فى مرحلة من الاستعراض اللبناني للأزياء الذي اقيم في "كافي دو باري" - لندن، قبل أيام، صار من الصعب مشاهدة العارضاتء. فالإزدحام كان شديداً، لدرجة أن المقهى أُغلق أمام جمهور انتظر طويلاً أمام الباب. الإقبال على الاستعراض، ربما لم يدهش المنظمين، لكنه كان ملفتاً للمصورين الذين حاولوا التقاط صور "نظيفة" للعارضات من دون أن ينحشر فيها رأس أو كتف. وقد كان هناك من التصاميم ما يثير اهتمام العين والعدسة على السواء. مجموعة سامانثا جونز استوحت مقامات الصحراء في طريقة تسترعي الانتباه. بدت العارضات وكأنهن يرتدين قطع قماش من دون خياطة، ما أضفى على المجموعة بساطة وأناقة واستعادة لأجواء طبيعية. الألوان غلب عليها الأزرق والأحمر، وخروج عن التحفظ الذي لم يكن بسبب متطلبات الاستعراض، وإنما كان عنصراً في التكوين الفني. الأجدر أن تنسب المجموعة الى النحت، خصوصاً ان الثوب كان في مجمله منكمشاً، الشيء الذي أيقظ في العين معنى أن جمال الزي ليس دائما مرتبطاً بالتكلف. من ينظر إلى أزياء صبا لياميس الرجالية والنسائية، يسترعيه اهتمام شديد بالتنسيق، ليس كأحد متطلبات الموضة الرئيسية، ولكن كمفهوم يغلب على أي اعتبار آخر. هنا يكمن الخطر: التكرار من دون أسلوب خاص. في أزياء لياميس لحظات واعية بالتركيب والملابس الجاهزة. أخذت سترة من الجلد الأسود ونوعت فيها. كما أعطت الرجل، أو بالأصح الشاب، إمكان استلهام اسلوبه الخاص من الافكار والتراكيب التي قدمتها. وأتبعت في الازياء النسائية الطريقة نفسها، إذ أن أفكار الجلد الاسود وجدت أكثر من صدى، ولم تغير من هذا الاتجاه إلا عندما قدمت المعطف والبنطلون، فتحوّل الانسجام من الاسود والرمادي الى الأحمر والبني. هذه المجموعة من المصممين الشباب برهنت على أن الابتكار في مجال الموضة ليس حكراً على الذين يملكون رؤوس أموال كبرى، وأجهزة إدارية. وقد كان بين الحضور مصممون محترفون للتمعن في الاتجاهات التي يسير فيها الشباب من خلال عروضهم. لفت كورتيس مايلز الانظار بمجموعة اعتمدت على الجمع بين العادي والخارج على المألوف. وكانت هناك فقرات ركز فيها على الصوف الأبيض وحده الشيء الذي أضفى على العارضات رشاقة وجاذبية خاصتين. بالنسبة الى ماريو عمر، فقد لجأ الى الاسود هو الآخر، لكن تصاميمه ظلت منسابة وعفوية، لعب فيها الجاكيت والبنطلون دور البطولة حيناً. ثم أضاف اليه الرمادي في تنويع على الوتيرة نفسها، وأعاد إلى الأذهان كيف يمكن الخروج على الصيغة بإضافة قطعة فريدة كالزي المنساب أو الجاكيت القصيرة. وهي طريقة ركزت عليها مريم العقاد عندما قدمت أزياء براقة للسهرة أعقبتها بزي الزفاف، وقد صفق له الحضور في إشارة إلى الإقبال الذي تحصل عليه تجارب الشباب، خصوصاً في الانطلاقات الجريئة ذات الثقافات المختلطة مثل هذا الاستعراض.