الاستاذ جهاد الخازن قرأت مقالتك اليومية "عيون وآذان" التي نشرت في "الحياة" في 22/12/1998 وكنت ولا ازال من المعجبين بإسلوبك المتميز ويعود هذا الاعجاب الى العديد من السنوات، وما استرعى انتباهي في المقالة المذكورة حرصك الشديد على اظهار المتهمين الليبيين وكأنهما مدانان لا مفر، وانه على هذا الاساس يحق لاميركا وبريطانيا الانتقام من ليبيا لهذا العمل الاجرامي. وانني استغرب توقيت هذه المقالة اذ جاءت بعد ايام قليلة من قصف هاتين الدولتين الجائرتين دولة عربية مسلمة هي العراق لمدة اربعة ايام متواصلة تم فيها تدمير العديد من المنشآت الاقتصادية والعسكرية والمدنية وراح ضحيتها العشرات ان لم يكن المئات من الارواح البشرية البريئة. ان حرصك على احياء الذكرى العاشرة لحادثة لوكربي جاء بمثابة رش الرماد في العيون وتبرير لما تقوم به هاتان الدولتان بالاضافة الى اسرائيل من ارهاب دولة منظم. في نفس اليوم الذي نشرت فيه مقالتك قامت اسرائيل بقصف جنوبلبنان مما ادى الى استشهاد امرأة وستة من اطفالها. وكان الاولى بك وبأمثالك من الكتّاب المحترمين ان يحيوا ذكرى شهداء قانا وشهداء صبرا وشاتيلا وشهداء اطفال العراق الذين يموتون كل يوم بالعشرات من جراء الحصار الجائر على العراق. كان الاولى بك ان تحيي ذكرى شهدائنا كل يوم وكل ساعة لتوقظ الضمير العربي على ضرورة اتخاذ اي عمل ناجع لوقف هذا النزيف البشري وحماية أمننا القومي وحقنا في الحياة. كنت ارغب الى كتابنا الافاضل ان يدعوا جماهير امتنا العربية والاسلامية الى فرض حصار على كل المنتجات الاميركية والبريطانية التي نستطيع تأمينها من دول اخرى والامتناع عن شرائها وترويجها وان يشمل هذا الحصار الوجبات السريعة والمعدات والسيارات الفارهة والافلام والملابس والمأكولات الجاهزة والمجمدة وذلك كحد ادنى لما تقترفه هاتان الدولتان بحق أمتنا، علماً بأن هذا السلوك الجماهيري سوف يؤدي ليس فقط الى ردع الولاياتالمتحدة وبريطانيا بل الى تدعيم مواقف الدول المعتدلة مثل فرنسا وروسيا والصين. أحمد الله ان مقالتك المذكورة اعلاه لم تكن موجهة الى مجلس الامن ولو ذهبت اليه لاتخذتها اميركا وبريطانيا ذريعة لقصف ليبيا تماماً كما فعلتا بتقرير بتلر. المهندس محمد جمعة من جهاد الخازن: اولاً، دعوت وابتهلت ورجوت في مقالي ان يكون الليبيان بريئين. وثانياً، لم أدع البتة الى ضرب ليبيا، بل انني مع رفع العقوبات عنها وعن العراق، بالمطلق، من دون قيد او شرط، وقد كتبت هذا مرة بعد مرة. ثالثاً، الدعوات الى الحصار المضاد رومانسية خالصة لن تتحقق ولن تنجح، واذا كان القارئ لا يعرف هذا فهي مصيبة. رابعاً، اذا ثبتت براءة المتهمين وليبيا معهما فسأكون اول المهللين، ولكن اذا ثبت الذنب، فلن ادافع عن الجريمة. خامساً، لا أكتب إلا منتقداً السياسة الاميركية وسأظل انتقدها فتجربتي الصحافية تقول انني طالما بقيت ضد هذه السياسة فلن أخطئ.