منذ ثلاثة أرباع قرن ورئيس الهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل، يمارس التعليم والتدريس، حتى وصف ب«شيخ الحنابلة في عصره» لكن المنية حالت بينه وبين طلابه أمس، ليرحل عن الدنيا بعد عمر يناهز المئة، إذ ولد في مدينة عنيزة عام 1335ه نشأ في كنف والده عبدالعزيز العقيل الذي يعد من أدباء وشعراء عنيزة المشهورين، وتتلمذ على الشيخ عبدالله القرعاوي والتحق بدروس الشيخ عبدالرحمن السعيدي وأصبح من المقربين لديه، ولازم أيضاً الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ. مارس وظائف عدة، إلا أن الذي بقي معه إلى نهاية حياته هو التعليم، ففي آخر حياته فتح أبواب منزله للطلاب يومياً بعد الفجر إلى طلوع الشمس، ثم الضحى إلى الظهر، وربما جلس بعد الظهر قليلاً، ثم بعد العصر إلى ما بعد العشاء. ووفقاً للمصادر الموثوقة فإن الراحل في عام 1353ه اختير مع المشايخ الذين أمر الملك عبدالعزيز بابتعاثهم قضاة ومرشدين في منطقة جازان وكان عمرة ثمانية عشر عاماً فقط، وفي عام 1358ه جاءت برقية من الملك عبدالعزيز لأمير عنيزة بتعيين الشيخ عبدالله لرئاسة محكمة جازان خلفاً لعمه عبدالرحمن، فاعتذر الشيخ، فلم يقبل عذره، فاقترح على الشيخ عمر بن سليم التوسط بنقل الشيخ محمد بن عبدالله التويجري من أبو عريش إلى جازان، ويكون هو في أبو عريش لأنها أصغر حجماً وأخف عملاً، فكتب الشيخ عمر للملك عبدالعزيز الذي أصدر أوامره بذلك. ومن ثم باشر عمله هناك في رمضان 1358ه. نقل الراحل إلى محكمة فرسان في سنة 1359ه، لكنه لم يدم هناك طويلاً، فأعيد إلى أبو عريش مرة أخرى ليبقى فيها قاضياً لمدة خمس سنوات، وفي شهر رمضان من عام 1365ه انتقل الشيخ إلى محكمة الخرج بأمر من الملك عبدالعزيز، ومكث فيها قرابة السنة. كما تم نقله إلى المحكمة الكبرى في الرياض وذلك في شهر شوال من عام 1366ه، ظل الشيخ ابن عقيل في الرياض حتى عام 1370ه. وفي عام 1370ه أمر الملك عبدالعزيز بنقله من الرياض إلى عنيزة مسقط رأسه، وأشرف خلال هذه الفترة على إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة عنيزة، وفي عام 1391ه أصبح عضواً في هيئة التمييز بأمر من الملك فيصل. تشكلت الهيئة القضائية العليا عام 1392ه برئاسة الشيخ محمد بن جبير، وعضوية الشيخ ابن عقيل. وفي أواخر هذا العام انتقل الشيخ إلى مجلس القضاء الأعلى، إذ عُيِّن عضواً، ثم رئيساً للهيئة الدائمة فيه. وفي عام 1387ه اختير لعضوية مجلس الأوقاف الأعلى إبان إنشائه، واستمر في عضويته إلى جانب أعماله التي تقلدها حتى بلغ السن النظامية للتقاعد عام 1405ه. وبعد التقاعد عن العمل الرسمي فرّغ الشيخ نفسه للعلم وأهله وطلبته، إضافة إلى إجابة المستفتين حضورياً أو على الهاتف. يذكر أن للرحال كتباً عدة منها، «فتاوى ابن عقيل» و«فتح الجليل» و«الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة»، وهي الرسائل الشخصية العلمية المرسلة من الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي إلى تلميذه الشيخ ابن عقيل، اعتنى بها وعلق عليها هيثم بن جواد الحداد بإشراف ومراجعة الشيخ عبدالله بن عقيل، ونشر دار ابن الجوزي في الرياض، إضافة إلى «كشكول بن عقيل» وهو عبارة عن ألغاز فقهية وغير فقهية وطرائف وفوائد علمية وعملية.