أعدت قنوات تلفزيونية اوروبية حُزمة من البرامج الخاصة لمناسبة انطلاق مونديال البرازيل، لكنّ اللعبة الأكثر شعبية في العالم بدت في ما عرض في كثير من تلك البرامج مناسبة فقط للغوص في شؤون إنسانية أكثر تعقيداً وصعوبة، أحياناً عن البرازيل نفسها، وأحياناً أخرى عن أحوال الناس في الدول التي أنتجت تلك البرامج. «لِعب بقلوب يملؤها الأسى»، هذا يكاد يُلخص مُحتوى برنامج «كأس العالم... أطفال الشوارع» الذي يعرض على شاشة القناة الثالثة ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) والذي بدأت عروضه قبل أيام. فالمونديال الموازي الذي يقدمه البرنامج التلفزيوني، والذي ربما لم تسمع به الا قله، نظّم قبل أشهر في البرازيل أيضاً، وتتنافس فيه فرق رياضية تمثل بلدانها، لكنّ مع أعضاء من المشردين او الذي يعيشون مع عائلات تبنتهم. هو مونديال المنسيين من البشر، والبرنامج يركز على الفريق البريطاني النسائي الذي كان يستعد للمشاركة في البطولة الدولية الحديثة. وكعادة هذا النوع من البرامج، لا يكتفي «كأس العالم أطفال الشوارع « بتقديم استعدادات البطولة المقبلة، بل ينبش في القصص الخلفية للفتيات المشتركات، واللواتي جمعتهن المسابقة، فيرافق كل من أعضاء الفريق، ويفرد مساحة لقصتها، وكيف فقدت عائلتها الأصلية والتحديات النفسية والاجتماعية التي تواجهها هذه الفئة. البرنامج لا يكتفي بالتحضيرات للبطولة الخاصة، بل يسافر مع الفريق البريطاني الى البرازيل، ويقدم بعجالة قصصاً عن أعضاء من الفرق المنافسة، والتي مرّ أعضاؤها بتجارب حياة أكثر قساوة من الفريق البريطاني. وعلى رغم الطابع الرياضي الصرف لبرنامج «لينيكر في البرازيل: اللعبة الجميلة»، والذي قدمه لاعب كرة القدم السابق الذي تحول الى العمل التلفزيوني غاري لينيكر، وعرض على الشاشة الأولى لقناة «بي بي سي»، الا إنه حاول أن يخرج أحياناً عن نقاشات كرة القدم، ليبحث قليلاً في قصص اللعبة الشعبية في البرازيل، وكيف تحولت الرياضة التي اخترعها الإنكليز الى جزء من الحمض النووي للبرازيليين. إذ تكاد تكون الخسارات في البطولات الدولية تشبه النكسات الوطنية، ولا يهم عندها اذا كانت الخسارة في الدور الأول للمونديال او في المباراة النهائية، فالحزن واحد، كما وصف صحافي رياضي برازيلي. ينجح اللاعب البريطاني السابق غاري لينيكر في تدبير حوارات، منها مع بيليه ورونالدو. وإذا كان الأول أطل عبر التلفزيون لعقود طويلة، الا ان الحديث عن مسيرة إمبراطور الكرة البرازيلي، خرج هنا عن دائرة الاحتفال المُبسط بسيرته، واتجه الى تحليل عصره، والمحطات الأقل شهرة من حياته. في حين كشف رونالدو بعض التفاصيل غير المعروفة عن مشاركة منتخب بلاده في بطولات كأس العالم في نهاية الألفية الأخيرة، والكابوس الذي عاشه لأربع سنوات، من 1998، عندما خسر منتخب بلاده البطولة لمصلحة فرنسا، وحتى فوزه مع منتخبه بالبطولة اللاحقة في عام 2002. في المقابل، فإن توقيت ووجهة رحلة برنامج «ديفيد بيكهام إلى المجهول» يتعلقان بمونديال البرازيل (عرض على شاشة «بي بي سي» الأولى). فاللاعب البريطاني ديفيد بيكهام الذي حصد شهرة واسعة على البساط الأخضر، توازيها اخرى لا تقل حجماً خارجه، يقرر السفر الى البرازيل، وبخاصة الى غابات الأمازون فيها، لاكتشاف نفسه، والتفكير في السنوات التي مرت سريعاً وهو مشغول بكرة القدم. في رحلته هذه، سيمرّ بيكهام على مسيرته كرياضي وإنسان بصدق كبير، كما سيقدم ما حوله من مشاهد من البلد الساحر، والذي كان كثر من أبنائه يتعرفون على لاعب الكرة البريطاني، فنجوم كرة القدم لهم شهرة كبيرة في البرازيل، وحتى في غابات الأمازون!