فرضت موسكو نظام مكافحة الإرهاب في انغوشيا، وتعهد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ب «رد قاس» بعد تعرض رئيس الجمهورية القوقازية يونس بك يفكوروف لمحاولة اغتيال أمس، في حادث دموي جديد إضيف إلى مسلسل إغتيالات وتفجيرات في الجمهورية التي تتمتع بحكم ذاتي. واستيقظ سكان منطقة القوقاز أمس، على أنباء هجوم بالمتفجرات أسفر عن مقتل شخصين وإصابة أربعة آخرين، بينهم الرئيس الأنغوشي الذي نقل على متن طائرة عسكرية روسية إلى موسكو للخضوع لجراحة عاجلة، ووصف الأطباء حاله بأنها «حرجة ولكن مستقرة». وكانت سيارة مفخخة انفجرت في وقت مبكر صباح أمس، أثناء مرور موكب يفكوروف وسط العاصمة نزران. وقدرت الأجهزة الأمنية حجم العبوة بنحو 200 كيلوغرام من مادة التروتيل الشديدة الإنفجار. وعلى رغم أن أجهزة التحقيق أعلنت في البداية أن السيارة المفخخة كانت مركونة إلى جانب الطريق، فإن وحدات أمنية تحدثت في وقت لاحق عن وجود انتحاري داخل السيارة وأنه تحرك في شكل مفاجئ أثناء تقدم الموكب وصدمه في شكل مباشر بسيارته. وعلى الفور أعلنت موسكو حال استنفار عسكري وسياسي، إذ فرضت الداخلية نظام مكافحة الإرهاب في نزران، واغلقت الطرق الرئيسة ومنعت التجول وشددت القيود على حركة المواطنين والسيارات وفرضت تنصتاً على المكالمات الهاتفية وغيرها من الإجراءات المعمول بها وفقاً للنظام المتبع أيضاً في مناطق واسعة من جمهوريتي الشيشان وداغستان المجاورتين. وتوجه وزير الداخلية الروسي رشيد نورغالييف إلى المنطقة للإشراف مباشرة على سير التحقيقات. وقال مسؤول أمني أن الوزارة لا تستبعد أن احتمال تواجد أشخاص ضالعين في الهجوم في المنطقة، ما يعني ضرورة المباشرة بعمليات ملاحقة واسعة النطاق. وبالتوازي مع التحركات الأمنية، أمر الرئيس الروسي خلال استقباله رئيس الشيشان رمضان قادروف في الكرملين بعد مرور ساعات على الحادث ب «تشديد اجراءات مكافحة الإرهاب والمبادرة الى رد صارم وقوي». وزاد أن الشيشان وأنغوشيا «قامتا بعمل كبير لمواجهة الإرهابيين وما زال يتوجب عمل الكثير، ويجب أن يدرك من يرتكب هذه الأعمال (الهجمات) أن الرد سيكون قاسياً جداً ومباشراً» . وتعهد قادروف ب «القضاء نهائياً على الإرهابيين في وقت قريب». ومعلوم أن مدافعين عن حقوق الإنسان يتهمون قادروف بالإفراط في استخدام القوة والإعتماد على ميليشيات مسلحة تمارس انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان، ما أثار تكهنات أمس، بأن تعهده الجديد في الكرملين قد يطلق يده أكثر في الجمهورية الشيشانية وجارتها أنغوشيا. وأثار الهجوم على الرئيس الأنغوشي ردود فعل واسعة في أوساط البرلمانيين والسياسيين الروس، إذ دعا مجلس الدوما إلى تحرك قوي وحاسم في القوقاز لمواجهة تصاعد نشاط الإرهاب، وأعرب مشرعون روس عن الحاجة الى الرد بقسوة على الأحداث الدامية في القوقاز. ومعلوم أن الهجوم الجديد يشكل أحدث حلقة في سلسلة تفجيرات وعمليات اغتيال استهدفت خلال الشهور الأخيرة مسؤوليين أمنيين وسياسيين في أنغوشيا وداغستان المجاورة. ولا يكاد يمر أسبوع منذ مطلع العام من دون الإعلان عن مقتل شخصية بارزة أو أكثر في القوقاز. وكانت أحدث الهجمات استهدفت خلال الشهر الأخير وزير الداخلية الداغستاني ونائبة رئيس المحكمة العليا في أنغوشيا ونائب أنغوشي بارز. لكن رد الفعل القوي من جانب موسكو على الحادث الأخير فسره مراقبون بتصاعد المخاوف مما يصفه البعض بأنه «عملية منظمة يتم توجيهها من مركز واحد وتهدف إلى تفجير الوضع في القوقاز مجدداً»، خصوصاً أن اختيار توقيت الهجوم أمس، لم يكن صدفة، إذ تزامن مع ذكرى مرور خمس سنوات على أوسع هجوم شامل شنه مسلحون على نزران، وتمكنوا في حينها من إحتلال المدينة ليوم كامل هاجموا خلاله كل مراكز الأمن ودوائر السلطة فيها، وحولوها إلى مسرح حرب دموية، انسحبوا بعدها إلى الجبال المحيطة.