انتقد نائب وزير الخارجية الاميركي ستروب تالبوت بشكل غير مباشر موقف تركيا الحالي الذي يتصف بالعداء تجاه جيرانها العرب، وذلك في كلمة اشاد فيها بالسياسة الاقليمية التي تبنتها انقرة في عهد الرئيس التركي الراحل تورغوت اوزال. وتناول تالبوت، في المحاضرة السنوية التي نظمها معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى لاحياء ذكرى اوزال، العلاقات الاميركية التركية ومخاطر الحكم العسكري وانتهاك حقوق الانسان والتطرف في تطبيق العلمانية في تركيا. وقال ان اوزال "دعم، على سبيل المثال، المؤسسة العسكرية التركية طوال سنوات حكمه، وسعى الى ضمان ان تكون القوات المسلحة للبلاد حسنة التجهيز والاستعداد للدفاع عن اراضي تركيا ومصالحها". لكنه لفت الى ان الزعيم التركي الراحل سعى في الوقت نفسه "كما هو الحال في ديموقراطيات اخرى، الى ضمان ان يتلقى العسكريون في البلاد اوامرهم من القيادة المدنية، وليس العكس". واُعتبرت هذه الاشارة بمثابة انتقاد لاذع للنفوذ الذي تمارسه المؤسسة العسكرية في تركيا، عبر دورها المحوري في الحكم وهيمنتها على مجلس الامن القومي، وهو أعلى جهاز لصنع القرار في البلاد ويضم كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين. واستند تالبوت الى تراث اوزال في انتقاد محاولات العسكريين الاتراك لفرض النظام العلماني، مشيراً الى جهوده "للتوفيق بين الديني والعلماني في حياة تركيا، اذ لم يكن يجد أي تناقض بين الاصلاح والتحديث من جهة، وإيمانه الشخصي العميق بالدين السائد لمواطني تركيا". واوضح تالبوت ان قلق واشنطن في شأن سجل حقوق الانسان في تركيا لا يمثل تدخلاً في الشؤون التركية لانه جزء من سياسة ثابتة للولايات المتحدة. وقال "اُدرك ان قضايا الديموقراطية وحقوق الانسان هي مصادر لنشوء حساسية بين حين وآخر في علاقات تركيا مع الولاياتالمتحدة، كما هو الحال ايضاً مع بلدان أخرى تريد أيضاً الخير لتركيا". وتابع: "بعضهم اتهم الولاياتالمتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا ... ان موضوع حقوق الانسان في الحوار المتواصل للولايات المتحدة مع تركيا يعكس القيم المتأصلة في السياسة الخارجية الاميركية". وعلى رغم ان تالبوت تحاشى الإشارة بشكل مباشر الى الأزمة التركية - السورية وتصعيد انقرة لتهديداتها العسكرية ضد دمشق بذريعة إيوائها زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان، فإنه أشاد بالسياسة الاقليمية لتركيا في عهد أوزال الذي "عزز العلاقات التركية مع دول عربية رئيسية في الشرق الاوسط، فيما أرسى في الوقت نفسه الاساس لعلاقات أفضل مع اسرائيل".