منذ البداية، شعرتُ أنها قضية خاسرة يقول خبير عسكري كرواتي استحضره نظام معمر القذافي للمساعدة في قمع الثوار ومواجهة الناتو في ما بعد. يقول المحارب السابق في حروب يوغسلافيا السابقة أن "معظم الرجال الذين كانوا تحت امرتي من جنوب ليبيا وتشاد، الإنضباط كان سيئاً جداً، وكانوا يكادون يعجزون عن تعلّم أي شيء. لكن الأمور كانت على ما يرام قبل بدء الهجمات الجوية. الثوار في الجهة الأخرى كانوا من نفس المستوى إن لم يكونوا أسوأ، ما كان سيسمح للقذافي بسحقهم لولا تدخل الناتو". حتى تموز (يوليو)، يقول ماريو (اسم مستعار) أن أكثر من 30 بالمئة من الرجال بقيادته كانوا قد فروا أو انقلبوا على معمر القذافي وانضموا إلى صفوف الثوار. الضربات الجوية للناتو احزرت بذلك الوقت العديد من الضربات المباشرة على قواته موقعة العديد من الخسائر الجسيمة. عندئذٍ يقول ماريو أن العتاد العسكري فقد فعاليته و دوره كما في السابق، لذلك كان علينا حينها التمويه وتجنب المساحات المفتوحة. بعيداً عن الجبهة وفي داخل النظام، عدم الثقة، وعدم التنظيم زاد من تقليص سيطرة القذافي على السلطة. يقول ماريو أن الحياة في مجمع القذافي وملاجئه كان سوريالياً. حفلات ونساء، كحول ومخدرات. "أحد أقرباء القذافي أخذني إلى إحدى فيلاته حيث عرضوا علي أي شيءٍ يمكن تمنيه. سمعت رواياتٍ عن أشخاصٍ يقتلون فقط للمرح، وآخرين يجبرون على لعب الرولت الروسية بينما يتفرج عليهم الجمهور ويضع رهاناته". الحساسية بين أولاد القذافي، دفعتني إلى التأكد بأن قضية القذافي كان مصيرها الهلاك. " لاحظت أن هناك منافسة شديدة بين أولاده.في إحدى المرات وفي طريقنا من سبها إلى الحدود الليبية مع النيجير، كاد أن يحصل إشتباك مسلح بين كتيبتي محمد وسيف الإسلام القذافي. رأيت مجموعة من المسلحيين تستجوب مجموعة أخرى تحت تهديد السلاح لعدة دقائق." يحترم ماريو القذافي، ومعجب بسيف الإسلام الذي أقام لنفسه حسب قوله حفلة صاخبة لعيد ميلاده السابع والثلاثين على ساحل مونتنغرو، وهي أحدى أجدد وأكثر المناطق إستقطاباً للأثرياء في أوروبا. العلاقات بين القذافي وجمهورية يوغسلافيا السابقة تعود إلى أيام تيتو الذي ربطته علاقة تحالف وصداقة مع القذافي قبل وفاته. يقول ماريو إن القذافي إستعان بالعديد من الخبراء السابقين اليوغسلاف، معظمهم من الصرب لمساعدته في مواجهة الناتو. ولكن بعد إشتداد المعارك بدأو بالرحيل واحداً تلو الأخر. "لاحظت أن الكثير كانوا يدٌعون الولاء للقذافي نتيجة الخوف، وكانوا ينتظرون الفرصة المناسبة للإنقلاب عليه." ويشير إلى أن " العديد من الضباط اقروا له إستحالة صمودهم بوجه الناتو." غادر ماريو طرابلس قبل 12 يوماً بعد وصوله تحذير من قبل أحد الأصدقاء الذي أتى به إلى طرابلس قائلاً له أنه عليه المغادرة الأن، بعد حصوله على معلومات بأن الوضع سيصعد بشكل سريع، وقد تم عقد صفقات عديدة ستؤدي إلى تصعيد الهجوم ضد القذافي". بعد ذلك لاحظ ماريو أن العديد من المرتزقة الجنوب افريقيين بدأوا بمغادرة طرابلس، ما دفعه إلى حسم قراره والمغادرة. "حاولت الإتصال بسيف الإسلام قبل مغادرتي، لكن الوصول إليه كان صعباً، بعدها تلقى أحد الأصدقاء الذي غادرت معه إتصالاً منه يسألنا إذا كنا بحاجة إلى شيء،و أنه لا داعي للذهاب و أن قواته ستستعيد كل ليبيا من جديد." ------------------------ * المؤلف: يوفو مارتينوفيتش، المصدر: مجلة التايمز الأميركية، ومراجع أخرى