بغداد، نيويورك، واشنطن - أ ف ب، رويترز - اتهم نائب رئيس الوزراء العراقي السيد طارق عزيز الولاياتالمتحدة بأنها تريد "تركيع" العراق من خلال التهديد باستمرار باللجوء الى القوة ضده. وأعلن ان بغداد "ستواصل الطريق أياً تكن الأخطار والصعوبات والتضحيات". وجاء هذا الموقف وسط استمرار السجال واجواء التأزم بين العراق واللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة المكلفة التحقق من ازالة أسلحة الدمار الشامل اونسكوم بسبب اصرار اللجنة على طلب وثائق أكدت بغداد انها غير موجودة أو أتلفت. وحملت بغداد بعنف على رئيس اللجنة ريتشارد بتلر الذي وصفته الصحافة العراقية أمس بأنه "ثور هائج يمارس لعبة أميركية"، بعدما استبعدت واشنطن تحديد مهلة للعراق لتقديم وثائق طلبها بتلر. وشيعت في بغداد أمس جنازة جماعية ل 31 طفلاً عراقياً أُعلن انهم توفوا "بسبب الحظر". وتجمع موكب التشييع أمام مقر الأممالمتحدة في العاصمة العراقية، بحضور حشد من الأشخاص رددوا شعارات معادية لأميركا. وانتحبت أمهات الأطفال وهن يضربن رؤوسهن ويصرخن "الحظر صنيعة أميركا". وقال طارق عزيز ان "العراق يخوض صفحة اخرى من صفحات المعركة الطويلة والمستمرة، يحاول فيها الطغاة والاشرار في العالم، اميركا والصهيونية ومن يخدم مآربهم واطماعهم، اهانة العراق وتركيعه تحت ظل التهديد بالدمار". وكان المسؤول العراقي يلقي كلمة امام 300 شاعر وكاتب عربي يشاركون في بغداد في مهرجان المربد الشعري. وتابع: "نسوا انهم حاولوا ذلك وفشلوا وسيفشلون هذه المرة. سنواصل الطريق مهما كانت الأخطار والصعوبات والتضحيات". واعتبر ان "العزة والكرامة ليستا ترفاً يريد شعب العراق التمتع والتباهي بهما بل هما المصدر الاول للحياة والابداع والتقدم". يذكر أن مندوب العراق لدى الأممالمتحدة السفير نزار حمدون سلَّم مجلس الأمن ليل الاثنين رسالة من طارق عزيز توضح موقف حكومته من قضية الوثائق التي تطالب بها اللجنة الخاصة. وأشار الى أن الرسالة التي سلَّمها الى رئيس المجلس بيتر بورليه أميركي تتضمن "توضيحات"، مشدداً على أن بغداد تريد التعاون. وكان متوقعاً ان يناقش مجلس الأمن الرسالة مساء أمس. البيت الأبيض وأكد الناطق باسم البيت الأبيض بي. كرولي ان واشنطن تؤيد مطالبة بتلر بالوثائق، لكنه أضاف: "العملية أكبر من مجرد وثائق. سنحكم على مدى تعاون العراق على مستويات عدة، وسنراقب عن كثب بينما تواصل اللجنة الخاصة عملها". واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية ان خبراء اللجنة الخاصة هم في وضع يمكنهم من الحكم على فشل العراق في تقديم الوثائق التي طلبها بتلر. وسئلت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت عن المهلة المتاحة للعراق فأجابت: "المسألة ليست مسألة مهلة، هي تتعلق بالتقدم بما هو ضروري لاظهار انهم العراقيين يتعاونون". لكن رد الفعل الهادئ الذي أبدته واشنطن حيال أزمة الوثائق أثار غضب بعض اعضاء الكونغرس. وقال السناتور جون مكين عضو مجلس الشيوخ لشبكة "سي. ان. بي. سي" الأميركية: "اعتقد ان