سادت الفوضى خلال الانتخابات الكينية الرئاسية والبرلمانية التي جرت مطلع الاسبوع. وقبلها، في الحملة الانتخابية، سقط خمسة قتلى وعشرات الجرحى. يوسف خازم يستعرض: يبدو ان الرئيس الكيني دانيال آراب موي 73 سنة لم يعتد بعد على إجراء انتخابات استناداً الى نظام تعدد الاحزاب. فسادت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت الاثنين الماضي فوضى عارمة اضطرت مفوضية الانتخابات إزاءها إلى تمديدها يوماً آخر. والانتخابات التعددية الحزبية الاولى منذ استقلال كينيا عام 1963، كانت جرت العام 1992 في اجواء مماثلة، وثبتت موي، الذي يحكم منذ 1978، رئيساً لخمس سنوات جديدة. وحتى كتابة هذه السطور لم تكن نتائج الانتخابات قد ظهرت، لكن عمليات فرز الاصوات التي بدأت الاربعاء ببطء سجلت تقدم موي وحزبه الاتحاد الوطني الافريقي الكيني "كانو"، إلا أن ذلك لا يعكس أجواء الانتخابات عموماً. فثمة مؤشرات عدة الى ان موي ربما اضطر الى خوض جولة ثانية من الانتخابات، علماً بان توقعات شبه مؤكدة تجزم باعلان فوزه. فماذا حصل يوم الاقتراع؟ نذر الفوضى كانت بدأت مع الحملة الانتخابية في المقاطعات الكينية الثماني، إذ رافق معظم ايام هذه الحملة، التي استمرت نحو شهر، أعمال عنف سياسي سقط فيها خمسة قتلى وعشرات الجرحى وتدمير مرافق حيوية عدة. وفي يوم الاقتراع نفسه، 29 كانون الاول ديسمبر، ظهرت الفوضى في اوسع صورها، إذ سمعت من مراقبين في نيروبي ان "صناديق الاقتراع لم تصل الى مراكز الاقتراع في الوقت المحدد. وعندما وصلت لم تصل أوراق الاقتراع معها الى عدد كبير من المكاتب... وعندما وصلت اوراق الاقتراع الى بعض المكاتب، لم تكن هي الأوراق الصحيحة المخصصة لتلك المكاتب". ويضيف مراقب غربي من الذين تحدثتُ إليهم عشية فرز الاصوات: "ان الحكومة اضطرت الى نقل معدات الانتخابات بواسطة طائرات هليكوبتر الى بعض المناطق النائية التي يؤيد سكانها الحكومة، في حين ارسلت معدات مشابهة الى مناطق نائية أخرى يؤيد سكانها المعارضة، بواسطة سيارات نقل عادية ربما ما زالت حتى الآن تسير على الطريق". مراقب آخر تحدث عن إدارة ذاتية في بعض المراكز التي وصلتها اوراق الاقتراع من دون الصناديق. واضطر القيّمون فيها الى استخدام صناديق مصنوعة من الورق المقوى، فسقط بعض منها في الماء وتبللت الاصوات ماءً. وعالج هؤلاء القيمون الامر بأسلوب ديموقراطي رافضين ارسال صناديق غير مكتملة، فاستدعوا الناخبين للادلاء بأصواتهم مجدداً. فجاء من جاء وتم الاقتراع بمن حضر". الرئيس موي الذي عين رئيس مفوضية الانتخابات صامويل كيفوتو، انتقد عمل المفوضية في حين اتهم المرشحون ال 12 المعارضون لموي المفوضية ذاتها بإحداث تلك الفوضى عمداً للتحكم باصوات الناخبين. وعندما سئل صامويل كيفوتو عما إذا كان سيستقيل إزاء الاتهامات الموجهة اليه من موي والمعارضة على حد سواء، أجاب: "لا استطيع الاستقالة. هل حصل ان سمعتم بشخص يستقيل في هذا البلد، خصوصاً لأمر كهذا؟". واعترف الرجل بحصول تقصير من قبل المفوضية في مؤتمر صحافي عقده مساء الاربعاء، وألقى المسؤولية على عاتق الطقس الرديء والامطار الغزيرة التي عطلت الطرقات واخرت عمليات نقل المعدات. كذلك لام توقيت الانتخابات "الذي جاء في منتصف فترة الاعياد"، الى جانب "طريقة تعليب اوراق الاقتراع التي جاءت من بريطانيا". أياً كان المسؤول، الطقس ام الاعياد او بريطانيا... واياً كان الفائز بعد انتهاء عمليات الفرز، فإن اجواء شكوك سادت يومي الانتخابات وما بعدهما، وفقدت العملية الانتخابية برمتها صدقيتها، خصوصاً ان الكينيين كانوا شككوا في نتائج الانتخابات السابقة. لكن هكذا تؤخذ الشرعية في افريقيا...