"سيرانو دو برجراك" مسرحية لنهاية هذا القرن... كما كانت لنهاية القرن الماضي، وهي تجاوزت حدودها الفنية فتحولت الى مرآة لعصر. ولقيت تفسيرات كان المجتمع الفرنسي في حاجة اليها. لكن هل يجوز لمجتمع أن يتجاوز معرفة النفس من أجل تحقيق بطولة في المخيلة؟.. "سيرانو" تدور حول البطولة... هكذا تخيلها الفرنسيون والانكليزي بعدهم ولا يزالون. الاحتفال بمئوية تقديم "سيرانو" للمرة الأولى في باريس العام 1897 أعاد الى الأذهان كيف ان الشعوب في حاجة إلى الفن لتقوية المعنويات أكثر من أي شيء آخر. شهدت باريس الشهر الماضي بداية عروض متعددة للمسرحية. ونشرت وسائل الإعلام مقالات ايجابية عنها. وخصت لكاتبها ادمون روستان مكانة الأبطال. وأسقطت على "سيرانو" صوراً لاحتياج الفرنسيين الى المعنويات، ومواجهة القرن الجديد بإرادة موحدة وقيم جديدة. أحداث المسرحية تدور في القرن السابع عشر. مسرحية عن الحوار الباطن بين الحب واهتزاز الثقة بالنفس، ملأها الكاتب بحوار التحدي والمغامرة والموت والحب والانتصار. وصار الدور محط اهتمام الممثلين عبر العصور، ووسيلة لتحقيق الشهرة مثلما حدث مع الممثل جيرار ديبارديو في فيلم "سيرانو" العام 1989. المسرحية اقتبست أفلاماً في دول عدة. بل انها تحولت الى باليه قدمت في كوفنت غاردن العام 1991. الممثلون الانكليز وجدوا في الدور تحدياً منذ رالف ريتشاردسون، الى ديريك جاكوبي وروبرت ليندزي وغيرهم. وفي العرض الحالي للمسرحية الذي افتتح في لندن تبدو بطولة انطوني شير جذابة الحركة والاستعراض مع تحقيق الذات. "سيرانو" كانت محاولة علاج احباط مجتمع في نهاية قرن. لقيت نجاحاً واسعاً لأنها احتفت بالقيم الانسانية أمام التغيرات في الزمن والعلم والعلاقات.