رد الفعل كان يجب أن يعتبر الأمر خطيراً جداً، وإذا كان يعني انهم العراقيين لا يتعاونون كما وعدوا، علينا ان نتحرك بخاصة ان لدينا عدداً ضخماً من القوات في المنطقة". وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جيمس روبن ان "فريق خبراء بتلر سيدرس الرسالة العراقية التي وصلت أخيراً ليحدد هل هذه حالة أخرى من توزيع الاتهامات ام ان هناك صدقية لما يقولون. نحن بحاجة الى أن نكون في غاية الوضوح ونتخذ أحكامنا بدقة زائدة، فكلما كانت أحكامنا فنية كلما كانت هناك فرصة لأن نلقى تأييداً دولياً لاتخاذ موقف صارم مع العراق". وكان وكيل وزارة الخارجية العراقية رياض القيسي اعتبر الاثنين ان مطالبة بتلر بوثائق تتعلق ببرنامج التسلح الكيماوي العراقي "غير مبررة على الاطلاق". وتابع ان هذه المسألة سويت مع سلفه رالف اكيوس. وأعرب عن أسفه لأن بتلر "يطالب بوصول تام الى كل ارشيف الدولة العراقية، ويبدو أنه يعتقد أنه هو من يقرر أي ارشيف يمكن اونسكوم فحصه". معروف ان بتلر اعتبر الردود العراقية على مطالبه "غير كافية". وقال السير جيريمي غرينستوك مندوب بريطانيا لدى الأممالمتحدة ليل الاثنين: "لم نلق التعاون العراقي الذي كنا نريده لتحريك الأمر بصورة ايجابية، وهو ما يريده مجلس الأمن بكامل اعضائه". حملة على بتلر وواصلت الصحف العراقية أمس تنديدها برئيس اللجنة الخاصة وحمّلته مسؤولية الأزمات المتواصلة بين العراق ومجلس الأمن بهدف ابقاء الحظر. وكتبت صحيفة "العراق" ان "ما يريده بتلر الشيطان الملعون هو ما تريده اميركا لذلك نجده كالثور الهائج وكالشيطان يوسوس بالشر في كل أزمة تفتعلها اميركا ضد العراق". وتابعت ان بتلر "يمارس لعبة اميركية جديدة ونجد المخطط الامبريالي الصهيوني ولعبة مطالبة العراق بوثائق وهمية وطلبات مصحوبة بتصريحات استفزازية وبتهديدات علنية كأنه اصبح مجلس الأمن نفسه". واعتبرت صحيفة "بابل" التي يشرف عليها عدي النجل الأكبر للرئيس العراقي ان "بتلر كشف في كل ممارساته انه ليس جديراً بحمل لقب ديبلوماسي او شغل اي وظيفة دولية". اما صحيفة "القادسية" فشبهت رئيس اللجنة الخاصة بحصان طروادة، وكتبت انه "يعمل جاهداً لتأزيم الأمور وتقديم طلبات تعجيزية منها الوثائق غير الموجودة وتلك التي سلمت وعددها يزيد على مليوني وثيقة". واشارت الى ان "كل هذه الطلبات متزامن مع التصريحات الاميركية والبريطانية المعادية". تفتيش 9 مواقع وكان مسؤول عراقي اعلن ليل الاثنين ان خبراء تابعين للجنة الخاصة نفذوا أول من أمس "عمليات تفتيش مفاجئة" في تسعة مواقع عراقية احدها غير خاضع للمراقبة الدائمة. وقال المدير العام لدائرة الرقابة الوطنية اللواء حسام أمين المكلف العلاقات مع الأممالمتحدة ان "تسعة مجاميع رقابة تابعة للجنة الخاصة وللوكالة الدولية للطاقة الذرية قامت بزيارات مفاجئة لثمانية مواقع مشمولة بالرقابة المستمرة". وزاد ان "فريقاً مشتركاً يتكون من خبراء في كل الاختصاصات تفقد فجأة موقعاً لا تشمله الرقابة الدائمة هو الشركة العامة لانتاج التبغ والسجائر في بغداد"