قال النائب الأول لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي ان القطاع المصرفي اللبناني سيشهد تطوراً في السنوات المقبلة بحيث تملك المصارف العشرة الأولى رؤوس اموال ضخمة تخوّلها المنافسة على المستوى الدولي. وتوقع السعيدي في حديث الى "الحياة" خمس عمليات دمج جديدة بين المصارف في لبنان قبل نهاية السنة الجارية، مرجحا ان ينخفض عدد المصارف في لبنان الى 50 مصرفا في السنوات الثلاث المقبلة مقابل 76 مصرفا في الوقت الحاضر. وجرت العام الماضي خمس عمليات دمج بين مصرف "فرنسبنك" دامج مع "مصرف طعمة" مدموج، "بيبلوس" دامج و"بيروت للتجارة" مدموج، "عودة" دامج و"الاعتماد التجاري للشرق الاوسط" مدموج، "سوسييتيه جنرال" دامج و"بنك جعجع" مدموج و"الانعاش اللبناني" دامج و"بنك لبنان وباكستان" مدموج. وشهد القطاع المصرفي اللبناني بدءاً من عام 1994 وحتى نهاية 1997عمليات اندماج بين مصارف، تحقق العدد الأكبر منها العام الماضي، جرت في اطار قانون تسهيل الاندماج المصرفي الذي يحمل الرقم 192 الصادر في كانون الثاني يناير 1993، وانتهى العمل به في كانون الثاني الجاري. لكن نظراً الى ضرورات استمرار العمل به أوصت اللجنة النيايبة للإدارة والعدل بتمديد العمل به بناء على طلب مصرف لبنان ليصبح نافذاً بعد إقراره في المجلس النيابي. وتحدث السعيدي عن اسباب ضرورة تمديد سريان هذا القانون، قائلا ان هناك حاجة اقتصادية ومالية ورغبة لدى المصارف، كون القطاع المصرفي يتطلب إعادة هيكلة لزيادة رؤوس الاموال والأموال الخاصة الموظفة وبالتالي تقليص عدد المصارف التي يبلغ عددها الآن 76 مصرفا وتطوير اختصاصاتها في الخدمات التي تقدمها. واضاف ان حجم الاستثمار الكبير والتطور السريع في القطاع المصرفي سيترافق مع تطور في الاختصاصات فتتحول المصارف الى مصارف اعمال وتتولى المصارف الاعمال المصرفية الخاصة وإدارة الأموال والثروات اضافة الى التعامل بالأدوات المصرفية الحديثة وإنشاء صناديق الاستثمار وإدارتها. وتوقع "مع الوقت" ان يشبه النظام المصرفي اللبناني النظام المصرفي السويسري. ولفت السعيدي الى ان القانون يعطي الإطار القانوني لمصرف لبنان لتسهيل الاندماج، مشيرا الى ان الهدف من هذه العمليات تعزيز رؤوس الاموال والأموال الخاصة للمصارف لتتمكن من تمويل المشاريع الاقتصادية والقيام بتسليفات متوسطة وطويلة الأجل وفيها اخطار اكبر. واضاف انه يتوقع ان تفوق الاموال الخاصة لخمسة مصارف لبنانية مبلغ ال150 مليون دولار خلال سنة 1998، مشيرا الى ان الاموال المستثمرة في المصارف اللبنانية حتى نهاية 1997 بلغت نحو 9،1 بليون دولار مقابل 140 مليوناً في عام 1992. ويندرج الاتجاه الى تعزيز رؤوس اموال المصارف اللبنانية في اطار اعادة هيكلة القطاع المصرفي من جوانب عدة منها زيادة رؤوس الاموال والاموال الخاصة عبر الاندماج او اصدار سندات الدين الدولية بهدف توفير التمويل الطويل والمتوسط الأجل للمشاريع الإعمارية والإقتصادية والإنمائية وبالتالي زيادة المنافسة. ويندرج هذا الإتجاه ايضاً في اطار الاستراتيجيا التي رسمها مصرف لبنان للقطاع المصرفي والتي تتطلع في المقام الأول الى ان تكون تركيبة القطاع المصرفي اللبناني تتألف من مصارف تجارية ومصارف أعمال ومؤسسات مالية متخصصة وشركات إيجار وغيرها. ويذكر ان في لبنان الآن ثمانية مصارف اعمال و21 مؤسسة مالية. ولفت السعيدي الى ان المصارف قامت خلال العامين الماضيين بإصدار سندات دين وشهادات إيداع دولية لتأمين السيولة اللازمة لتغطية الخدمات الجديدة وتمويل مشاريع الإعمار، مشيرا الى ان قيمة هذه الإصدارات بلغت نحو بليون دولار وهي متوسطة وطويلة الأجل وتتفاوت مددها بين 3 و5 و7 و10 سنوات. واوضح ان هذه الاصدارات تمت بموجب القانون الذي صدر في حزيران يونيو 1996 والذي سمح للمصارف بأن تصدر 30 في المئة من رأس مالها في شكل اسهم يمكن تداولها في الاسواق المالية وإصدار سندات دين في حدود ستة اضعاف اموالها الخاصة. واستفادت من هذا القانون ستة مصارف. ويعتقد السعيدي ان لبنان يحتاج الى قانون عام ينظم اندماج الشركات والمؤسسات اقتصادية، بغض النظر عن قطاعها او النشاط الذي تمارسه، ويطوّر قانون التجارة اللبناني ويحدّثه بحيث يعطي التسهيلات والإعفاءات الضريبية ويأخذ بعين الاعتبار حماية المستهلك والمواطن وباقي الشركات من اي احتكار او نتائج اخرى يمكن ان تنشأ عن أي اندماج ومن شأنها ان تقلّص فرص المنافسة. وأشار الى انه يجب ان يلحظ هذا القانون تشكيل هيئة تراقب عمليات الاندماج ونتائجها، وهي معتمدة في بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية.