منذ بداية التسعينات والجداريات البانورامية التي رسمها مارك شاغال في كانون الثاني يناير 1920 للمسرح اليهودي الجديد في موسكو، لا تتوقف عن السفر والترحال. انها، بحسب النقاد، سافرت في هذا العقد اكثر مما سافر اي عمل فني كبير آخر. والجداريات هذه، مثلها مثل المسرح الذي صُنعت لتزيينه والكثيرين من الممثلين الذين لعبوا على خشبته، عاشت طويلاً ممنوعة، كما احاق بها، في الاتحاد السوفياتي السابق، خطر التبديد والفقدان. فما دام ان ستالين قد امر بقتل الممثل المسرحي العظيم سولومون ميكويلز، فما الذي يضمن الحياة ل... رسوم؟ وما كان يزيد المخاوف تاريخ روسيا نفسه. ففي 1883 مثلاً كان القيصر قد حرّم تحريماً كاملاً كل مسرح ينطق بالييديشية، ما نقل اللغة هذه الى السرية. اما في 1919، حين نشأ مسرح جديد أراد تزيين جدرانه بأعمال شاغال، فكانت الحال تغيرت: فالنظام البلشفي في بداياته منح اليهود حق التحدث بالييديشية - لغة 97 في المئة من اليهود الروس. على اية حال فالجداريات التزيينية أكبرها بعلو 13 قدماً أو 4 أمتار وبعرض 39 قدماً، لقيت مصيرا افضل من مصائر الكثيرين من البشر في ظل النظام الموروث عن البلشفية. فقد تم توضيبها في متحف تريتياكوف بموسكو. وفي 1973 حينما عاد شاغال الى روسيا بعد سنوات من الغياب، سُمح له برؤيتها تحت المراقبة. لكن في 1985، ومع غلاسنوست غورباتشوف، بدأ العمل على اعادة ترميم تلك الاعمال وصيانتها. ومنذ 1991 عُرضت في معظم بلدان الغرب، وهي الآن تُعرض في "رويال أكاديمي" بلندن، مخلّفةً آثاراً تجمع الاندهاش بملحمية بعض الأعمال التي اتخذت من التاريخ اليهودي موضعاً لها، كما بدأبها ونمنمتها التفصيليين.