تؤثر التحالفات داخل صناعة النقل الجوي على الأوضاع العامة للمجموعات الرئيسة الثلاث التي تصنّع محركات الطائرات في العالم وهي "رولز-رويس" البريطانية ومنافستاها الأميركيتان: "برات أند ويتني" و"جنرال إلكتريك"، نظراً إلى كونها كيانات عالمية تملك انتشاراً دولياً، في مجالي التصنيع والتسويق، وعلى مستوى العالم. وتحتل "جنرال إلكتريك" المرتبة الأولى في مجال تصنيع المحركات، مستحوذة مع شركتها التابعة "سنيكما"، التي تحتكر تصنيع محركات "بوينغ 737"، الطراز الأكثر شعبية في تاريخ الطيران، على 46 في المئة من السوق الدولية، بينما تملك "رولز-رويس" 30 في المئة وتسيطر "برات أند ويتني" على نسبة ال24 في المئة المتبقية. وبقدر ما تشكل المنافسة داخل الأسواق الاقليمية عنصراً أساسياً يتحكم في طريقة بناء وتوزيع التحالفات الجوية، بقدر ما يؤثر السعي إلى حماية الصناعات الوطنية في أوروبا وأميركا الشمالية على نتائج المنافسة بين المصنّعين الأميركيين والأوروبيين للطائرات المتوسطة والبعيدة المدى ومحركات الطائرات وحاضناتها. وتستفيد "رولز رويس"، كما استفادت "ايرباص"، من ميل الناقلات الجوية الأوروبية لصفقات الشراء الأوروبية. وشكل إعلان "بريتيش ايرويز"، الأحد الماضي، اختيار "رولز-رويس" لتزويد طائراتها الجديدة من طراز "بوينغ 777" بمحركات "ترنت 895" دليلاً إضافياً على مدى تأثير التحالفات الجوية والاعتبارات السياسية التي تدخل فيها على التنافس للاستحواذ على أكبر حصة من سوق الطائرات والمحركات الجديدة. وتبلغ قيمة الصفقة 930 مليون دولار وهي تشمل صيانة المحركات ودعم تشغيلها مدى الحياة. وكانت الناقلة البريطانية أعلنت في 25 آب أغسطس الماضي انها اوصت على 16 طائرة من طراز "بوينغ-777" مع قرار مبدئي بشراء 16 أخرى، وجاء الاعلان متزامناً مع الكشف عن تحولها لأول مرة إلى زبون ل "إيرباص" وتوقيعها طلبية لشراء 59 طائرة من طراز "إي.320" مع خيارشراء 129 طائرة اخرى. وفاق عدد محركات "ترنت" المباعة حول العالم 1200 محرك تناهز قيمتها 14 بليون دولار حتى الآن. ويعتبر محرك "ترنت 895" نموذجاً مطوراً من محرك "ترنت 800"، إلا أنه يتميز بقوة دفع أكبر ويملك إمكانات لتحمل درجات حرارة أعلى. وتشكل محركات "ترنت" عماد استراتيجية الشركة البريطانية لتعزيز موقعها في السوق الدولية. وتسيطر عائلة محركات "ترنت" على 51 في المئة من سوق المحركات من فئتها في العالم والتي تراوح قوة دفعها بين 55 ألف رطل و100 ألف رطل. وقالت مسؤولة العلاقات العامة في المجموعة البريطانية جوستين ستيل ل "الحياة" إن استراتيجية المجموعة انصبت خلال السنوات الماضية على تأمين محركات لطرازات الطائرات التجارية كافة. أما بالنسبة إلى تأثير التحالف الجديد "وان وورلد" على سوق طلبيات المحركات فاكتفت بالاشارة إلى إن "رولز- رويس" لا تصدر تكهنات حول كيفية تصرف الشركات الجوية "وإن كانت ترى لزاماً عليها القيام بتوقعات حول إجمالي السوق من ناحية الاتجاهات الاقليمية". وأشارت إلى أن المجموعة ستواصل التعامل مع الشركات الأعضاء في التحالف الجديد كما كان عهدها حتى الآن، أي كشركات فردية، مشيرة إلي أن الأعضاء الخمسة سبق لهم أن اختاورا محركات "رولز- رويس" من قبل. وتجرى الصفقات الكبيرة التي تبرمها الناقلات الجوية بعد محادثات مستفيضة وراء الكواليس لا يغيب عنها العنصر السياسي، وهو ما يفضل أغلب شركات تصنيع الطائرات والمحركات التعتيم عليه، ومثلها أيضاً حال شركات النقل الجوي، سيما وأن تحرير التجارة الدولية وصناعة الطيران يفترض الابتعاد عن التدخل الحكومي، أو الفيديرالي في ما يخص الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وسواء اعترفت شركات التصنيع أم لا بوجود صفقات سياسية تصاحب الصفقات التجارية وبتأثير هذا البعد الحمائي للصناعات الوطنية من عدمه، فإن وضع السوق الدولية وطابع العولمة، إن على مستوى التحالفات بين الناقلات الجوية أو مستوى الكيانات السيادية من دول واتحادات دول، يحتّمان استغلال البعد السياسي الحاضر- الغائب في المنافسة القائمة. وهو أمر لا ينطبق على عالم الطيران وحده