تواصل لجنة الحقوق والحريات العامة في مجلس النواب اليمني التي يرأسها الشيخ محمد بن ناجي الشايف مناقشة مشروع قانون تنظيم التظاهرات والمسيرات والتجمهر الذي كانت الحكومة أحالته على المجلس لمناقشته والتصويت على اقراره. وقوبل مشروع القانون بالرفض والاحتجاج من جانب الاحزاب والتنظيمات السياسية في المعارضة اليمنية التي اعتبرت انه يمثل خرقاً للدستور وقانون الاحزاب السياسية وانتقاصاً من الحقوق الديموقراطية للاحزاب والمواطنين. وقالت مصادر برلمانية في لجنة الحقوق والحريات لپ"الحياة" ان اللجنة قررت بالاجماع الاستماع الى رأي الاحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والاعتبارية في البلد في سلسلة من اللقاءات تبدأ اللجنة اجراءها ابتداء من يوم السبت المقبل. وقالت هذه المصادر ان اللجنة تحاول من خلال لقاءاتها مع الاحزاب والشخصيات والجهات الحكومية المختصة استيعاب ملاحظات وردود من خارج البرلمان، قبل تقديم ملاحظاتها على مشروع القانون الى مجلس النواب للمناقشة والإقرار. وأكدت المصادر ذاتها ان هذا القانون يعد من أهم القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات بعد قانون الاحزاب الذي أصدره مجلس النواب قبل سنوات، ولذلك لا بد من اشباعه بحثاً حتى لا تتعارض بنوده مع نصوص الدستور والقوانين خصوصاً ان المشروع لم يحظ بمباركة الأحزاب المعارضة قبل إحالته على مجلس النواب. وكانت الحكومة قررت إصدار قانون ينظم التظاهرات والمسيرات في اعقاب تظاهرات شهدتها صنعاء وعدد من المدن والمحافظات اليمنية في حزيران يونيو الماضي احتجاجاً على قرارات رفع اسعار السلع والخدمات في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي. وأسفرت المواجهات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من المتظاهرين وقوات الأمن. ويتألف مشروع قانون التظاهرات والمسيرات من 25 مادة تنص على حق الاحزاب والتنظيمات والنقابات في تنظيم التظاهرات والمسيرات السلمية وأنه يجب على كل من أراد تنظيم تظاهرة أو مسيرة تشكيل لجنة تتولى تقديم طلب الى الجهات المختصة قبل وقت كاف للموافقة على المسيره، وأنه في حال عدم رد الجهة المختصة خلال اسبوع فإن الطلب يعتبر مرفوضاً ضمناً. وينص مشروع القانون الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه على ان لجان التظاهرات مسؤولة مسؤولية كاملة امام السلطات في حال حدوث خرق كما ان مسؤولية جنائية ومدنية تقع على اللجنة في شأن ما تسفر عنه التظاهرة أو المسيرة من جرائم وأضرار مادية للأموال والممتلكات العامة أو الخاصة. ويحق للجهة المختصة إدارات الأمن العام حضور المسيرات ويجب عليها توفير الحماية الأمنية، كما يمكن لها تعديل موعد المسيرات ومكان انطلاقها وخط سيرها وانتهائها لاعتبارات أمنية واستعمال القوة أو التهديد باستعمالها اذا اتضح ان الغرض من التظاهرة ارتكاب جريمة أو التأثير على أعمال السلطات. ونص القانون ايضاً على الحبس لمدة لا تزيد عن ثلاثة اشهر أو الغرامة المالية ضد من يقوم بتنظيم أي تظاهرة أو مسيرة من دون اخطار الجهة المختصة أو الدعوة الى تظاهرة من دون اذن مسبق. ويعاقب من يشارك في تظاهرة من هذا النوع بالحبس لمدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد عن شهر والغرامة. ويعاقب القانون ايضاً من يرفض اطاعة رجال الشرطة في تفريق تظاهرة بالحبس لمدة تتراوح بين شهرين وستة اشهر ومعاقبة من يحمل السلاح اثناء تظاهرة بالحبس لفترة تتراوح بين ستة اشهر وسنتين والغرامة المالية التي لا تقل عن خمسين ألف ريال يمني. ويحظر مشروع القانون اي تظاهرات أو مسيرات تستهدف المساس بالنظام الدستوري لبلد أو المساس بوحدة أراضيه وسلامتها. واعتبر القانون ان حدوث أي جريمة اثناء تظاهرة يجعل جميع المشتركين في التظاهرة أو المسيرة وقت ارتكاب الجريمة مسؤولين جنائياً بصفتهم شركاء اذا ثبت علمهم بالغرض من الجريمة حتى اذا لم يكونوا حاضرين في التظاهرة أو ابتعدوا عنها قبل وقوع الجريمة اذا لم تتم معرفة الجاني. وأعلنت الاحزاب اليمنية المعارضة انها ضد القانون لأنه "يقيد حريات وحقوق الاحزاب والنقابات والتنظيمات الجماهيرية في تنظيم التظاهرات والمسيرات السلمية ويزيد مخاوف الاحزاب ومحاذيرها في تنظيم التظاهرات لأنه يحملها مسؤوليات كبيرة". واشارت الى ان صلاحيات الأجهزة الأمنية والسلطات في القانون تتعارض مع نصوص الدستور وقانون الاحزاب، وان القانون يمنح أجهزة الأمن صلاحيات واسعة للتدخل وقمع التظاهرات وتحديد وجهة سيرها ما يلغي هدفها وتأثيرها السياسي والجماهيري. وعمدت الحكومة الى تأكيد ان مشروع قانون تنظيم التظاهرات جاء نتيجة للصدامات التي اسفرت عن وقوع ضحايا خلال التظاهرات التي شهدتها المدن اليمنية قبل اشهر عدة من منطلق يعتمد اساساً على مخاوفها مما سيحدث في المستقبل في حال تكررت هذه التظاهرات.