يؤكد قادة حركة الاحتجاج الاجتماعية في إسرائيل أن قرارهم وقف التظاهرات الأسبوعية، برغم النجاح في حشد عدد غير مسبوق من المتظاهرين في تاريخ الدولة العبرية (430 ألفاً مساء أول من أمس)، لا يعني انتهاء معركتهم إنما فقط الفصل الأول منها بهدف التوجه إلى وسائل نضالية أخرى لم يقرروا طبيعتها بعد من أجل تحقيق «العدالة الاجتماعية» التي طالبوا بها منذ اندلاع الحركة منتصف تموز (يوليو) الماضي، في وقت شكك معلقون في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية في أن تتجاوب الحكومة الحالية مع مطالب المحتجين في غياب سيف التظاهرات. وشرع قادة الحركة أمس في فك آلاف الخيام التي نصبت في الأسابيع الستة الأخيرة في أنحاء مختلفة في إسرائيل، وإن أبقوا على بعضها خصوصاً في قلب مدينة تل أبيب، لتكون بمثابة مقر دائم لهم. واتفقت تعليقات الصحف على اعتبار الحركة الاحتجاجية التي قادتها الطبقة الوسطى ضد غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الشقق «حدثاً تاريخياً» وإطلاق صرخة مدوية تقول إن الشعب لن يبدي بعد اليوم لا مبالاة في كل ما يتعلق بحقوقه الاجتماعية والاقتصادية. ورأى معلقون أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ستضطر إلى تحقيق بعض مطالب المحتجين إذا ما أرادت فعلاً البقاء في الحكم، متوقعين تغيّر الاولويات وأن تكون الأجندة الاجتماعية – الاقتصادية، وليس السياسية الأمنية، في صلب المعركة الانتخابية العامة المقبلة المتوقعة بعد عامين. وأشار هؤلاء إلى حقيقة تدخل الحكومة مرتين خلال شهر لمنع ارتفاع أسعار الوقود، وإلى اضطرار شبكات تسويق المواد الغذائية الى خفض أسعار منتجاتها لتجنب غضب المتظاهرين. من جهته، كرر رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أمس في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته، تعهده إجراء تغييرات «من أجل تصحيح مظالم اجتماعية»، معتبراً السجال العام الذي خلفته حركة الاحتجاج «فرصة استثنائية لإحداث تغييرات في هذا المجال». وأضاف ان لجنة الخبراء التي شكلها تجري حواراً مع آلاف المواطنين، «وأعتزم التحرك بسرعة بعد أن تقدم توصياتها من أجل الحفاظ على التوازن الصحيح بين الحساسية الاجتماعية والمسؤولية الاقتصادية». وينتظر قادة الحركة الآن التوصيات التي ستقدمها لجنة الخبراء وإن أبدوا شكوكهم في أن تتجاوب مع كل مطالبهم. وأعلن أحد قادة الحركة أمس أنه ورفاقه سيواصلون التظاهرات والحملات العامة لخلق ضغط على شبكات التسويق وعلى الحكومة من خلال الكنيست، «وأمامنا تشكيلة من الوسائل النضالية لحمل الحكومة على تغيير سلم أولوياتها». وأعلن رئيس اتحاد الطلاب الجامعيين ايتسيك شمولي أن قادة الحركة ينتظرون تحرك الحكومة «ونحن مستعدون لمساعدتها على توفير الحلول شرط أن تبدي نية حقيقية للإصغاء لمطالبنا»، مضيفاً أن الحركة لن تسمح بعد بالاستهتار بهذه المطالب. وحرص قادة الحركة منذ بدء التظاهرات وصولاً إلى التظاهرة الأضخم مساء السبت الأخير، على التأكيد أن حركتهم ليست سياسية، وحصروا مطالبهم في المسائل الاجتماعية – الاقتصادية فقط، وامتنعوا عن التطرق إلى موازنة الأمن الضخمة التي تصرف مبالغ طائلة على المستوطنات خشية إحداث انقسام داخل الحركة وفقدان دعم وسائل الإعلام لها ولمطالبها. وقال أحد قادة الحركة إن المطلوب هو إحداث تغيير جذري في سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية والعودة إلى دولة الرفاه والعدالة الاجتماعية وتقليص الهوة بين طبقات المجتمع المختلفة وعدم تحمل الطبقة الوسطى العبء الاقتصادي الرئيس. وبالرغم من أن الحركة الاحتجاجية لم تشكل خطراً على الحكومة اليمينية الحالية بزعامة «ليكود»، إلا أن مراقبين لا يستبعدون أن تكون نواة لاصطفافات سياسية وحزبية في المستقبل، وربما لنشوء حزب جديد تجذب أجندته الاجتماعية والاقتصادية ناخبين من الأحزاب المختلفة، خصوصاً في ظل ضعف حزبيْ «كديما» و«العمل» المعارضين في استغلال الحركة الاحتجاجية لزعزعة الحكومة الحالية.