قرأت هذا الخبر قبل أيام عدة «حرّر رجل شرطة في دولة الكويت مخالفة غريبة لوافد عربي حملت عنوان «خروج رائحة كريهة من الفم». ووفقاً لما نشرته صحيفة «الأنباء» الكويتية، اعتبر مصدر أمني عنوان المخالفة غريباً للغاية، مشيراً إلى أن الإشكالية في هذه المخالفة هي كيفية تحديد قيمة مخالفة رائحة الفم؟ وهل هي مخالفة جسيمة تستدعي حجز المركبة مدة شهرين، أم إمكان إجراء أمر صلح بشأنها، خصوصاً أنه على ما يبدو أن رجل الأمن اشتم رائحة كريهة ولحقت به أضرارٌ جسيمة؟ لدي مشكلة كبيرة أنا شخصياً مع الروائح ومع النظافة بالتأكيد، ولكن مخالفة كهذه تتطلب معايير محددة، من ضمنها كتابة المخالفة في لوحة كبيرة، بحيث تحتوي على أشكال المخالفات المستحقة للعقوبة وعلى روائحها وعلى أي أساس استوجب إعطاؤها للرجل، على رغم أن من الأجدى تسليمها على منافذ الدولة في الطائرات وفي الموانئ وعند نقاط التفتيش، ليعرف المقيم والمواطن أن عدم نظافته، وعدم التزامه بالزي المطلوب الذي يفسد الذوق العام يستوجبان الحصول على المخالفة، ولكن هل بإمكان رجل الشرطة الكويتي إعطاء المخالفة نفسها لمواطن كويتي؟ مجرد سؤال جال في خاطري. على رغم اعترافي الشديد بأهمية النظافة، وأهمية مراعاة الآخرين الذين يظلمون كثيراً بسبب روائح البعض، وبسبب سلوكياتهم غير المبروكة التي تجذب انتباهنا وأبصارنا وأسماعنا بشدة في الشوارع، على رغم مسارعتنا بتغميض العيون خوفاً أن نرى ما شكل اللؤلؤ الذي ألقي في الشارع على حين غرة! أعود لأقول من الذي يحدد ذلك؟ هل رجل الشرطة وحده؟ سؤالي الثاني وعلى أي أساس؟ هل هناك لجان منتخبة تحدد شكل وملاءمة الملابس، ومهمتها تحديد الروائح الكريهة من عدمها؟ وإذا تم تحديدها وإثباتها مكتوبة، فهل يمكن لأي شخص رفع قضية أو إعطاء مخالفة للآخرين بتهمة تعرضهم لأضرار جسيمة تضر النظر والسمع، وتضر كثيراً بحاسة الشم الذي يتحسس رائحة العرق وعدم النظافة ورائحة الطبخ؟ كم زوجاً يعاني من رائحة زوجته التي تنام بملابس الطبخ نفسها، ثم تشتكي من هروب زوجها للاستراحات وغيرها؟ كم زوجاً يشتكي من عدم رومانسية زوجته وعدم إقبالها عليه، وهو لا يلتفت ولا يحاول أن يشم رائحة ثوبه الذي يصرخ من رائحة العرق أو رائحة الدخان في فمه وقلة استخدام السواك أو فرشاة الأسنان؟ طلبت أستاذة في الجامعة الطلاق، لأن زوجها الأستاذ الجامعي يرفض الاستحمام، وحدّدت له المحكمة أن يستحم مرة واحدة أسبوعياً كحد أقصى، مع تهديده إذا لم يلتزم بالحكم، فإن الزوجة تطلق منه بحكم المحكمة وطلقت الزوجة بعد أسبوعين من الصلح، لأن الزوج التزم بالاستحمام، ولكنه لم يلتزم بتغيير ملابسه المستعملة التي لا يروق له تغييرها، على رغم ازدحام وامتلاء خزانته بالملابس. سؤالي الأخير قبل أن أغادر وأترككم لمخيلتكم، لو قدر لكم إعطاء مخالفة لشخص ما، نتيجة لضرر معنوي ومادي ونفسي أصابك فلمن تقدمها؟ وما العقوبة التي ستمنحنها له؟ ولماذا؟ النظافة من الإيمان شعار يجب أن نعمل به، وسنة نبوية عظيمة تراعي كل مشاعرنا من شأنها أن تحافظ على الرباط المقدس، ولا تعرضه للهزات المفاجئة التي قد لا ينتبه إليها البعض، نتيجة لتربية خاطئة لم تراع مشاعر الآخرين ولا تهتم بها، وعرّضت الآخرين لأضرار جسيمة. [email protected]