يفترض ان يسرّع تحديد موعد أول جلسة للبرلمان اللبناني الجديد لانتخاب رئيسه، المرشح الوحيد للمنصب، الرئيس نبيه بري، بعد غد الخميس، من وتيرة المشاورات بين فرقاء كل من قوى 14 آذار وقوى المعارضة، لأن إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري يفترض ان ينقل البلاد فوراً الى استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة. وأدى تحديد رئيس السن في البرلمان النائب عبداللطيف الزين بعد غد الخميس موعداً لانتخاب رئيسه، الى توقع دينامية جديدة، بعد ان سادت المراوحة الأسبوع الماضي، في الاتصالات حول شكل الحكومة الجديدة ورئاستها التي ما زالت الترجيحات تعقد لواءها لزعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري المنتظر وصوله الى بيروت خلال ساعات، خصوصاً انه يتوقف على نتائج لقاءاته مع حلفائه في قوى 14 آذار، ومع الرئيس بري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الكثير من الأمور سواء في شأن شكل الحكومة الجديدة والحصص فيها، أم في شأن حسم القضايا والعناوين السياسية التي ستشكل مواضيع التوافق التي ستقوم على أساسها حكومة الوحدة الوطنية. ووصل الحريري عصر امس من الرياض الى القاهرة حيث من المقرر ان يستقبله الرئيس المصري حسني مبارك اليوم ويعرض معه المستجدات السياسية في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. والتقى الحريري مساء وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط وبحث معه مجمل التطورات الإقليمية والدولية. وعلمت «الحياة» ان الحريري بقي خلال الأيام الماضية على اتصال مع عدد من حلفائه حول الاستحقاقات المقبلة وفي طليعتها انتخاب رئيس البرلمان. ويفترض ان يتبع انتخاب بري لرئاسة المجلس الخميس، ومعه هيئة المكتب في البرلمان، إبلاغ بري وهيئة المكتب دوائر القصر الجمهوري بعدد الكتل النيابية التي نشأت بعد صدور نتائج الانتخابات، وعدد أعضاء كل منها، لدعوتها من قبل الرئيس ميشال سليمان الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديد، نهاية هذا الأسبوع، أو يوم الاثنين المقبل على أبعد تقدير. إلا ان المشاورات بين الفرقاء قبل يوم الخميس يفترض ان تتناول الاستحقاقات التي يطلقها انتخاب بري لأسباب عدة منها: 1 - ان ثمة تبايناً داخل فريق 14 آذار حول الموقف من انتخاب بري الذي تؤيده المعارضة حكماً (57 نائباً) إذ ان معظم القوى المسيحية المنضوية في هذا التحالف تتحفظ عن انتخابه وتتجه الى التصويت بورقة بيضاء وترفض التسليم بدعمه من دون تسجيل اعتراضها على أدائه إبان الأزمة السياسية بين العامين 2006 و2008 حين امتنع عن فتح باب المجلس أمام هيئته العامة. وتشير مصادر نيابية الى أن عدد الأوراق البيض في صندوق الاقتراع للرئاسة الثانية قد يناهز ال20 ورقة من بين اصحابها نواب حزب الكتائب (5) و «القوات اللبنانية» وحلفائها (8)، وآخرون مستقلون. لكن كتلة «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط (11) ستصوت له، مع ترجيح تصويت كتلة نواب «المستقبل» برئاسة الحريري له ايضاً، على رغم احتمال انضمام بعض النواب المسيحيين فيها الى خيار الورقة البيضاء. لكن الموقف النهائي ل «المستقبل» سيحسم فور عودة الحريري في اجتماع تعقده لهذا الغرض. وأصدر المكتب السياسي للكتائب بياناً عصر امس أكد فيه نيته الاقتراع بورقة بيضاء «وإبقاء الاتصال مع الحلفاء لاتخاذ موقف موحد لا يكون على حساب التزامنا بسلسلة ثوابت». وعقد تكتل «القوات اللبنانية» اجتماعاً صدر إثره بيان تضمن أسئلة إلى بري «استناداً الى تجربة ادارته للمجلس» أبرزها: «هل يلتزم (في حال انتخابه) بأن ينطق باسم المجلس النيابي كما تقرر الغالبية في هذا المجلس، أم سيستمر في إعلان موقفه السياسي وموقف فريقه وكأنه موقف المجلس النيابي برمته؟ وهل تُعطى هيئة مكتب المجلس دورها الحقيقي مناقشة وتقريراً، أم سيظل الرئيس يختزل دورها؟ وهل يقرر الرئيس منفرداً، كما حصل سابقاً، إقفال المجلس وفتحه كما تمليه عليه قناعاته وتموضعه السياسي، ام سيحتكم فعلاً الى الدستور والنظام الداخلي؟ وهل سيتم التعاطي من قبل رئيس المجلس، مع اقتراحات ومشاريع القوانين بالطريقة نفسها فيحيلها، بحسب صلاحياته الى اللجان او الهيئة العامة بحسب ترتيب ورودها، ام سيستمر في الاستنساب وتمرير ما يراه مناسباً وإغفال ما عداه؟ وهل سيعمد الرئيس الى حفظ التوازن الطائفي والوطني على صعيد التوظيف في مديريات ومصالح ودوائر المجلس النيابي؟». لكن التكتل أشار الى التعاون ايجاباً لمصلحة المؤسسات مع اي مسؤول يصل الى اي موقع بحسب الأصول». 2- أن ثمة تبايناً بين فرقاء المعارضة في شأن تأييد أو عدم تأييد ترشيح النائب الحريري لرئاسة الحكومة، فضلاً عن أن بعضهم يربط الأمر بالتفاهم السعودي – السوري على هذه النقطة، في وقت تنفي أوساط الأكثرية أي رابط بين علاقة الدولتين وبين تولي الحريري الرئاسة الثالثة، على الأقل في حسابات قوى 14 آذار. وفيما يؤيد الرئيس بري رئاسة الحريري للحكومة يعارضها النائب سليمان فرنجية، ويتريث «حزب الله» في موقفه من هذا الخيار، ويتشارك مع «التيار الوطني الحر» في انتظار ما سيعرضه الحريري لجهة تركيبة الحكومة المقبلة وحصة المعارضة فيها. ويبقي «حزب الله» على شرط الحصول على الثلث المعطل (الثلث +1) داخل الحكومة ورقة مستورة، مقابل مطالبة العماد ميشال عون وفرنجية به، في انتظار لقائه مع الحريري. 3- ان استكمال لقاءات الحوار التي حققت نقلة باجتماع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله مع النائب جنبلاط، بلقاء الحريري مع نصر الله، وغيره سيحسم في شكل نهائي مسألة رئاسة الحكومة. وتقول مصادر تيار «المستقبل» ان الحريري لن يضيّع وقته في البحث إذا كان سيتولى الرئاسة الثالثة قبل ان يطّلع على روحية موقف المعارضة فإذا وجد أن هناك شروطاً تعطيلية في تشكيل الحكومة وإذا رفضت المعارضة الإصلاحات الاقتصادية ومنها الخصخصة، وإذا بقي زهاء 60 مشروع قانون محالة الى البرلمان من دون إقرارها فإن الحريري لن يضيّع وقته في السعي الى رئاسة الحكومة ليبدأ التفتيش عن مرشح غيره. وتضيف مصادر «المستقبل»: «إذا لقي الحريري استعداداً لدى المعارضة لتفهم الحاجة الى إطلاق مرحلة من التعاون لأن امام لبنان استحقاقات اقتصادية في ظل الأزمة العالمية وأمامه فرصة موسم سياحي واعد تأتي بعده استحقاقات معالجة المشاكل الاجتماعية للمواطنين، وتحريك عجلة الاقتصاد، في ظل وضع إقليمي يحمل مخاطر جمة، بفعل القلق من سياسة الحكومة الإسرائيلية وخطاب رئيسها بنيامين نتانياهو، فإنه سيبدأ بالتفكير جدياً بترؤس الحكومة المقبلة». ورداً على سؤال عما يحكى حول تأثير الموقف السوري في خيار الحريري قالت مصادر «المستقبل» ان الأمر مرتبط بالنسبة الى الحريري وتيار «المستقبل» بالأسباب الوطنية المذكورة أعلاه وليس بالأسباب الخارجية ونحن غير معنيين بمعرفة الأسباب، بل بنتائج المشاورات المحلية، إذا كانت ستؤشر الى تعاون وإعطاء البلد فرصة من اجل التلاقي والتعاون لمواجهة الاستحقاقات والمخاطر الإسرائيلية التي تلوح في الأفق. وأعلن الرئيس السوري بشار الأسد في حديث الى قناة «فرانس – 5» ان بلاده مستعدة للتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، وفق «معاييرنا». وقال الأسد: «سبق ان تعاونّا مع محققي الأممالمتحدة، ونحن مستعدون للتعاون بالطريقة نفسها مع المحكمة الخاصة، إنما وفق معاييرنا. لأن أي سوري، سواء كان في الحكومة أم لا، يخضع لقوانيننا وسلطتنا». وأضاف الرئيس السوري: «انظروا الى ما حصل بين الأممالمتحدة ولبنان بالنسبة الى إنشاء المحكمة. حدث اتفاق لكي يشارك لبناني في هذه المحكمة. إذا أرادوا تعاوننا، لا بد من اتفاق، لأن لشعبنا حقوقاً ايضاً». وزاد الأسد: «لسنا قلقين في ما يتعلق بنتيجة التحقيق، وسنبقى طالما التحقيقات تجرى وفق معايير تقنية ومهنية، وطالما انها ليست مسيسة».