاذربيجانيون أعلنوا إرجاء الموعد النهائي المحدد لتقديم الشركات اقتراحات في شأن نقل النفط من باكو الى الاسواق الغربية، من 12 تشرين الثاني نوفمبر الماضي الى مطلع كانون الأول ديسمبر الجاري. ومن المعلوم ان الرئيس الاذربيجاني حيدر علييف يفضل خط باكو - جيهان، ولكن يعتقد انه على استعداد لقبول ما توصي به الشركات. وكانت تعليقات كاليكي تكراراً لما قاله السفير الاميركي الجديد الى جمهوريات آسيا الوسطى ريتشارد مورنينغستار، الذي اعرب في واشنطن عن ثقته بإمكان حل المسائل التجارية وبأن الوقت حان لاجراء "محادثات جادة جداً" لحل التفاصيل الدقيقة الخاصة بهذه المسائل. العبء الأكبر ورأى كاليكي، وهو مستشار في وزارة التجارة الاميركية، أن على شركات النفط تحمل العبء الأكبر في تمويل خط الانابيب الجديد في وقت تتدنى اسعار النفط العالمية. وقال ان صانعي السياسة الاميركية يواجهون تحدياً جدياً في محاولتهم التوصل الى نتيجة تتجنب التضارب بين مصالح الشركات ومصالح الدول. وكانت الادارة الاميركية مارست ضغوطاً شديدة في الشهرين الماضيين لدعم خط الانابيب بين باكو وجيهان. ففي 22 تشرين الأول اكتوبر الماضي دعي اكثر من عشرة ممثلين عن شركات نفط تعمل في منطقة بحر قزوين الى البيت الأبيض لحضهم على الالتزام على نحو ملموس وفعلي بخط باكو - جيهان. وأعقبت ذلك زيارات الى منطقة بحر قزوين لكل من مورنينغستار وكاليكي ووزير الطاقة الاميركي بيل ريتشاردسون، بغية حشد التأييد للمشروع. ولكن يبدو ان شركات النفط الغربية غير مهتمة بعد بتهديدات أنقرة بفرض قوانين صارمة بحجة "ضمان حماية البيئة وسلامة النقل البحري في مضيق البوسفور"، ما قد يخفض كمية النفط الذي يمكن نقله بواسطة الناقلات عبر المضيق، في محاولة من تركيا للضغط لتنفيذ المشروع. ويكمن السبب الرئيسي لتردد الشركات في الموافقة على خط باكو - جيهان في افتقاره الى الجدوى الاقتصادية، اذ ستبلغ كلفته بين 3.7 وأربعة بلايين دولار، في ظل تدني اسعار النفط حالياً. وتقول جوليا ناناي محللة شؤون الطاقة في "شركة تمويل النفط" في واشنطن ان على خط أنابيب باكو - جيهان لكي يصبح ذا جدوى، ان ينقل مليون برميل يومياً وهي كمية غير موجودة حالياً في منطقة بحر قزوين. وتتوقع ناناي ان تصدر المنطقة بين 1.4 مليون ومليوني برميل يومياً كحد أقصى بحلول سنة 2010. ويتضمن المشروع عدداً من خطوط الانابيب، منها ما بدئ العمل به العام الماضي ويمتد من شمال اذربيجان عبر جمهورية الشيشان الى مرفأ نوفوروسيسك الروسي. ويمتد خط آخر من باكو الى سوبسا وسيبدأ في نقل بين 100 و150 ألف برميل من النفط يومياً مطلع السنة المقبلة. وربما ازدادت هذه الكمية الى 250 الف برميل. وسيكون الخط الأكبر المسمى "كاسبيان بي سي" والذي تبلغ كلفته 2.1 بليون دولار قادراً على نقل نحو 1.5 مليون برميل يومياً عندما يعمل بطاقته الانتاجية الكاملة. ويعتقد ان هذا الخط بات قريباً من الحصول على الموافقة اللازمة وسيبدأ العمل بحلول سنة 2001. ويرى تشارلز فيربنكس، الخبير في شؤون آسيا الوسطى في جامعة جون هوبكينز، ان نقل النفط عبر خط باكو - جيهان سيكلف بين 1.4 دولار ودولارين للبرميل زيادة عن كلفته فيما لو نقل عبر خط باكو - سوبسا الأقصر مسافة، "وهو فرق خطير جداً". وانتقد فيربنكس الادارة الاميركية على تبني سياسة في شأن هذا الخط لا تستند الى موارد مالية كافية. ولفت الى ان خط باكو - جيهان سيتطلب تدفقاً كبيراً من نفط كازاخستان، ما يعني تمديد خط أنابيب آخر، ذي تكاليف باهظة، اقترحت الولاياتالمتحدة تمديده من كازاخستان الى باكو على ان يمر عبر بحر قزوين. ويعتقد مراقبون ان العرض الذي تقدمت به الحكومة الاميركية العام الماضي، لتقديم بعض التمويل بواسطة بنك التصدير والاستيراد الاميركي، وللضمان ضد المخاطر السياسية من هيئة الاستثمارات الخاصة الخارجية، غير كاف. وأبلغ مسؤول في احدى الشركات الاميركية العشر التي تنشط في منطقة بحر قزوين "الحياة" ان المنطقة تفتقر الى النفط الذي يسوغ اضافة خط أنابيب باكو - جيهان. وأضاف ان الشركات الاميركية مجبرة على التركيز على الحاضر وعلى المدى القريب لتتمكن من البقاء على قيد الحياة في السنوات القليلة المقبلة، نظراً الى تدني أسعار النفط حالياً، والى ان هذه الاسعار قد تتراجع وقد لا تزداد الا بعد مرور وقت ربما لن يكون قصيراً.