تختلف أحداث القصص الحزينة ومجرياتها لكن نهايتها واحدة... اليوم، تشهد عائلة كرة القدم اللبنانية حالة اصابة بالغة، لان أمجاد نادي الراسينغ العريق وانجازاته على مرّ الاعوام الماضية معرّضة لتصبح مجرد ذكرى، كما سبق وحدث لنادي النهضة وغيره من الاندية التاريخية. كتب على الراسينغ، سفير كرة القدم اللبنانية، ان يهبط "مقهوراً" الى الدرجة الثانية. من كان يصدق ذلك؟ وسال حبر كثير إثر نهاية بطولة الدوري العام حول هذا الهبوط... هل جاء بسبب عدم اهلية الراسينغ الفنية أم نتيجة تكتيك مدروس وتخطيط مسبق من عابثين بمصيره خلف الكواليس وأمامها؟ ويعزّ على جمهوره والضنينين بشأن كرة القدم اللبنانية ان يتابعوا مسلسل عثراته المتلاحقة الذي بدأت حلقته الاولى منذ مواسم قليلة، وكانت المفاجأة منذ ايام حين اعلن رئيسه ومموله ناجي عازار تخليه عن "الحمل الثقيل". ضخ عازار اكثر من مليون دولار في "جسد الراسينغ" وجاء الحصاد مريراً، خيبات بالجملة وخيانات وسوء ائتمان اداري وفني، وشكاوى تدور حول ترتيب في النتائج لا يمكن معها الاقلاع عكس التيار... والكل يدرك ان العودة الى الدرجة الاولى قد يلزمها مليون جديد من الدولارات. وقبل ايام من انطلاق بطولة الدوري العام، يعيش الراسينغ مرحلة حسم جديدة على الرغم من دخول مموّلين الى ساحته للدعم والانفاق وقبل اعلان عازار "مفاجأته". واذا كان السقام دبّ في جسم الراسينغ، فإن بعض اطرافه سلم لانه خلاصة اصحاء غيارى تطوّعوا دائماً للدفاع عنه وانقاذه، من بينهم لاعبون لم تفتنهم الماديات أو تقضي على مبادئهم، في زمن اصبح الدولار ركناً اساسياً في الحركة الرياضية... لم يقبض هؤلاء مرتباتهم وتعويضاتهم منذ ثمانية اشهر، لكنهم استمروا في الاستعداد والتحضير... واليوم تحاول أندية اخرى ضمهم "فمن حضر السوق باع واشترى"... بينما باشر بعض انصار "القلعة البيضاء" المساعي والاتصالات الكفيلة بانقاذها، وطالبوا اتحاد كرة القدم بموقف حازم ورئيس النادي ببادرة جديدة يعتبرونها من شيمه. منذ موسمين، شُكلت لجنة طوارىء لانقاذ الراسينغ قوامها رفاق قدامى، ما هان عليهم يوماً ان يكابد صاحب الجاه الأسى في الايام العسيرة. فكفوا ايدي مجموعة من المستغلين الذين تقاذفوا النادي وتلاعبوا بمصيره. لكن اندفاع البعض منهم وقلة خبرته أوقعه في تسرّع مميت تمثّل بالتعاقد مع لاعبين ومدرب فضّلوا مصلحتهم الشخصية على عرق زملائهم ومشاعر الجمهور، فساوموا على مصير الراسينغ واقترعوا على ردائه، وكان لهم ما أرادوا. اليوم يقف الراسينغ في مهب الريح، تتلاطمه أمواج مصيره المأساوي وخشبة الخلاص وقفة ضمير تنتشله مما يتخبط به، والا سيصبح من تاريخ الرياضة اللبنانية.