دخل الموقف الأميركي من النظام السوري أمس منعطفاً تصعيدياً بإعلان واشنطن أن على الرئيس بشار الأسد «التنحي جانباً» و «الابتعاد من طريق المرحلة الانتقالية»، متعهدة في الوقت نفسه احترام رغبة الشعب السوري الرافضة لأي تدخل خارجي. وعبر عن الموقف الأميركي الذي سبقته استشارات مكثفة مع أطراف أوروبية وإقليمية، خصوصاً تركيا، الرئيس باراك أوباما في بيان مفصل أكد فيه دعم واشنطن للمرحلة الانتقالية التي «بدأت وستأخذ وقتاً» في سورية، كما أكدت بعده وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وإذ أكد أوباما أن الأسد «لم يقد لمصلحة الشعب السوري، وحان الوقت ليتنحى جانباً»، شددت كلينتون على ضرورة حصد دعم المجتمع الدولي وأطراف إقليمية لإنجاح المرحلة الانتقالية. وأكدت كلينتون أن واشنطن «تفهم الرغبة القوية لدى الشعب السوري لعدم تدخل أي دولة خارجية في نضاله، ونحن نحترم تمنياته». وتحدثت عن الضغوط والعقوبات التي ستستخدمها الإدارة وحلفائها ضد النظام السوري. وكان أبرز هذه العقوبات أمس توقيع أوباما أمرين تنفيذيين يجمدان أي أرصدة للحكومة السورية تحت النطاق الأميركي، ويمنعان أي تعاملات نفطية وتجارية عبر أو مع سورية لأي شخص أميركي. وكان بارزاً في موقفي أوباما وكلينتون تأكيدهما أنه لم يعد للنظام السوري إلا إيران لاستقاء الدعم منها لاستراتيجية القمع التي ينتهجها ضد التظاهرات المطالبة برحيله، واعتبار كلينتون أن ما يجري في سورية هو تهديد للأمن والسلم الدوليين. وقال أوباما في أمر تنفيذي يفرض عقوبات تشمل تجميد كل أصول الحكومة السورية التي تخضع لاختصاص القضاء الأميركي ويحظر أي صفقات أميركية مع حكومة الأسد: «من أجل الشعب السوري حان الوقت كي يتنحى الرئيس الأسد». وتشمل العقوبات الجديدة أيضاً حظر الواردات الأميركية من النفط أو منتجات النفط السورية التي تمثل نسبة ضئيلة من واردات النفط الأميركية وتحظر على المواطنين الأميركيين التعامل أو الاستثمار في سورية. وفرضت الولاياتالمتحدة بالفعل جولات عدة من العقوبات على الأسد ومسؤولين سوريين آخرين ومؤسسات مالية، لكن يعتقد أن تأثيرها ضئيل نظراً إلى الطبيعة المحدودة للتعاملات الأميركية - السورية. غير أن كلينتون رأت أن العقوبات الأميركية على قطاع النفط السوري «تضرب قلب نظام» الأسد وتدعم مطالبتها له بالتنحي. وصرحت في بيان تلته على الصحافيين بأن «هذه العقوبات تضرب قلب النظام عن طريق حظر الواردات الأميركية من النفط السوري ومنتجاته، وتحظر على الأميركيين التجارة في هذه المنتجات... وفي وقت نضاعف الضغط على نظام الأسد لشل قدرته على تمويل حملته العنيفة، سنتخذ تدابير للتقليل من التأثير غير المرغوب لهذه العقوبات على الشعب السوري». وأضافت: «الشعب السوري يستحق حكومة تحترم كرامته وتحترم حقوقه وترقى لمطامحه. والأسد يقف في طريقه... من أجل الشعب السوري، حان الوقت كي يتنحى ويترك هذا التحول للسوريين أنفسهم وهذا ما سنواصل العمل لتحقيقه». وأعلن البيت الأبيض أمس أن أوباما «لا يعتزم» استدعاء السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، بعدما دعا الأسد الى التنحي للمرة الأولى. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور: «نحتاج الى أن يبقى (السفير) هناك». وشدد مسؤول أميركي آخر على أن الولاياتالمتحدة على يقين من أن الرئيس السوري بشار الأسد «في طريقه للرحيل». وقال إن واشنطن واثقة من أن العقوبات التي أعلنها البيت الأبيض على سورية ستتبعها خطوات مماثلة من جانب دول أخرى.