حطت بطولة الأندية العربية للكرة الطائرة في لبنان للمرة الثالثة منذ 1994، وشهدت هذا الموسم عودة اللقب الى تونس عن طريق الأولمبي قليبة الأفضل أداء وتشكيلة بشهادة الجميع، وبعد احتكار من قبل الهلال السعودي استمرّ عامين. ولا عجب ان يكون الأولمبي قليبة يحمل صفة الفريق الأفضل من الناحية الفنية، كون هذا النادي مدرسة تخريج للاعبي الكرة الطائرة في تونس، لكن بطولة الاندية العربية لم تعكس في الاعوام الاخيرة عموماً المستوى الحقيقي للعبة في البلدان التي بلغت فرقها الادوار الاخيرة، لان الاتحاد العربي يسمح باشراك اللاعب الاجنبي، حتى غير الموقع كشوف الفرق، أي أنه يخوض مع الفريق منافسات البطولة لقاء مبلغ معين، ثم يعود الى بلاده. وكانت طلبات عدة رفعت الى اللجنة الفنية للاتحاد العربي قبل البطولة ال16 العام الماضي وتقضي بان يُبقي فقط على اللاعب الاجنبي المتعاقد طوال الموسم مع الفريق اذا كانت الغاية اتخاف البطولة بفنيات قد لا تتوافر في اللاعبين الباقين وتأمين مباريات مثيرة وقادرة على استقطاب جمهور كبير يساهم في إنجاح البطولة. ووعد الاتحاد العربي العام الماضي بوضع ضوابط تحدد التعاقد مع اللاعب الاجنبي لكن لم يشر اليها مطلقاً في اجتماعاته الاخيرة علماً ان غالبية الاندية الخليجية تتعاقد مع محترفين من جنسيات مختلفة ولفترة موقتة. حول هذه الظاهرة وقفت "الحياة" على رأي الجزائري الدكتور محمد طاهر الزردومي المدرب الحالي لنادي الشبيبة البوشرية بطل لبنان والاستاذ المحاضر المعتمد من قبل الاتحاد الدولي وشارك في كأس العالم في طوكيو وفي دورة برشلونة الأولمبية. يرى الزردومي ان الواقع غير شيّق كثيراً لان "الاندية التي تملك الامكانات المادية تستقدم لاعبين محترفين. انا أقول اهلاِ وسهلاً بالمحترفين اذا استمروا مع الفريق طوال الموسم، فهم يساهمون في تطوير اللعبة، غير ان الميزة الخاصة التي لمستها في البلدان العربية هي التفتيش عن الألقاب والسعي الى تحقيقها بأقصى سرعة من دون التطلع الى تطوير القاعدة. والملاحظ ان البلدان التي دأبت فرقها على البروز في الآونة الاخيرة في بطولة الاندية - اي دول الخليج العربي - لا تسجل مراكز متقدمة في بطولة المنتخبات. فتحصل مصر وتونس والجزائر دائماً على المراكز الاولى". ويلفت الزردومي الى ظاهرة اخرى مواكبة للتعاقد الموقت وتتمثل باللاعب المحترف الذي يحصّل مبالغ طائلة ولفترة قصيرة، "يمكن انفاق المبلغ ذاته على تحضير فريق متجانس يعمّر طويلاً في الملاعب.. وبصراحة أصف ما يحصل وكأنه تسلّط للاندية الغنية، واللاعب المعار موقتاً لا يملك اي حافز او تفاعل مع الفريق الذي يلعب له... ولان المسابقات العربية لا تؤهل لاية بطولة قارية، لا يعير الاتحاد الدولي هذه الظاهرة اي انتباه". وضرب الزردومي مثلاً بفريق الأولمبي قليبة ووصفه بانه نموذج للكرة الطائرة الحديثة التي يجب ان تعيرها باقي الفرق والاتحادات العربية الاهتمام المناسب "المستوى مميز عند مجموعة من اللاعبين الذين ارتقوا تدريجياً وشكلوا مجموعة متكاملة منذ اعوام عدة، ولا تتعدى نسبة اعمارهم ال21 عاماً. ونسبة طول القامة ال90،1 م. البحرين متواجدة بلاعبيها اللافت ايضاً في بطولة الاندية العربية تغيب الفرق البحرينية عن المشاركة في الاعوام الاخيرة، علماً ان الكرة الطائرة البحرينية تعتبر الابرز على الصعيد الخليجي ووليدة تجربة اعداد يحتذى بها. وأوضح رئيس الاتحادين العربي والبحريني محمد جاسم حمادة ان البحرين متواجدة بلاعبيها رضا علي مع الهلال السعودي ومحمد جاسم مفتاح مع القادسية الكويتي وهشام داوود مع الرياضي غزير اللبناني. واعتبر حمادة ان الامكانات المادية للاندية البحرينية لا تسمح لها بالتعاقد مع لاعبين أجانب لتكون على مستوى المناسبة "نحن لا نحبّذ سياسة المشاركة من اجل المشاركة، بل نبحث عن المنافسة... انديتنا لا تستطيع انفاق الاموال الطائلة لضمّ الاجانب، كما ان الاتحاد البحريني يرفض التطعيم". وسألنا حمادة عن مغزى الابقاء على الصيغة غير المنضبطة الحالية في بطولة الاندية العربية، حيث التعاقد القصير الامد مع لاعبين غير موقعين اصلاً كشوفات الفرق، فأوضح أن مجلس ادارة الاتحاد العربي مجموعة وليس شخصاً واحداً، وقد ارتأى الابقاء على التعاقد الحر "لانه وجد تطوراً فنياً في مستوى البطولة ما يولّد زخماً جماهيرياً واعلامياً ولا سيما من ناحية النقل التلفزيوني، وبالتالي يتطور مستوى اللاعب المحلي في اي نادٍ من خلال الاحتكاك بمستويات عالية... اللاعب العربي يستفيد فنياً ولا ننسى ان بعض الدول فتحت باب الاحتراف للاجنبي في بطولاتها مثل السعودية وقطر والكويت وتونس. وفي لبنان ستنطلق بطولة الدرجة الممتازة في كانون الثاني يناير المقبل وسيكون بامكان كل نادٍ ضمّ لاعب أجنبي". وكان حمادة حضر الى لبنان قادماً من تونس حيث نظّمت بطولة الاندية العربية الاولى للسيدات باشتراك 7 فرق والتي احرز الاهلي المصري لقبها. و أكد حمادة ان البطولة كانت تجربة ناجحة جداً وستتكرر في السنة المقبلة في مصر، ورأى ان مستواها الفني والتنظيمي كان جيداً وحظيت بتغطية اعلامية مميزة وبحضور جماهيري كبير "احتشد نحو 4500 متفرج لحضور المباراة النهائية، وتجمهر عدد مماثل خارج القاعة، علماً ان المباراة كانت منقولة تلفزيونياً". ويوازن حمادة جيداً بين الاتحادين العربي والبحريني، وفي الاخير يوجد تطوير دائم للقاعدة التي تنتج فريقاً متكاملاً كل اربع سنوات، ويلفت الى ضرورة سعي الاتحادات المحلية الى التفتيش عن المواهب الصغيرة والمميزة بطول قامتها "كما يحصل عندنا حالياً في البحرين، وحيث الاستقرار الاداري يؤمن العمل المنتج، وبالتالي اصبحت البحرين محطة مهمة على خريطة الكرة الطائرة في العالم، لذا لم يمنحنا الاتحاد الدولي تنظيم بطولة العالم للناشئين اخيراً كرمى لعيوننا، بل تقديراً لجهودنا، وهذه الكفاءات لم تأتِ من فراغ بل كانت نتيجة عمل دؤوب".