تخوض لجان إزالة التعديات على الأراضي الحكومية في منطقة عسير حرباً على مخالفي الأنظمة، الذين استولوا على قطع أراضي من دون وجه حق، وأثمرت جهودها خلال العام الماضي وحده عن كشف 105 تعديات على أراضي تصل مساحتها إلى عشرات الآلاف من الأمتار المربعة. ويطالب مواطنون بأن تضرب الجهات الحكومية المعنية بيد من حديد على المخالفين الذين يسرقون الأراضي. فيما يعزو خبراء قانونيون هذه التعديات إلى وجود أنظمة حكومية مطاطة وبطيئة تساعد الجشعين على المضي قدماً في مخالفاتهم، إضافة إلى تواطؤ أجهزة رقابية مطلعة على تفاصيل تلك الأراضي ما يجعل هذا الأمر يرتقي إلى مصاف الظاهرة. وذكر مصدر مطلع في لجنة إزالة التعديات في مدينة أبها، أن آخر إحصائية صدرت من اللجنة للموسم 1431ه أثبتت وجود 105 حالات تعدي على الأراضي الحكومية، تم استعادة 12 كيلو متر مربع قرب مدينة الأمير سلطان على طريق خميس مشيط وسلمت للبلدية، واستعادة 3 كيلو مترات في الملاحة خط الطائف وسلمت ل«أمانة عسير»، واستعادة نحو مليون متر مربع سلمت لوزارة الإسكان. وأكد المصدر وجود جولات يومية وفعالة ودقيقة على المواقع كافة، بمساعدة إدارات حكومية عدة من أبرزها «المجاهدين» لحراسة المواقع ليلاً، مشيراً إلى أن عوامل كثيرة تساعد على انتشار ظاهرة التعدي على الأراضي منها غياب الوازع الديني للمعتدي على أرض ليست ملكاً له، والرغبة في الثراء السريع وضعف بعض الإجراءات الرسمية، التي تعرقل لجان التعديات وإزالتها، وإشراك النساء في الدفاع عن المعتدي على الأراضي ليتمكن من تعطيل إزالة الإنشاءات فيها الأمر الذي دفع اللجان العاملة إلى جلب سجانات يساعدن في إبعادهن عن المواقع التي يجري إزالة التعديات منها. وشدد شيخ بني مغيد وبني نمار علي بن سعد على أهمية مكافحة الاعتداءات على الأراضي ومؤازرة الدولة في وقف كل شخص أصابه الجشع عند حده ومنعه من التعدي على أملاك المواطنين أو الأراضي الحكومية. وأضاف ل«الحياة»: «علينا دور كبير كمواطنين وكمسؤولين في إنهاء هذه الظاهرة وأن يعم النظام ويطبق بصرامة، ويمكن بحث أية مطالبات فيها حق ومنطق على الأراضي ولكن بالشكل السليم والصحيح والمنطقي». ودعا المواطن فيصل اليزيدي إلى تطبيق أقصى العقوبات الرادعة على الشخص الذي يعتدي على أرض حكومية، إضافة إلى معاقبة أي موظف حكومي مرتشي أو متواطئ في هذا الأمر. من جهته، اعتبر المستشار القانوني يحيى الشهراني أن الأنظمة المطبقة حالياً تساعد بعض ضعاف النفوس على التعدي على الأراضي. وقال ل«الحياة»: «مع الأسف أن النظام مطاط وروتينه بطيء للغاية ويساعد الراغبين في التعدي الذين أصبحوا يعون النظام جيداً ويعملون على التعديات بطريقة باردة تساعد على تفشي الظاهرة عندما لا تجد رادعاً». واقترح وضع نظام ولائحة جزائية صارمة مالية وتصل إلى حد تطبيق عقوبة السجن، مع إجراء إصلاحات كبيرة في بعض الأجهزة الحكومية المقصرة ومعاملة بعض الموظفين المقصرين أو المتواطئين مع المعتدين بصرامة وجزاء رادع. وأكد أن اللجان العاملة في هذا المجال في إمارات المناطق أو غيرها ليست كفيلة بإنهاء المشكلة لأنها أعمق من ذلك، وتحتاج إلى علاج جذري وليس وقتياً، وذلك وفق قوانين مدروسة ولوائح تراعي الجوانب كافة، «وهنا لا يجب أن نغفل دور بعض الموظفين في إدارات قد يخالفون النظام ويحتالون عليه ويمررون ما يريدون، وأعتقد أن من يقوم بمثل هذه التصرفات ارتكب مخالفة، ويجب أن يعاقب عليها كما يعاقب المعتدي على أرض».