بعد انتهاء الحرب الباردة، تغيرت الخريطة الحربية في اوروبا، إذ تقلص شبح الحرب تماماً. واحتلت الصدارة مشاكل خاصة بالصراعات في داخل الدولة الواحدة او على نطاق ضيق جداً من الحدود، وأخرى خاصة بالجنسيات والبلبلة السياسية. وفنلندا - إحدى دول المجموعة الاوروبية - تعتنق مبدأ عدم الانحياز العسكري، ولها باع طويل في ما يختص بقوات حفظ السلام بدءاً بهضبة الجولان ومروراً بالبوسنة وانتهاء في جنوبلبنان. وتهدف الخطة الأمنية في فنلدنا الى تحقيق اهداف محددة، هي الحفاظ على كل من الاستقلال والمبادئ الاساسية في المجتمع، وضمان قدرتها السياسية. أما خطتها الدفاعية فترتكز على تأمين الحدود وعلى جيش احتياطي نال قسطه من الخدمة العسكرية. ولما كان تعداد فنلندا الكلي لا يتعدى خمسة ملايين نسمة، فطبيعي الا يزيد عددالقوات الفنلندية في حال الحرب عن نحو 500 ألف جندي وجندية، وتبعاً للقانون الفنلندي، تكون الخدمة العسكرية أقل من عام اجبارية على كل الذكور الذين تتراوح اعمارهم بين 17 و60 عاماً. التقت "الحياة" وزيرة الدفاع الفنلندية السيدة انلي تاينا، وسألتها عن الجيش الفنلندي، وموقف وزارة الدفاع تجاه الأزمة الروسية. هل لك ان تعطينا فكرة عن الخدمة لعسكرية في فنلندا؟ - الخدمة العسكرية اجبارية لكل الذكور الفنلنديين، والغرض من ذلك هو تدريب الجيش الاحتياطي، إذ ليس لدينا جيش نظامي، وهي جزء من استراتيجيتنا الدفاعية، وسمحنا أخيراً للنساء بالانضمام الى الخدمة العسكرية، ويبلغ عددهن حالياً نحو 400 فتاة وسيدة. لكن أليس سن الپ60 متقدمة بعض الشيء لأن يكون ضمن قوات الجيش الاحتياطي؟ - خفضنا عدد الجيش الاحتياطي من نصف مليون الى 400 ألف جندي، وهذا يعني ان اعتمادنا على الاكبر سناً سيتقلص ونحن نحاول تحسين النظام تدريجياً. لا يزال عدد السيدات المتطوعات في صفوف الجيش الفنلندي صغيرآً، فهل هذا يعني عدم اقبال المرأة الفنلندية على هذا المجال؟ - عدد النساء المهتمات بالانضمام الى الجيش في العالم كله صغير لكن حين طرحت في البرلمان الفنلندي مسألة السماح للمرأة بالتطوع في الجيش، كنت من أشد المؤيدين لأن هذا يتيح للمرأة ان تختار، وكان هذا هو المجال الوحيد المتبقي في فنلندا الذي لم يكن مسموحاً للمرأة ان تسلكه. ما التغيرات التي طرأت على سياسة الدفاع الفنلندية اثناء وبعد انتهاء الحرب الباردة؟ - كنا وما زلنا دولة تتبع مبدأ عدم الانحياز العسكري، لكن الوضع الجديد في اوروبا سمح لنا بأن نلعب دوراً في التعاون الدولي، لذلك بدأت فنلندا تعاوناً مثمراً مع منظمة دول حلف شمال الاطلسي ناتو كذلك تعمقت سبل تعاوننا مع دول اوروبا الشمالية، مع مبدأنا الاحتفاظ بمبدأ عدم الانحياز . وهل زاد عمق هذا التعاون الدولي بعد انضمام فنلندا الى عضوية دول المجموعة الاوروبية؟ - نعم، فهناك فرص اكبر للتعاون الدولي في اوروبا، لكن في ما يختص بسياستنا الدفاعية في داخل دول المجموعة، فانها لم تحقق سوى خطوات صغيرة، ويجب على المجموعة ان توحد قدراتها في ادارة الأزمات، ونعتقد أنه نهج سليم. وماذا عن امكان انضمام فنلندا الى الحلف الاطلسي؟ - قرارنا في الوقت الراهن عدم الانضمام، ونؤمن ان هذا في مصلحة بلدنا والمنطقة بأسرها، لكن الفرصة متاحة دائماً امام حكومتنا، ولا نعلم التطورات التي يحملها المستقبل، وربما نضطر الى تغيير قرارنا. وهناك امكان للتعاون مع الحلف. وإذا إنضمت السويد الى الحلف، هل يغير ذلك من موقف فنلندا؟ - سيكون انضمام السويد من التغيرات المهمة التي تدعونا الى مراجعة قرارانا السابق، ولا أريد أن اتنبأ بذلك. هل الموقف الراهن في روسيا يعد تهديداً لفنلندا بأي حال من الاحوال؟ - ليس على النطاق العسكري في الوقت الراهن لكن الوضع في داخل روسيا وتطوراته محل اهتمام وقلق اوروبا باسرها. لفنلندا خبرة عريقة في قوات حفظ السلام، فما وضعها الراهن؟ - فنلندا نشطة في مجال حفظ السلام منذ ما يقرب من 40 عاماً وكان هذا المجال في السابق الوسيلة الوحيدة لفنلندا الى التعاون الدولي، وفنلندا حالياً تكمل دورها الذي نما عن قبل، وربما الوضع في البوسنة يعطي لمحة عما نستطيع ان نقدم في المستقبل في مجال ادارة الازمات سوياً مع بقية الدول الاوروبية، وقوات حفظ السلام الفنلندية التابعة للامم المتحدة موجودة حالياً في لبنان منذ ما يقرب من 15 عاماً، واعتقد أننا أدينا عملاً جيداً هناك، كذلك في مقدونيا التي نحن قلقون جداً بشأن وضعها الراهن. وكيف نجحت قوات حفظ السلام الفنلندية في مهمتها في لبنان؟ - حين زرت المنطقة. شعرت ان وجود القوات في حد ذاته يعطي السكان فرصة للعيش هناك، وإن كان لا يعني حل الازمة لأنها مسؤولية الدولة. هل تتلقى قوات حفظ السلام تدريباً عسكريا عادياً، ام تخضع لتدريبات خاصة؟ - هذه القوات تتكون من المدنيين المتطوعين رجالاً ونساء بعضهم يأتي من القوات العسكرية، وآخرون من الجيش الاحتياطي، وقبل توجههم الى عملية ما يتلقون تدريباً لمدة اسابيع. أجرت وزارة الدفاع الفنلندية خفضاً في موازنتها في الفترة الاخيرة. كيف أثر ذلك عليكم؟ - المؤسسات المختلفة في كل بلد تشكو من ان الموازنات المخصصة لها ضئيلة، لكن موازنة وزارة الدفاع تغطي كلفة خطتنا الدفاعية التي نحتاجها، ولدينا في فنلندا مشكلة اقتصادية كبيرة لأن مديونية الدولة مرتفعة جداً، ما يعني عبئاً على موازنة الدولة. وقبل اشترينا مقاتلات لقواتنا الجوية، وكان هذا قراراً مهماً جداً بالنسبة الى دولة صغيرة كفنلندا، لكن هذا تطلب ايضاً المزيد من القيود المادية على جهات أخرى في الوزارة. هل هناك مجالات للتعاون بين فنلندا ودول اخرى في مجال الدفاع؟ - هناك مجالات عدة، لكن اهمها تأييدنا لدول البلطيق في بناء سياسة دفاعية لأنفسهم، ونزود استونيا بخبراتنا لا سيما انها في عهد الاتحاد السوفياتي لم يكن لها سياسة دفاعية مستقلة فهي لا تبعد عنا سوى 80 كيلومتراً إلى الجنوب. والاستونيون يتحدثون الكثير من اللغة الفنلندية، ويشاهدون التلفزيون الفنلندي. منصب وزير الدفاع بالغ الحساسية والاهمية، فهل كونك امرأة زاد من صعوبة المهمة؟ - هذا المنصب مثير جداً من الناحية السياسية، بسبب التغيرات الكثيرة التي طرأت على الخريطة العالمية في السنوات الماضية، وقبلي كانت امرأة ايضاً في هذا المنصب، واعتقد انها أدت عملها جيداً باعتبارها الاولى في مثل هذا المنصب، ولحسن الحظ أن المرأة تعمل في فنلندا منذ زمن بعيد، لذلك لا توجد مواقف عدائية ضدها. المسألة اصبحت لا تتعلق بجنس صاحب المنصب، لكنها قدرات سياسية. وزيرة الدفاع في سطور - ولدت في 21 حزيران يونيو عام 1951 في مدينة إماترا. - تحمل درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية 1975. - أصبحت عضوة في البرلمان عام 1987. - احتلت مناصب عدة في مجلس مدينة تامبير، ومجلس المساواة، ومجلس جمعية مرضى السكري، ومجلس النساء والدفاع العسكري الوطني وغيرها. - اصبحت وزيرة الدفاع في 13 نيسان ابريل عام 1995. - متزوجة منذ عام 1975.