لم تكد تمر ساعات قليلة على تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالرد بقوة وصرامة على هجمات إيلات التي قال إن مصدرها قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل 7 وجرح أكثر من 25، حتى شنّت مروحيات إسرائيلية غارة على منزل في رفح جنوب القطاع خلّفت ستة شهداء، بينهم الأمين العام ل «لجان المقاومة الشعبية» كمال النيرب، والقائد العسكري عماد حماد، وثلاثة من كبار مساعديهما وطفل. وفي تطور لاحق في ساعات المساء، تبادل الجيش الإسرائيلي النيران مع أفراد خلية أخرى من المسلحين في منطقة الجنوب أصيب خلالها إسرائيليان بجروح بالغة. وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن الاشتباك وقع حين كانت قوة من الجيش تقوم بعملية تمشيط بحثاً عن مسلحين آخرين تسللوا إلى أراضيها، فتعرضت إلى إطلاق نار من الجانب المصري من الحدود، فرد أفرادها بالمثل. وتابعت أن قوات الأمن المصرية قتلت اثنين من المسلحين الذين أطلقوا النار. واعادت هجمات ايلات خلط الاوراق بعدما كانت اسرائيل محاصرة بأزمتها الداخلية المتمثلة بالتظاهرات المطالبة بالعدالة الاجتماعية، بموازاة الازمة السياسية المتمثلة بإصرار الفلسطينيين على التوجه الى الاممالمتحدة للحصول على عضويتها واعترافها، اضافة الى قلقها الكبير من التغيير الحاصل في النظام المصري بسبب الثورة. اذ سارع البيت الابيض الى ادانة «الهجمات الارهابية الوحشية» في ايلات ب «أقسى العبارات»، معرباً عن أمله في «محاسبة المسؤولين عنها بسرعة»، كما دان الاتحاد الاوروبي «من دون تحفظ كل الاعمال الارهابية». وفيما حضت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مصر على الوفاء بالتزاماتها الاخيرة لجهة ضمان الأمن في سيناء وايجاد حل دائم، اعلن ممثلو الحركة الاحتجاجية في اسرائيل ان التظاهرات الاجتماعية أُرجئت «حتى يتم حل الوضع». وخيّمت اجواء من القلق والترقب على قطاع غزة، خصوصا بعد غارة رفح واستمرار تحليق الطائرات الاسرائيلية في سماء القطاع مساء امس، والاعلان عن اغلاق معبر رفح الحدودي من جانب مصر، ومعبر كرم ابو سالم من جانب اسرائيل، اضافة الى اصدار مكتب مكافحة الارهاب الاسرائيلي مذكّرة تحذّر الاسرائيليين من السفر الى سيناء، وتدعو الموجودين هناك الى العودة الى فورا. وتفاقمت اجواء القلق بعد التهديدات الاسرائيلية الرسمية، وعلى رأسها تهديد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بأن إسرائيل «ستجبي ثمناً باهظاً جداً من قادة الإرهاب». وقال في ايجاز للصحافيين: «رأينا اليوم محاولة لتصعيد في جبهة الإرهاب من خلال هجمات في سيناء. وإذا كان هناك من يظن أن اسرائيل ستسلّم بالأمر فهو مخطئ. لقد وضعتُ مبدأ يقول إنه عندما يتم أذية مواطني إسرائيل، فإننا نرد فوراً وبقوة. هذا المبدأ تم تطبيقه اليوم، ومن أعطوا الأوامر لقتل مواطنينا وأختبأوا في غزة ليسوا بين الأحياء بعد». وسبق ذلك قول باراك ان الهجمات «عمل إرهابي خطير تمّ في عدد من المواقع»، غامزاً من قناة مصر بقوله ان الهجمات «تكشف تراجع السيطرة المصرية في سيناء واتساع نشاط الخلايا الإرهابية فيها». وأضاف أن مصدر العمليات الإرهابية هو قطاع غزة، «ونحن سنتحرك ضدها بكل القوة والصرامة». من جانبها، نفت حكومة غزة و«حماس» التي تقودها أي علاقة لقطاع غزة بهجمات ايلات، معتبرة ان «الاحتلال يحاول تصدير أزماته الداخلية»، ومشددة على انها لن تقف مكتوبة الايدي في حال شن اي عدوان على غزة. واكد مصدر امني إخلاء غالبية المواقع الامنية في القطاع تحسباً لهجوم اسرائيلي. وفي القاهرة، نفت مصادر امنية ان يكون الكمين على الحافلة في ايلات انطلق من الاراضي المصرية، كما نفى محافظ جنوبسيناء اللواء خالد فودة وقوع إطلاق نار من الجانب المصري في مدينة طابا (جنوبسيناء) تجاه ميناء إيلات الإسرائيلي، موضحاً أن المسافة بينهما لا تسمح لأي فرد بإطلاق النار على الجانب الآخر، ومؤكدا أن محافظة جنوبسيناء هادئة. وكان الجيش الاسرائيلي اعلن في بيان تفاصيل هجمات ايلات، مشيرا الى أن «إرهابيين أطلقوا النار على حافلة كانت في طريقها (من مدينة بئر السبع) إلى ايلات، وأطلقوا صاروخاً مضاداً للدبابات على حافلة أخرى، فيما انفجرت شحنة ناسفة في دورية للجيش». وطبقاً للتقارير الإسرائيلية، فإن قوة من الجيش طاردت المهاجمين وقتلت سبعة منهم، وأغلقت عددا من الطرق الرئيسة ومداخل ايلات وبئر السبع تحسباً لهجمات. وبحسب مسؤول شارك في جلسة المشاورات الطارئة في مكتب وزير الدفاع بحضور رئيس هيئة الأركان، فإن «أفراد الخلية نجحوا في التسلل من الأراضي المصرية التي وصلوا اليها من قطاع غزة»، مضيفاً أنهم «غادروا غزة عبر الجنوب ودخلوا الصحراء وجاؤوا إلى إسرائيل».