اليوم وانا خالك تأكدت ان الرشوة صارت مثل بعض المعاملات البنكية لها ستون اسماً منها تسعة وخمسون لاتدل على معنى الرشوة، مثل "كُمِّشَن" و "دلاله" و"حلاوة" و"بقلاوة" و "بي. ار" وانت رايح، ويستطيع الانسان ان يستخدم جميع هذه الاسماء وهو مرتاح الضمير وقد يوصف بالعصامي، والوطني، ويكتب عن الوطنية على طريقة "حزمني يابابا" مع الاعتذار للراقصة الوطنية فيفي عبده. ومن تطورات الرشوة انها اصبحت تتعامل بالقيمة المعنوية، الدول ترشو بعضها معنوياً والاشخاص يمارسون هذه العادة بمهارة فائقة، وسوق الرشاوي الاعلامية يعج بالقصص والاسماء والصفقات. ونحن في العالم العربي لدينا سوق مزدهرة في مجال الرشاوي المعنوية من خلال الصحافة واخواتها من الفضائيات الكريمات. لكن مشكلة الرشوة انها اصبحت مثل الغزو الثقافي الحديث حولها دائماً ينتهي طق حنك بلا فائدة. الشاهد ان الرشوة اتسعت باتساع مفهوم الامن. لكن لا احد يريد ان يتعامل مع الرشوة كظاهرة تهدد الامن الاجتماعي والسياسي مثل الارهاب أو أشد. قلت للخال مدلج: انت جعلتها دراما يا خال ونحن نريد ان نتسلى. قال: انا مثلك استغرب على نفسي الحماس في مثل هذه الموضوعات رغم اني من الذين يعتقدون ان وجود مكاتب تجارية مرخصة لعقد صفقات الرشوة امر قريب الحدوث في معظم الدول العربية والاسلامية. يعني ممكن تجد نفسك في يوم ما امام شخص يعمل في مكتب للرشاوي ويعرف نفسه على اساس انه صاحب مهنة، مثل المحامي، والصحافي، والسباك، والحلاق. وسيكون له اكثر من اسم في كل قطر تبعاً للهجة المحلية لكل شعب، ففي السعودية يسمى "حاشي" وفي مصر "هراشي" وفي لبنان "كله ماشي" وهكذا. قلت له: على اي حال الرشوة مثل المخدرات آفة من آفات المدنية، وازدحام المدن. قال: لا، الرشوة هي بنت المحسوبية والروتين الذي يفضي الى الفساد، وليست بنت المدنية. قلت له: الم تقل قبل قليل أن "الكُمِّشَن" اسم من اسماء الرشوة، و"الكُمِّشَن" كما تعلم بدعة صدرها لنا الغرب. قال: "الكُمِّشَن" يستخدمه الغربيون للدلالة على كلمة "السعي"، و"الدلالة" بالمعنى الأصيل للكلمتين، وعادة يأخذه مسوق السلعة، أما في بلاد العرب والمسلمين، فإن الذي يأخذ "الكُمِّشَن" شخص له ألف صفة وصفة، ولكن ليس من بينها انه مُسَوِّق بالمعنى المعروف للمسوق، يعني ممكن يأخذ الكُمِّشَن لمجرد أنه رجّال عذب اللسان وسهرته حِلوة، او لمجرد أنه زوج بنت اخت الوزير. ماذا تسمي هذا؟