أظهرت دراسة أن الاقتصاد المغربي يحتاج إلى تأمين نحو 250 ألف فرصة عمل جديدة سنوياً خلال العقد الجاري، بهدف تقليص معدلات البطالة من 9.1 في المئة حالياً إلى 6.7 في المئة، بزيادة 92 ألف وظيفة سنوياًَ مقارنة بالحاجة في العقد الماضي. وجاء في الدراسة التي أنجزتها «المندوبية السامية في التخطيط» وحصلت «الحياة» على نسخة منها، أن عدد العاملين في المغرب سيرتفع بواقع خمسة ملايين شخص ليصل إلى 15 مليون عامل بحلول عام 2030، وهي فئة متعلمة وحائزة على شهادات جامعية تشترط مجالات عمل ذات فائض قيمة مرتفعة، تحتاج معه إلى تطوير أنماط الإنتاج والخدمات القائمة بهدف استغلال الامتيازات التفضيلية الطبيعية والبشرية لإدراج الاقتصاد المغربي من ضمن قيم الاقتصاد العالمي. وأشارت الدراسة إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلّب نمواً سنوياً لا يقل عن 6.5 في المئة خلال العقد الجاري، في مقابل 4.8 في المئة خلال العقد الماضي، ما يتطلّب رفع معدلات الاستثمار الوطني إلى نحو 40 في المئة من الناتج الإجمالي من 35 في المئة حالياً. وزادت نسبة الاستثمار خلال العقد الماضي من 25 في المئة عام 1999 إلى 34.2 في المئة من الناتج الإجمالي عام 2010، ما أتاح للاقتصاد مضاعفة النمو الإجمالي من 2.2 في المئة إلى 4.8 في المئة سنوياً، وساعد على تقليص البطالة خمس نقاط إلى نحو تسعة في المئة من الفئة النشيطة. وأوضحت أن تقليص البطالة اقترن بالسعي إلى تحقيق نمو اقتصادي مرتفع وتوزيع اجتماعي وجغرافي للثروات بمساهمة السكان، ولتحقيق التنمية البشرية المستدامة بموازاة الفرص التي تتيحها العولمة واتفاقات التبادل التجاري الحر وسياسة الانفتاح الاقتصادي والجهوية (نظام المحافظات). وساعد تقليص النمو الديموغرافي في التغلّب جزئياً على مشكلة البطالة خلال العقدين الماضيين، إذ تراجع معدل الخصوبة إلى 1.6 في المئة لكن معدل سوق العمل بقي ينمو ب 2.4 في المئة في المتوسط بسبب الأجيال المنحدرة من الفترات السابقة المتميزة بخصوبة مرتفعة، ولولا معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة، لكانت البطالة اكبر بكثير. ولفتت الدراسة إلى أن 190 ألف شخص سيدخلون سنوياً سوق العمل خلال العقدين المقبلين، ليبلغ عدد القادرين على العمل 24.2 مليون شخص عام 2030، أي 64 في المئة من السكان، من بينهم مهاجرون من الأرياف إلى المدن سعياً للعمل. وتوقعت أن تكون الفترة الممتدة حتى عام 2018 صعبة للاقتصاد بسبب الضغط المتوقع على سوق العمل، إذ سيبلغ عدد الفئة النشيطة الافتراضية، الذين تراوح أعمارهم بين 15 و60 سنة، أكثر من 20 مليون شخص سيعيش 60 في المئة منهم في المدن الكبرى، وستمثل فئة الشباب الجامعيين أكثر من 45 في المئة من الفئة النشيطة، في حين سيتراجع عدد الأطفال تحت تأثير خروج المرأة للعمل وتأخر سن الزواج، وستتضاعف فئة الشيوخ من 8.3 في المئة إلى 15 في المئة من السكان، أي نحو ستة ملايين شخص عام 2030، مقارنة بنحو 1.5 مليون في عام 2000. ويتخوّف محللون في حال نجحت الرباط في التغلب على مشكلة بطالة الشباب خلال هذا العقد عبر زيادة النمو، من احتمال مواجهة مشكلة شيخوخة المجتمع وأزمات صناديق التقاعد بحلول العقد المقبل، وعجز صناديق التحوّط الاجتماعي من الوفاء بالتزاماتها المالية، إذ سيتراجع معدل العاملين إلى المتقاعدين من خمسة على واحد إلى ثلاثة على واحد. وتدرس الحكومة مند فترة سيناريوات عدة لتخطي مشاكل صناديق التقاعد عبر تمديد سن العمل إلى 62 سنة أو رفع رسوم الاشتراك ودمج بعض الصناديق، لكن النقابات العمالية تعارض الصيغتين لأنها تضر بمصالح العاملين وتغض النظر عن الاختلالات المالية السابقة، والتي قدرتها لجنة تحقيق برلمانية بنحو 15 بليون دولار على مدى أربعة عقود في «صندوق الضمان الاجتماعي».