انجذب الفنانون، مثل غيرهم، الى استخدام المرآة توسيعاً لاجواء اللوحة، أو رمزاً لصفات خلقية، أو اشارة الى مناظر خارج الاطار. الكثيرون لم يستطيعوا مقاومة اغرائها في تقديم صورهم الشخصية. سحر المرآة في معرض "إنعكاسات" الذي ينظمه المتحف الوطني في لندن يتجاوز العمل الفني الى الطريقة التي نرى بها اللوحة. ويستعين بكل أنواع البريق التي استخدمها الرسامون للحصول على تأثير معين. في لوحات محددة نرى قطعاً معدنية تعكس مناظر خارج اللوحة، وكذلك عن طريق زجاج نوافذ الى جانب المرايا نفسها. استعان منظم المعرض الدكتور جونثان ميلر بعدد كبير من لوحات الكلاسيكيين والمصورين ومن الفن الحديث، لمراجعة الطريقة التي يرى الناس بها العمل الفني، مستكشفاً في البداية موضوع الوهم البصري، وتأثير المرآة في الوعي بالنفس، كما في لوحة امرأة مع طفلتها تتفحص صورتها في المرآة كأنها تعي بوجودها للمرة الأولى. في حين يقدم المعرض مجموعة من صور لقرد شمبانزي يلعب مع انعكاس صورته. هنا عدد من البورتريهات، منها صورة شخصية للفنان لوسيان فرويد مرسومة مع مرآة ومعلقة على النافذة. وكذلك لوحات تمثل الصورة كوسيلة للاستغراق في النفس وتأكيد الجمال من خلال انعكاس على الزجاج أو فوق سطح الماء المصقول. لوحة مونيه تصور فتاة تنظر الى صورتها في ماء جدول، وكذلك لوحة المقهى لرنوار التي تبرز انعكاس صورة ساقية في مرآة معلقة خلفها. بينما يقدم بيير بونار منظراً لزوجته من خلال فجوة في الحمام فلا ندرك هل هي نافذة أم مرآة. الاتجاه نحو الغموض دفع رسامين الى استخدام المرآة وسيلة لاعطاء اللوحة بعداً فكرياً. وهذا النوع نادراً ما يعطي تأثيراً يتجاوز الفترة التي تم فيها إعداد المنظر. في لوحة لجيمس ويسلر امرأة تنظر الى نفسها في حذر كأنها تستمع لذكريات أليمة. عدم المقدرة على المواجهة يتكرر أيضاً في لوحة غوستاف كاليبوت التي تصور رجلاً يقف في مقهى، خلفه مرآة يظهر فيها رجلان يجلسان أمام بعضهما، وكأن هذا المشهد هو الذي ينظر إليه الرجل أمامنا في محاولة للاتصال مع الآخرين، لكن من دون فائدة. إذا كانت الصورة توحي بالعزلة فإن لوحة دوروبيرا تصور رجلاً ينظر الى وجهه في مرآة برغبة في فهم النفس. ومن أهم أعمال هذا المعرض الجذاب الذي يستمر حتى نهاية الشهر المقبل لوحة لرسام فرنسي مجهول الهوية تدعى "العدالة" تصور امرأة تحمل ميزاناً وتضع يدها على مرآة، أمامها جمجمة... هل هو منظر يوم الحساب، أم مستقبل ينتظر كل الطغاة