يروي الأجداد للأحفاد في البهنسا مدينة الشهداء 217 كيلو متراً جنوبيالقاهرة اسطورة مفادها ان سبع فتيات او سبعين خرجن من الدير ليسقين جيش الفتح الاسلامي، لكن هاجمهن الرومان وقتلوهن، فخلا الدير، وتحول الى مزار سياحي يحضر احتفاليته نحو نصف مليون مصري كل عام. في المنيا تختلط الآثار بالاساطير، وتختلط العصور الفرعونية بغيرها، سواء كانت بيزنطية او رومانية او حتى قبطية على طول مراكزها السبعة التي تشكل وحدة مستقلة من الفنون ابرزها "فن العمارنة" الذي اسسه اخناتون المصري. وهناك آثار الامبراطور هادريان، وكنيسة الامبرطورة هيلانة ومقابر فريرز. المنيا تاريخ من خمسة عصور كل منها يتداخل مع الآخر بشكل تنفرد به تلك المدينة التي تبعد عن القاهرة نحو 247 كيلو مترا جنوباً. في الهيروغليفية كانوا يسمون المنيا منعت وهو اختصار للاسم القديم منعت خوفو ثم تطور اسمها الى "مونى" في القبطية ويعني المنزل ومنه اشتق الاسم الحالي "المنيا"، والتي كانت عاصمة المقاطعة رقم 16 من مقاطعات الوجة القبلي في عصر امراء بني حسن 2134 - 1778 ق.م ولم يتبق من آثار بني حسين، على حد قول رئيس آثار منطقة مصر الوسطى السيد محمود حمزة، سوى 390 مقبرة منحوتة في الصخور، تقع على بعد ثلاثة كيلو مترات عن مدينة ابي قرقاص. وفي مدينة "منعت خوفو" حاليا قرية زاوية سلطان. وغطيت جدرانها في عصر الدولة الوسطى بطبقة من الجص لسهولة الرسم والتصوير، ونقشت عليها مناظر تمثل مختلف انواع الرياضة. ولأن آثار الدولة الوسطى قليلة، فإن مقابر بني حسن، كما يؤكد الاثريون، تعتبر اكمل صورة للدولة الوسطى. ويزيد اكتمال هذه الصورة كهف ارتميس، الذي يعرف في الفرعونية بمعبد حتشبسوت وتحتمس الثالث 1551 - 1447 ق. م وقد بنياه من اجل عبادة الآلهة باخت القطة، واطلق عليه البطالمة كهف ارتميس، وزينت حوائطه بنقوش للملك سيتي الاول وتحتمس الثالث. وقد نحت في الصخر في العهد المشترك لحتشبسوت، وكان يحمل سقف الردهة ثمانية اعمدة، لم يتبق منها سوى ثلاثة، والمنطقة برمتها تحمل اسم شعبي هو "اسطبل عنتر" وهي تبعد كيلومترين عن مقابر بني حسن. وعلى خلاف بني حسن فإن صورة العصر الفرعوني تتجسد مرة اخرى في تل العمارنة، المكان الذي اختاره اخناتون لإقامة مملكته المسماه آخت اتون من اجل عبادة قرص الشمس. ونحتت مقابر اسرة اخناتون في الهضبة الشرقية لتل العمارنة، ونقشت عليها نقوش تتميز بإبراز حقيقة الاشياء والواقعية، وهو الفن الذي عرف باسم فن العمارنة. ويتداخل العصران الفرعوني والإسلامي في منطقة الشيخ عبادة، التي بناها الامبراطور هادريان عام 130 ق.م، والتي فيها بقايا معبد ضخم لرمسيس الثاني. كما ان هذه المدينة، التي تبعد ثمانية كيلومترات شرق مدينة ملوي 45 كيلو متراً جنوبيالمنيا هي التي انجبت السيدة ماريا القبطية زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم. ويمتزج الفن الفرعوني القديم بالفن اليوناني والروماني في منطقتي الاشمونيين وتونا الجبل. وتحوي المنطقة الأولى بقايا كنيسة على النظام اليازييكي، اعمدتها من الغرانيت، وبقايا معبد من عهد فيليب ارهيديس، وبقايا تماثيل للاله تحوت على شكل قرد البابون ترجع للدولة الحديثة، فضلا عن بقايا معبدالإله تحوت ترجع لعهد رمسيس الثاني. وكانت الاشمونيين تعد مدينة الاحياء، اما مقابرها فتقع في تونا الجبل. وتتميز الاشمونيين بالسوق اليونانية حيث مجموعة من الاعمدة الغرانيتية الحمراء ذات تيجان كورنتية هيلينستية وهناك لافتة حجرية تحدد تاريخ انشاء هذه السوق 350 ق.م في عهد بطليموس وزوجته ارسينوي. والاشمونيين كانت مزدهرة في الدولة القديمة والوسطى والعصر الروماني اليوناني، واسم الاشمونيين تحريف للاسم القبطي خمون او مدينة الثمانية المقدسة، واطلق عليها اليونانيون هيرموبوليس ماغنا. اما تونا الجبل فازدهرت في العصر اليوناني كجبانة للاشمونيين وفيها منازل جنائزية، زينت برسوم هي خليط من الفن اليوناني والمصري، وفيها مقبرة "ايزادورا" من عصر الامبراطور هادريان، وهي لفتاة يونانية ماتت غرقاً، فأقام والدها هذا البيت الجنائزي، وفيها كتابات يونانية تحوي رثاء لوفاتها صغيرة السن. اما مقبرة بيتوزيوس 200 ق.م فهي لرئيس كهنة الالة تحوت، وتشبه دور العبادة المصرية في العهد البطلمي، ويتداخل فيها الفنان الهيليني والمصري في المقصورة الامامية، ومن المقبرة خرج تابوت بيتوزيوس الى المتحف المصري. العصر القبطي في "موني" المنيا يتركز في مركز سمالوط قرب مراكز المنيا الى القاهرة 222 كيلو متراً جنوبالقاهرة وفيه دير السيدة العذراء الذي تضعه وزارة السياحة المصرية على خريطة احتفاليتها برحلة العائلة المقدسة الى مصر. وتسمى المنطقة جبل الطير وتقع على الضفة الشرقية للنيل. وتشير المصادر الكنسية الى ان العائلة المقدسة استقرت ثلاثة ايام في هذا المكان، وبنيت الكنيسة الدير يوم بناء كنيسة بيت لحم في القدس. اما العصر الاسلامي فتشهد على بقاياه مدينة الشهداء او البهنسا التي تشير المراجع الاسلامية الى ان سبعين محارباً ممن شاركوا في غزوة بدر زاروها، واقام عدد منهم فيها. وابرز مساجدها مسجد الحسن بن صالح بن علي بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب، ويتميز هذا المسجد بأنه الوحيد في مصر الذي يحوي قبلتين وذلك ان الشيعة حين اتوا الى مصر في العصر الفاطمي اقاموا لأنفسهم قبلة غير التي كانت في المسجد. هناك ايضا مزار السبع بنات والذي تختلط فيه الحقيقة بالاسطورة التي تختلف حولها الاقاويل. التفسيرات ايضا تختلف حول قلة المداخيل السياحية في المنيا وقلة زوارها، وإذا كانت احداث العنف التي شهدتها المنيا طوال الخمس سنوات الاخيرة سببا متفقاً عليه، فإن مدير منطقة آثار مصر الوسطى يضيف ان السائح يأتي الى المنيا ترانزيت في طريقه الى الجنوب، كما ان المنيا تخلو من وسائل الترفيه، ويعوزها التسويق السياحي.